ارحيل الغرايبة قيادي بارز في الحركة الإسلامية وله مواقف متميزة لا يمكن اعتبارها مجرد رأي مغاير لآراء الجماعة، إذ إنّ ما يأتي به من أفكار لا يكون مطروحا على أجندة وبرنامج العمل المعتمد للحركة، وبذات الوقت ليس ممنوعا عليه الاجتهاد إن أخذ به أم لا، طالما يبدي التزاما برأي الجماعة ومواقفها. وقد أثار في مرّة جدلاً عندما طرح فكرة الملكية الدستورية خلال نشاط بالمعهد الأميركي، ولقيت آنذاك استحسانا لدى الدوائر الأميركية المهتمة، وكذلك هنا من غير الإسلاميين بالمجمل.
الآن يقود الغرايبة جملة جديدة من الأفكار استطاع تأطيرها بما بات يعرف بمجموعة زمزم، وهي وإن بدأت منه مع آخرين من الحركة الإسلامية، إلاّ أنّها سرعان ما توسّعت أفكاراً وشخوصاً، وهي الآن تقترب من الوصول إلى حالة برنامج سياسي بخصوصية ما، لما فيها ممّا هو مغاير في وصف الأزمة السياسية وإمكانية التفاهم عليها بنقاط وسطية واستعدادات لقبول التعاطي معها من خلال التجسير ما بين الحركة الإسلامية والفريق الرسمي، إضافة لما يخصّ ما هو جديد من الأفكار التي أوصلت لقاءً حوارياً في فندق زمزم إلى مبادرة سياسية.
ومن حيث يدري الغرايبة أو لا يحتسب عمد الفريق الرسمي منذ اليوم الأول للعب على ما يقوم به وتجييره في مواجهة الحركة الإسلامية لإظهارها بحالة انقسام وبما يضعفها بصنع مواجهة مع نفسها وبما يهدد حضورها وتماسكها، وحتى اللحظة هناك استغلال مباشر معبّر عنه بصحف الموالاة لمجمل نشاطات زمزم ليس خافيا الهدف منه للوصول الفعلي إلى شقّ الحركة الإسلامية حزباً وجماعةً.
بطبيعة الحال، فإنّ القيادات الإسلامية أكثر من يدرك لعب فريق الحكومة على أيّة تباينات داخل الحركة وهؤلاء لهم تجارب عملية مع هكذا أمور من خلال قيادات سابقة خرجت بالنهاية من صفوفهم، وقد يكون هذا السبب الذي دفعهم حتى الآن لاحتواء مسألة زمزم والقائمين عليها لمنع النفاذ إلى شق مجرد شخص واحد عنهم، والأكيد أنّ الغرايبة يدرك ذلك أيضا، .غير أنّ السؤال فيما إذا كان يسهم فيه أو أنّه سيستمر في منح الأسباب مجانا للعب عليه والجماعة في آن معا.
بقلم:جمال الشواهين