"أمن الأردن عبادة نتقرب بها إلى الله عز وجل" هذه العبارة ليست شعاراً أو مقولة بل هي إيمان وعقيدة وممارسة وواقع حال، تؤمن بها الحركة الإسلامية.
ذلك أن الأردن هو جزء من الأرض المباركة ومدنه هي أقرب إلى مركز البركة "سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله"، فلا يعتقد أي كان أن الأرض المباركة تحدها حدود سياسية مصطنعة أو يفصلها نهر أو جبل. لكن البركة تزداد كلما اقتربنا من مركز البركة (المسجد الأقصى) فالسلط وعمان أقرب إلى مركز البركة من النقب، وكذا الحال تتسع دائرة البركة دائرة تلو دائرة حتى تشمل كل فلسطين الجهاد، وأردن الرباط، وشام البركة "اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا".
ومن هنا فإن الحفاظ على أمن الأردن واستقراره، وأمن أبنائه، هي فريضة وعقيدة لا نقبل لأي كان أن يخترقها مسؤولاً كان أم مواطناً. وعندما نعلن هذا الموقف فهذا لا يعني أن تتوقف الفعاليات الشعبية والضغط للمطالبة بحقوق الأردنيين.
ذلك أن انتقاص حقوق الأردنيين المعيشية والسياسية هو اعتداء على أمن الأردن، مثلما هو الحال بأي تحرك يهدف إلى الإخلال باستقرار الوطن أو أمن مواطنيه.
لذلك فإن من حقنا أن نرفع الصوت عالياً للمطالبة بحقوق الأردنيين السياسية والمعيشية، من حقنا أن نطالب بعملية إصلاح سياسي حقيقي تفضي إلى إعادة الأمور إلى نصابها وتعيد للأردنيين حقهم في انتخاب مجلس نيابي حقيقي، وأقولها مرة تلو مرة (مجلس نواب حقيقي) يمثلهم سياسياً وليس خدمياً غير مسلوب الإرادة ولا مكبل اليدين، من خلال قانون انتخاب عصري يفضي إلى انتخابات برامجية تراعي مصلحة الوطن كل الوطن، وليس تمثيلاً جهوياً أو عشائرياً أو مناطقياً يعمل على تمزيق الوطن، ويفضي إلى تشظي المجتمع.
من حقنا أن نطالب بحكومة منتخبة تعرف لماذا جاءت ولماذا ذهبت، أعضاؤها سياسيون وليسوا موظفين، انتماؤهم للوطن وليس لمصالح أو منافع.
من حقنا أن نطالب بقطع يد الفساد الذي أوصلنا إلى هذا الواقع المعيشي الذي لا يستطيع فيه أغلب الأردنيين أن يلتقطوا أنفاسهم عدا عن أقواتهم، فساد أوصلنا إلى مديونية لم يسببها فقراء الأردن، بل الفاسدون ممن اغتنوا زوراً على حساب الناس.
من حقنا أن نرفع صوتنا لنطالب بالكرامة التي هدرت سعياً وراء لقمة معيشتنا لإعالة أبنائنا وتعليمهم وتمريضهم، من حق الأردنيين أن يطالبوا أن يعيشوا الكفاف في ظل كرامتهم.
نعم من حقنا أن نطالب بإلغاء كل القوانين العرفية التي تكمم الأفواه وتسلب الأردنيين حقهم في التعبير، والتجمع للمطالبة بممارسة حقوقهم.
لكننا في ظل كل هذه الحقوق والمطالب لا نقبل أن ننزلق إلى متاهة الفوضى والتشرذم وانعدام الأمن، لا نقبل أن تمتد يد للعبث بأي مؤسسة عامة أو ممتلكات خاصة، لا نقبل أن تمتد أي يد لتسيء إلى أي مواطن تختلف معه في الرأي أو رجل أمن يقوم بواجبه تجاه وطنه.
ولا يظن أحد أننا بهذه العقيدة والإيمان الحريص على الأردن بكل مكوناته، أننا قد نمالئ أحداً أو نزايد على أحد، فالثمن دفعناه سلفاً سجناً وراء سجن وإقصاء وحرماناً وظلماً وقهراً، لكن كل ذلك لا يدفع أياً كان أن يحنق على الوطن أو أي من أبناء الوطن.
نعم نحن معنيون جميعاً كأردنيين نقتسم لقمة العيش، رفاقاً وإخواناً يساريين وإسلاميين وقوميين ووسطيين مسلمين ومسيحيين أن نجهر للمطالبة بحقوقنا... ولكن في ظل أمن هذا الوطن.