يبدو أن البنك المركزي يشعر بأن البنوك التجارية تفرض على الأفراد المقترضين أسعار فائدة عالية ، وهو يفكر بتحديد نقطة ارتكاز لسعر الفائدة على القروض تساوي سعر الفائدة على إحدى أدوات السياسة النقدية مثل السندات الحكومية مضافاً إليها نسبة مئوية تختلف من مقترض لآخر حسب درجة المخاطرة.
لو اتخذت هذه الخطوة وتحولت من فكرة إلى قرار فقد يكون لها أهمية إعلامية من حيث أنها تدل على أن البنك المركزي حريص علـى مصالح المقترضين ، وجاهز للتدخل لصالحهم عند اللزوم ، وهي خطوة من شأنها الخروج على قاعدة حرية التفاعل بين العرض والطلب في السوق في ظل منافسة قوية بين أكثر من 25 بنكاً.
أما من الناحية الفعلية فإن هـذه الخطوة لن تغير شيئاً على ارض الواقع ، لأن البنك المقرض هو الذي يحدد درجة خطورة المقترض ، وبالتالي النسبة الواجب إضافتها إلى سعر الفائدة على السندات الحكومية. اي أن البنوك ستظل تحدد سعر الفائدة النهائي كما تشاء.
الحل الامثل لتحديد سعر الفائدة على القروض هو عدم التدخل طالما أن المنافسة متوفرة بين آلاف المقترضين في جانب الطلب و25 بنكاً في جانب العرض ، وفي هذه الحالة يحدث التوازن عند السعر الاقتصادي الذي يتحدد تلقائياً.
من ناحية أخرى فإن ما يسمى قروضاً فردية لا يستحق الحماية أو الدعم أو التشجيع ، لأن معظمها قروض استهلاكية ، يقصد بها تمكين الموظف من إنفاق أكثر من دخله ، وقلما تكون ذات طابع استثماري ، إلا في حالة تمويل نسبة من كلفة شراء شقة أو بناء مسكن ، وهناك وسائل عديدة لدعم مثل هذا التمويل الذي تنخفض درجة المخاطر فيه إلى نسبة قريبة من الصفر مما دفع البنوك تلقائياً لعرض أسعار فائدة منافسة لمثل هذه القروض.
الموضوع لا يقف عند حد عقلنة تسعير الفائدة على القروض الفردية ، بل يمتد ليصل إلى عدم القناعة بتفاعل العرض والطلب في سوق حرة وفي ظل منافسة قوية في جانبي العرض والطلب. والسير في هذا الاتجاه سيفتح الباب لاعمال تدخل أخرى لا يرغب أي بنك مركزي أن يتورط فيها، فماذا عن سعر الفائدة على ودائع الجمهور التي تتفاوت بشـكل صارخ من بنك إلى آخر حسب قوة مركزه المالي ، ومن مودع إلى آخر حسب حجم الوديعة ومدة الإيداع.