خرج النواب من اللقاء مع
الملك بانطباعات متباينة، أو لنقل بتأويلات مختلفة
لتصريحات جلالته بخصوص قانون الانتخاب.
الاتجاه
النيابي الطامح إلى تمديد عمر المجلس وتأجيل
الانتخابات أطول فترة ممكنة، تشبث بقول الملك إن على
المجلس أن يحرص على عدم "سلق" القانون. واعتبروا ذلك
بمثابة دعوة إلى عدم التسرع في إقراره.
والاتجاه
الذي يدعم إجراء انتخابات مبكرة، اعتبر رد الملك على
سؤال النائب بسام حدادين جوابا قاطعا بأن الانتخابات
ستجرى قبل نهاية العام الحالي، مهما كانت الظروف.
الهدف الرئيس للقاء الملك العاجل مع النواب، هو حثهم
على الإسراع في إنجاز قانون الانتخاب لضمان إجراء
الانتخابات هذا العام. كان هذا الأمر واضحا للنواب
وللمراقبين، لكن هناك في الأوساط الرسمية من بدأ
"يلحن" لفكرة تأجيل الانتخابات إلى بداية العام
المقبل، بحجة ضيق الوقت.
أعتقد جازما أن أنصار
هذا الرأي كانوا وراء المماطلة في مناقشة مشروع
القانون منذ البداية. ولأنهم غير قادرين على المجاهرة
برأيهم، فهم يحاولون اليوم أن يضعوا الملك أمام الأمر
الواقع، حتى لا يجد خيارا سوى التسليم بترحيل
الانتخابات إلى شهر آذار من العام المقبل، كما
يقترحون.
المناصرون لتأجيل الانتخابات هم في
الحقيقة لا يريدون انتخابات مبكرة من الأساس. وإذا ما
نجحوا في تأجيلها هذه المرة، فسيتمكنون من تأجيلها مرة
ثانية في آذار المقبل.
من المؤسف القول إن هؤلاء
نجحوا في خطتهم حتى الآن، وتمكنوا من حشرنا في مربع
ضيق؛ فالدورة البرلمانية لم يبق من عمرها سوى ثلاثة
أسابيع، و"قانونية النواب" لم تقر غير أربع مواد من
مشروع القانون، والمجلس لن يتمكن من مناقشة المشروع
تحت القبة قبل نهاية الأسبوع. وقبل هذا وذاك، ما تزال
مؤسسات الدولة عاجزة عن التوصل إلى تفاهم حول نظام
انتخابي "ترضى عنه أغلبية الناس".
تجاوز هذه
العقبات، وفي أقل من أسبوعين، ليس نهاية المطاف؛ فمجلس
الأعيان هو الآخر له رأي في القانون. ويقول أعضاء
بارزون فيه إنهم يحتاجون إلى بعض الوقت ليدلوا برأيهم
في القانون. فهل تكفي ثلاثة أسابيع لتلبية كل هذه
الطلبات؟
منذ البداية كان الأمر مريبا؛ فمظاهر
التسويف والمماطلة كانت واضحة، إلا أن الدولة كانت تغض
الطرف وتكتفي بتدخلات خجولة، لم تبدل شيئا في الأداء
الرتيب وغير المبالي بالمخاطر المترتبة على استمرار
الأوضاع على ما هي عليه، وتفاقم الأزمات الاقتصادية مع
تصاعد خطير في سقف الخطاب الشعبي.
أحيانا، يشعر
المرء أن هناك من يسعى متعمدا إلى جرنا إلى مرحلة
التأزيم، وإلا كيف نفسر ترحيل الاستحقاقات المهمة إلى
اللحظات الأخيرة، بينما كان الوقت المتاح كافيا لإنجاز
القانون في وقت مبكر؟