أخبار البلد -
تعجب لهذه الذهنية الموجودة لدى سياسيين معارضين،فأما تمّجدها وتمدحها ليل نهار،على عقلها اوماتبقى من رشدها،واما تصير بوقاً من ابواق الحكومات المزعجة،التي لابد من اسكاتها واخراسها وتشويه سمعتها.
هذا كلام مؤسف جداً،لاننا لو عدنا الى مضمون الصحف الاردنية اليومية،وعلى رأسها «الدستور» باعتبارها اولى الصحف الاردنية واقدمها لاكتشفنا نقداً بالغاً لكل الحكومات،ولدينا عشرات الادلة على ذلك من المقالات الناقدة للسياسات العامة مروراً بالسياسات الاقتصادية،والاوضاع الاجتماعية،وصولا الى ادانة كل قصص البلطجة والتطاول باليد على المعارضة،والالتفاف على الاصلاح.
تفرد الصحافة اليومية،مساحات ليست قليلة لرموز معارضة لكتابة ارائهم،فيتم نقد الحكومات،ولدينا في ارشيف اليوميات،عشرات المقالات وعشرات المقابلات الصحفية مع معارضين من كل الاتجاهات السياسية،فهل هذه صحف تسبح بحمد الحكومات،ولو كانت كذلك،فكيف اعطت هذه المساحات للمعارضة ورموزها؟!.
برغم ذلك تريد المعارضة ان ترفع «الصوت العالي» على الصحف الكبرى المتزنة،وتريدها ان تشتغل معها،وتتبنى كل ماتقوله،بخيره وشره،وهذا طمع لايختلف عن طمع الحكومات في الاستئثار باليوميات ضمن خطها.
المؤسف ايضاً ان الصحف اليومية قد تدافع عن المعارضة في عشرات المواقف،لكنها اذا انتقدت تصرفاً عابراً او فردياً او توجهاً سياسياً للمعارضة،يكون الاتهام معلباً بأن هؤلاء كتاب التدخل السريع،وكتاب المخابرات الى آخر التهم «الزنخة» كأصحابها.
اذا كانت الحكومات متهمة بأنها عرفية وتريد ان تستحوذ على الاعلام،فأن المعارضة اشد عرفية ايضاً،وتريد التهويب على الاعلام من اجل استعماله في معركة المعارضة،وكأن المعارضة لاتريد ان تفهم ان هناك مكونات سياسية واجتماعية كبيرة تتحفظ عليها.
اذا كتبت رأيا دافعت فيه عن اي فكرة للمعارضة،فهذا واجبك الشرعي والديني والوطني،اما اذا اختلفت مع احدهم بفكرة،تصير ُمخبراً مذموماً تتلقى الاتصالات والتعليمات،دون ان يقف احد عند نقدك المتواصل لكل هذه الحكومات الاشد شراسة من نقد المعارضين احياناً،وتصير متهماً بأنك تنسق وتتلقى الاتصالات،فيما يحق لبعض رموز المعارضة ان تجالس هذا او ذاك،ويكون الجلوس لحظتها مع تلك الرموز مهمة وطنية،لايجوز قرءاتها بغير ذلك؟؟!!سبحان الله.
التطاول على الاعلام بذريعة صيانة حريته،تطاول كريه وغير مقبول ابداً،فهو يؤشر على الرغبة فقط باختطافه بذريعة تحريره،وهو ايضا يعبر عن عدم ادراك لوجود اناس لديهم اتجاهات سياسية اخرى يؤمنون بها،لاتلتقي مع المعارضة بالضرورة،وهذا من حق كثيرين.
اذا كانت التهمة ان للحكومات ابواقها، فأن للمعارضة ايضاً زماميرها،واذا كانت التهمة ان للحكومات كتاب تدخلها السريع،فماذا نقول عمن يشتغلون في اعلام معارض وهم من خارج الجسم الحزبي،اذ يهبون كفرقة زماميرٌ موحدة رداً على مايسمى كتاب التدخل السريع،فلايلامون،لان الرزق يضغط على الاعصاب،ولان لا احد يقرأ لهم،فيضطرون ان يزعقوا ويزعقوا لعل احدا يتنبه اليهم؟!.
هذه كلها محاولات لتشويه سمعة الاعلام،لان هذا الكلام يتجاوز الحقيقة الاكبر،التي تقول ان الاعلام الاردني اليومي،فيه توازن الى حد كبير،الا اذا كانت المعارضة تريد ان تتحول اليوميات على يدها الى صحف للشتيمة وتنادي بأنقلاب حتى يرضى المعارضون.
اذا كنا نؤمن ايضاً بوجود اخطاء في الاعلام،فهي لاتؤدي بالضرورة الى تشويه سمعة الاعلام،بقدر نقده،وهو نقد يجب ان يتحلى بالموضوعية لكي يعطنا المثل الاعلى في النوعية والجودة،بدلا من تقديمه لنموذج في «الردح والشتم» من الجهة الاخرى.
اذا كان للحكومات ابواقها،فأن للمعارضة زماميرها الصغيرة.