اخبار البلد
عندما يصدر تقرير مطول عن صندوق النقد الدولي يتضمن ملاحظات وتحذيرات ونصائح، نحاول البحث عن الجديد في كل هذا، وقلما نجد سوى تأكيد ما نعرفه، وما قلناه مراراً وتكراراً، مما يدل على أن مشكلتنا ليست علمية، فالمعرفة متوفرة، والمشاكل الاقتصادية والمالية محددة، والحلول معروفة، ولكن الصعوبة تكمن في التطبيق واتخاذ القرارات الصعبة التي تتطلب قدراً كبيراً من الشرعية، ورصيداً كبيراً من المصداقية والثقة الشعبية الذي يمكن السحب عليه.
يحذرنا الصندوق مثلاً من أن نسبة النمو الاقتصادي متدنية، وأن ظروف الربيع العربي تتطلب الإسراع في الإصلاحات السياسية، وأن معدل البطالة يتجه للارتفاع، وأن السياسة المالية المتساهلة غير قابلة للاستمرار، وأن المديونية في حالة ارتفاع، وأن الاحتياجات المالية تتسع وتغطى بالديون، وأن احتياطي العملات الأجنبية الذي يشكل تأميناً ضد الهزات هو في حالة انخفاض، وأن أوضاع الموازنة العامة غير مريحة.
كما يحذر الصندوق من مخاطر سياسة الدعم الشامل وتثبيت الأسعار، لأن المستفيد الأول هو الأغنياء، ولأنها تخلق اختلالات في الاقتصاد الوطني وتتحمل مسؤولية كبيرة عن عجز الموازنة والمديونية.
ويشير الصندوق إلى الضغوط التي يتعرض لها الأردن من حالة الاضطراب الإقليمي، وارتفاع أسعار البترول والمواد الغذائية، وانقطاع الغاز المصري، وتداعيات الأزمة الأوروبية بعد الأزمة العالمية.
ما هو الجديد في كل هذا؟ المواطن الأردني والمسؤول الاردني سمع وقرأ كل هذا قبل أن يأتي وفد صندوق النقد الدولي ويقابل من يشاء ويخرج بهذه النتائج، بل إن ما ذكره رئيس الحكومة ووزير المالية في لقاء المصارحة مع الصحافة يغطي كل هذه الحقائق والتحذيرات، اللهم إلا إذا كان المقصود توظيف التقرير كشهادة تشخيص إضافية من جهة اختصاص.
بعض الجهات التي لا تعرف علاقة الصندوق بالدول الأعضاء ودوره في المراجعة وتقديم الملاحظات، يشككون في أي تحذير أو نصيحة تأتي من الصندوق ولا يرون في المؤسسات الدولية سوى جهات متآمرة، هدفها تضليل الحكومة الأردنية، ودفعها لاتخاذ إجراءات ضارة خدمة للاستعمار العالمي. وهم يسمون نصائحها شروطأً وإملاءات.