صحيح ان المتحدث الإيراني باسم إدارة الازمات قال ان الانفجار الضخم في الميناء جاء نتيجة سوء تخزين لمواد كيماوية في حاويات في الميناء، ولكنه لم يستعبد الاحتمالات الاخرى دون ان يسميها، وخاصة العدوان الإسرائيلي ما يجعلنا نتهم إسرائيل بالوقوف خلف هذا العدوان، انها استهدفت الميناء نفسه بعدة هجمات مماثلة في الأعوام الماضية، وأعلنت السلطات الإيرانية ان اسرائيل كانت خلف هجوم في شباط (فبراير) عام 2004 على خطوط انابيب الغاز الإيرانية، وفي عام 2020 تعرضت أجهزة الكمبيوتر في ميناء الشهيد رجائي لهجوم الكتروني، اكدت صحيفة واشنطن بوست ان المخابرات الإسرائيلية تقف خلفه، ولا يمكن في هذه العجالة ان ننسى عمليات الاغتيال التي نفذتها عناصر تابعة للموساد الإسرائيلي واستهدفت علماء ذرة إيرانيين، والاشارة الى تقارير عديدة لمحت الى وقوف الموساد خلف عملية اغتيال الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي بإسقاط طائرته بعد عودته من زيارة رسمية لأذربيجان. السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو عما اذا كانت إدارة الرئيس دونالد ترامب على علم بعمليات التخريب العدوانية الاسرائيلية ام لا، فالرئيس ترامب لم يوقف تهديداته بهجوم ساحق على ايران في حال فشل جولات المفاوضات هذه، واكد ان إسرائيل ستكون شريكا فيه.
أمريكا تريد تغيير النظام الإيراني على غرار ما فعلت في سورية والعراق وليبيا، من خلال ثورات داخلية ذات طابع عسكري مدعوم من الغرب، فهي تتحدث عن حل الخلافات بالوسائل السلمية، ولكنها لم تلتزم مطلقا بالاتفاقات والحلول عبر المفاوضات، فتفكيك الزعيم الليبي الشهيد معمر القذافي لبرامجه النووية، وتسليم كل ما لديه من أجهزة تخصيب لليورانيوم، ودفعه اكثر من 3 مليارات دولار تعويضا لضحايا طائرة لوكربي، لم تطل في عمره الا بضعة سنوات فقط.
الإيرانيون دهاة في فن التفاوض، واثبتوا هذه الحقيقة عندما تفاوضوا مع الدول الست بزعامة أمريكا في فيينا لأكثر من عام ونصف العام دون ان يقدموا تنازلا واحدا، وخرجوا منها برفع نسبة تخصيب اليورانيوم الى أكثر من 60 بالمئة، وهي العتبة الأقرب لإنتاج رؤوس نووية، ولكن الحذر مطلوب دائما، فامس وصلت ثلاث طائرات شبح اف 35 الامريكية الى تل ابيب، ولا نعتقد انها جاءت واطقمها للتمتع بشمس فلسطين المحتلة وجوها الربيعي الساحر.
هذا الانفجار الضخم في ميناء بندر عباس اذا ما تأكد ان دولة الاحتلال تقف خلفه، قد يكون جرس انذار لقرب العدوان الإسرائيلي الأمريكي، خاصة بعد ان تصاعدت الهجمات بالصواريخ الباليستية البحرية اليمنية على السفن وحاملات الطائرات والمدمرات الامريكية في البحرين الأحمر والعربي، والاخرى الفرط صوتية الى قلب يافا، وحالة الغضب الشديد الذي بات واضحا على وجه نتنياهو اثناء رده على بيان العميد يحيى سريع المتحدث باسم الجيش اليمني، وقال فيه ان مسيّرة يمنية تحمل اسم يافا ضربت أهدافا مختارة في المدينة المحتلة. نجاح المفاوضات النووية الامريكية الإيرانية او فشلها هي التي ستغير منطقة الشرق الاوسط وخرائطها ووجهها ومستقبلها وليس إسرائيل بنيامين نتنياهو.. والأيام بيننا.