لم يقصر المفكرون والاقتصاديون الأردنيون في طرح أهداف مرغوب فيها للاقتصاد الاردني ، تتحقق خلال عشر سنوات لغاية 2025 فالأهداف سهلة ومعروفة ولا تثير خلافاً ، ولكن المشكلة في كيفية الوصول إليها في ظل الموارد المحدودة.
الكل يريد اقتصاداً ديناميكياً ، يتمتع بالكفاءة والتنافسية ، ونمواً عالياً ، مع ضبط التضخم ، ورفع مستوى المعيشة ، والاحتفاظ باحتياطي كاف من العملات الأجنبية في البنك المركزي ، وتخفيض المديونية ، وسد العجز في الموازنة العامة وفي الميزان التجاري وفي الحساب الجاري لميزان المدفوعات ، كما يريد الجميع تحسين مستوى المعيشة ، وخلق فرص عمل كثيفة للقضاء على البطالة والفقر ، وحل مشكلة الطاقة والمياه ، وتنمية المحافظات ، وعدالة التوزيع ، وغير ذلك من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية التي تلقى الإجماع.
المشكلة أن هناك وجهاً آخر لتحقيق هذه الأهداف يتطلب إجراءات وتكاليف وتضحيات وموارد مالية لا يريد أحد أن يشير إليها حرصاً على شعبيته الغالية ، وكـأن تحديد الهدف يكفي للوصول إليه. خذ مثلاً مكافحة البطالة كهدف مرغوب فيه ، ولكن تجربة الأردن العملية أظهرت أن خلق فرصة عمل واحدة يكلف في المتوسط 30 ألف دينار من الاستثمارات الجديدة. أي أن خلق 200 الف فرصة عمل للقضاء على البطالة يحتاج لإقامة استثمارات مجدية لا تقل كلفتها عن ستة مليارات من الدنانير.
وسد العجز في الموازنة العامة بقصد تقليل الحاجة للاقتراض يتطلب زيادة الرسوم والضرائب ، وإلغاء الدعم الاستهلاكي ، وتخفيض حجم الحكومة ، أما تخفيض المديونية ، وهو هدف رائع ، فيتطلب تحقيق فائض في الموازنة العامة يستخدم في تسديد الديون.
لا يلزمنا منظرون يحددون الأهداف المرغوب فيها ، فهي معروفة وليست جديدة ، ما يلزمنا أفكار إبداعية وسياسات جديدة وتوجهات تجعل تحقيق الأهداف أمراً ممكناً ضمن الموارد المحدودة.
يبقى أن هناك تناقضاً بين بعض الاهداف ، فإصلاح الموازنة قد يلحق ضرراً بالنمو الاقتصادي ، وتصغير حجم الحكومة يفاقم مشكلة البطالة ، وزيادة الضرائب وإلغاء الدعم تخفض مستوى المعيشة وهكذا.
مطلوب من يقدم للحكومة خياراتها العملية القابلة للتطبيق ، لتحقيق أهداف قابلة للقياس ، ضمن الموارد المتاحة لها. وليس من الضروري أن تكون الأهداف شديدة الطموح ، بل واقعية ، لتجنب الإحباط والفشل.