الناس ملت جلابيب الآباء، وتريد الخروج منها الى ما له علاقة بالواقع والحياة العملية والعلمية، بعيدا عن أي وصاية وأبوة زائفة، ورعوية فاشلة استنفدت اغراضها، ولم تعد صالحة لعصر العقل والحقائق، أو أي ادعاء بحق التوجيه والعناية، واصدار الاوامر بلا تبعات ومسؤولية عنها، وقد تجاوز العالم المتحضر كل ذلك، لذا نجده أبعد عنا عدالة وشفافية، ونزاهة وحقوق، ومتابعة انتهاكات قيم الدولة عشرات السنين، ولم يعد الامر يحتاج الى أي لجان، ولا إلى أي تقارير لمعرفة بواطن الخلل؛ إذ إنها اوضح من الشمس إلى درجة أن من يتم اختيارهم للمعالجة، انما هم في الغالب من منظومة التكلس والجمود المستفيدين من النظام الأبوي الرععّووي للشعب، وبكل أعمالهم يكرسونه ليظل أمرهم تسيداً على رقاب الناس الى جانب من يسلب حقهم بكرامة الاختيار والتقدم، والبحث عن نقطة انطلاق جديدة بحكم حاجات المرحلة والوضع العالمي، وبحكم انتهاء مرحلة الزَيْف والخداع ايضا. فما عاد ينطلي على عجوز في اقصى أي مكان محروم، بدءاً من العقبة الى شرق الشونات الشمالية والوسطى والجنوبية غربا، وما بين كل هذه H3 الرمثا، ومن المساحة من عاد مؤمنا بما هي عليها الحال، والأكيد المؤكد أن مظاهر الموافقة والقَبُول كلها ليست حقيقية، ومردها إلى الخوف أو الجهل.
أغلب الاعتقاد أن التوجيهات لو صدرت لتشكيل ألف لجنة من اجل اعادة بعض الامور الى بعض نصابها، فإن واحدة منها لن تفلح؛ إذ كيف لمن خرب واستثمر الدولة لحسابه، ويورث منصبه لمفخرة اعقابه جيلا فجيلا أن يقدم بأي لجنة غير الذي يبقيه على ما هو عليه من مكاسب ليست ابدا، بسبب نسل فحولة من أي نوع ليوافق على أن يعود سيرته الاولى غريبا او من لمم ومقاطيع الشجر.
وليدلنا كائن من كان، كيف لمن هو وأبوه وجده وعمه من مناصب رئيس وزراء أن يقبل أي تحول، او لمن كل بقية كل اهله «حمولة بكم» أن يكون مختلفا عن هؤلاء، أو لمن هو وشقيقه من ذات السوية ومثلهم ان يكون مغايرا، وليقس كل كما يشاء على باقي العورات، وبالإمكان لتحقيق المعلومة مراجعة الكاتب زياد ابو غنيمة في تحقيقاته التوثيقية حول أسر وعائلات توارثت المناصب والمغانم، ليقف عند طبيعة أي لجان يحتاج الاردن، وحتى لا نجد فجأة زيدا «البوبو» دولة رئيس.
التوجيه الملكي بتشكيل لجنة مراجعة؛ لغرض تعزيز مفهوم الدولة امر بغاية الاهمية وبعيد النظر، غير أن أمر تشكيلها لا يبدأ من عند الحكومة، وذلك طالما أن هناك مجرد احتمال بحرفها عن عنوانها المعلن، وربما الافضل للامر من عند من هم على قدر سجلهم التاريخي بالعمل الوطني والمسؤولية، ولم يخذلوا يوما ملكا ولا امتطوا لحظة أظهر الشعب.