ربما هي المرة الاولى الذي يمكن للمرء فيها ان يتمنى ان يخيب مجلس النواب توقعاته، وهو يرى فيه مانحا دائما الثقة، علماً أن الأمل بأن يحدث هذا المجلس انقلابا فيتجرأ على اسقاط الحكومة يظل شبه معدوم، لكن الفرصة التي أمامه من أجل ذلك تكاد تكون ذهبية، وقد لا تتكرر أمامه مرة أخرى، ولنتأمل المشهد.
جرت العادة او العرف كمفهوم بالأذهان أن المجلس الذي يسقط حكومة بحجب الثقة يحله الملك بالمقابل؛ ذلك باعتبارهم أسقطوا الرئيس الذي اختاره. الآن الأمر مختلف؛ لأن النواب هم الذين اختاروا الرئيس حسب ما قيل وجرى بينهم وبين رئيس الديوان فايز الطراونة. والحال يعني أن الملك سيحمل النواب مسؤولية خيارهم، طالما اختاروه ثم اسقطوه، ولن يكون محتاجاً إلى حل المجلس؛ لأن الذي أسقط ليس خياره المباشر، إلا بقدر التكليف بناءً على رغبة النواب.
وعليه؛ فإن النواب الآن ليسوا بمحل خشية من حل مجلسهم إن عمدوا إلى اسقاط الحكومة فعلا، وعلى العكس فهم في موقع القادر على الكسب الشعبي والحصاد السياسي إن هم فعلوا، وسيسجل التاريخ لمجلسهم ما لم يسجل بتاريخ المجالس النيابية لجهة تميزهم، والاهم من ذلك أن قدرتهم ستكون فريدة وهم يتابعون ردود الفعل المرحبة، التي ستعيد للمجلس هيبته ووقاره واستعادة الثقة فيه وبهم.
إن سقطت الحكومة الآن فإن الإجراء الطبيعي هو تكليف جديد، وهذه فرصة امام مطبخ القرار ايضا للخلاص من الرئيس الحالي بعد استهلاكه تماما؛ فالثقة الشعبية فيه لم تعد مطمئنة وهو يخسرها تباعا طالما استمر بسياسة رفع الاسعار، كما ان الذهاب الى بديل قد يؤمن إعادة الثقة بأي حوار تفاهمي على الاصلاح، واعادة الهدوء للشارع، وهذا افضل الممكن لمواجهة المرحلة وتداعيات ما يجري من حولنا.