نفى رئيس الوزراء، عبدالله النسور، لكاتب هذه السطور، وجود أية صفقة مع الإخوان المسلمين، وأكّد أن الانتخابات ستجري في موعدها. وكانت تسريبات تم تداولها في الأوساط السياسية والإعلامية، تتحدث عن إعادة البرلمان المنحلّ أو إعلان حالة الطوارئ، من أجل تعديل قانون الانتخاب بما يضمن مشاركة الإخوان المسلمين. وفي قناعتي، أولا، أن هؤلاء لن يشاركوا تحت أي ظرف ما لم يرسو المشهد الإقليمي على قرار، وثانيا، أن المشكلة ليست في مقاطعة "الإخوان" أو سواهم؟ كلا. فقبيل القرار الحكومي غير المسؤول بزيادة أسعار المحروقات، كانت عجلة الانتخابات ماشية، وتتسارع، بل لم يحدث في السابق أن ذهب المواطنون إلى السجلات الانتخابية بهذا الحماس والإقدام الوطني على المشاركة في العملية الانتخابية؛ أحسب أن مليونا على الأقل من المليونين والربع من المسجلين للانتخابات، كان قرارهم الذاتي هو الانخراط في العملية السياسية. وربما تكون هذه أكبر كتلة سياسية عرفتها الدولة الأردنية منذ قيامها.
وقد تلاشى كل ذلك ليس بسبب مقاطعة " الإخوان" وحلفائهم، بل بسبب الصدمة السياسية التي ولّدتها الجرأة والحسم في قرار زيادة الأسعار( بمقابل المماطلة في تصفية ملفات الفساد) وما تلا القرار من إصرار على معاندة الحركة الشعبية، وقمعها، والاعتقالات في صفوف الحراك.
المشكلة تكمن في انهيار الأمل في انتخابات ذات مضمون اجتماعي سياسي، تكفل المنافسة بين البرامج؛ فالبرنامج النيوليبرالي المتوحش، جرى إقراره مسبقا مرة أخرى، بينما تكرر، كالعادة، تجاهل صوت الجماهير، ورموز الفساد ظلت طليقة، بينما تم التأكيد، مجددا، على السياسات الاقتصادية الاجتماعية المكرّسة لخدمة رجال الأعمال والامتيازات.
الانتخابات، على هذه الخلفية، سوف تفشل، حتى بمشاركة " الإخوان" وسواهم من المقاطعين. وفي الوقت نفسه، أصبح إجراء انتخابات ناجحة في موعدها، استحقاقا وطنيا لا مجال لتأجيله لارتباطه بضرورة تجديد الدولة والشرعية في ظل متغيرات إقليمية بالغة الخطورة.
ما العمل؟
أولا، إطلاق سراح المعتقلين ووقف الاعتقالات وطي الملف، ثانيا، التراجع ـ كحد أدنى ـ عن قرار زيادة سعر أنبوبة الغاز ووقف أي قرار بزيادة أسعار الكهرباء حتى تتم مراجعة كلفة الانتاج وتركيبة الربح والتربّح لدى شركة توليد الكهرباء المخصخصة والهدر وفواتير المتنفذين غير المدفوعة الخ، ثالثا، تضمين بدل الدعم في صلب الرواتب، رابعا، توقيف رموز الفساد، المطلوبين شعبيا، والشروع في التحقيق معهم، خامسا، تكليف المحافظين بتشكيل لجان محلية لدراسة الاحتياجات التنموية في المحافظات، سادسا، الإعلان الصريح عن فحوى الانتخابات المقبلة، باعتبارها عملية سياسية لتحديد الهوية الاقتصادية للدولة.
ينبغي أن يحدث كل ذلك سريعا جدا، وكحزمة واحدة، ومن قبل حكومة جديدة، رئيسا وأعضاء ونهجا، بما يحقق صدمة إيجابية تعوّض بعض آثار الصدمة السلبية الحاصلة بقرار زيادة أسعار المشتقات النفطية وما تلاه. ولعل كل يوم إضافي يمرّ من دون هذه الصدمة الإيجابية، سوف يقودنا ليس فقط إلى انتخابات فاشلة، وإنما، أيضا، إلى الفوضى وسيطرة الأجندات المعادية.