التخوف من حدوث ارتفاع شامل في الأسعار تحت تأثير رفع أسعار المحروقات أمر مبالغ فيه كثيراً. وفي آخر تقدير للحكومة إن الارتفاع سيكون في حدود 3% ، ولو صح ذلك فإن معدل التضخم سوف يرتفع من 2ر4% في ظل الدعم إلى 2ر7% بعده ، وهذا مستبعد.
هذا التقدير يستند إلى فكرة أن أسعار المستهلك تعتمد كلياً على الكلفة ، وأن كل ارتفاع في تكاليف الإنتاج يؤدي إلى رفع سعر المنتج النهائي ، لأن المنتج يريد تعويض ارتفاع تكاليفه عن طريق زيادة اسعار البيع.
لو كان المنتج قادراً على رفع أسعار منتجاته في ظروف السوق القائمة لما انتظر حتى ترتفع كلفته ، فقد كان سيزيد أسعاره لزيادة أرباحه ، ولكن ما يحول دون ذلك أن ظروف السوق لا تسمح بزيادة السعر وإلا تعرض للخسارة بدلاً من زيادة الأرباح.
نلاحظ هنا أن المستوردات تشكل 65% تقريباً من الناتج المحلي الإجمالي، وأن أسعارها لا تتأثر بما يحدث داخلياً ، فهي تعتمد على التضخم في بلد المنشأ وعلى تحركات سعر صرف عملة البلد الذي نستورد منه تجاه الدينار ، فالمواد المستوردة لا تتأثر كثيراً بارتفاع أسعار المحروقات.
من جهة أخرى فإن ارتفاع أسعار مادة أساسية كالمحروقات يؤدي عملياً لتوجيه مبلغ أكبـر كثمن للبنزين أو أجور النقل ، وبما أن دخل المواطن محدود ، فإن زيادة الإنفاق على عنصر المحروقات يؤدي إلى إنقاص الإنفاق على الأغراض الأخرى ، أي تقليل الطلب عليها ، مما يحول دون ارتفاع أسعارها ، لأن زيادة الطلب هي التي ترفع الأسعار.
معدل التضخم في العام القادم 2013 لن يتجاوز 6% ، أي أن ارتفاع أسعار المحروقات لن يرفع معدل التضخم العام بأكثر من 8ر1% يمكن استيعابها عن طريق النمو والزيادات السوية في الدخول.
وفي جميع الحالات فإن المعترضين على رفع أسعار المحروقات لتفترب من كلفتها الحقيقية ، يتجاهلون الوجه الآخر للقرار وهـو دفع تعويضات نقدية ، فما حصل بالنسبة لمحدودي الدخل هو استبدال الدعم العيني بدعم نقدي ، أما ما تستفيده الخزينة فلن يأتي من ارتفاع الأسعارعلى أصحاب الدخول المتدنية أو المتوسطة بل من ارتفاعها على الأغنياء وغير الأردنيين والهيئات والجمعيات والمنشآت والبنوك والشركات التي لا يحق لها أي تعويض.