تحولت المخاوف من زيادة مبيعات الأجانب في سوق سندات الخزانة الأمريكية إلى واقع خلال شهر أبريل، بالتزامن مع تصاعد حدة المعركة الجمركية التي يقودها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
هذا ما خلصت إليه بيانات "iFlow" التابعة لبنك نيويورك ميلون (BNY)، والذي يدير ما يقرب من 53 تريليون دولار من أصول العملاء حول العالم، ويقدم تحليلات تتعلق باتجاهات تخصيص الأصول.
تراجع جاذبية سندات الخزانة كملاذ آمن
كتب "جون فيلس" (John Velis)، الخبير الاستراتيجي في الاقتصاد الكلي لمنطقة الأميركيتين في BNY، في مذكرة موجهة للعملاء يوم الثلاثاء: "إن الوضع كملاذ آمن لهذه الأصول بات محل شك متزايد، وبياناتنا تعكس هذا الاتجاه بوضوح".
وقد أعد فيلس رسماً بيانياً يُظهر تدفقات سندات الخزانة القادمة من الخارج، بما في ذلك بيانات الأسبوع المنتهي في 11 أبريل، والتي كانت "أقل من المستوى الطبيعي بما يقرب من انحراف معياري كامل" — مما يجعل ذلك أحد أكبر أسابيع البيع في سوق السندات خلال السنوات الأخيرة.
تدفقات سندات الخزانة القادمة من الخارج
ووفقاً لبيانات BNY، فقد شهدت ثمانية من آخر أحد عشر يوماً من التداول منذ 4 أبريل عمليات بيع من قبل المستثمرين الأجانب.
القلق من فقدان جاذبية الديون الأمريكية
تعيش وول ستريت حالة من التوتر إزاء احتمال فقدان الدين الأمريكي لجاذبيته بين المستثمرين الأجانب، خصوصاً في ظل استخدام ترامب للرسوم الجمركية كوسيلة لإعادة صياغة الاتفاقيات التجارية العالمية.
وقد أوضح البيت الأبيض أن الرسوم الجمركية تهدف إلى تقليص تدفقات الفنتانيل والمهاجرين إلى الولايات المتحدة، وكذلك تشجيع الشركات على إعادة التصنيع إلى الداخل الأمريكي.
لكن في الوقت نفسه، تعتمد الولايات المتحدة بشكل كبير على شركائها التجاريين الكبار في تمويل العجز في الموازنة العامة.
أي تراجع في هذا التمويل الأجنبي قد يؤدي إلى ارتفاع عوائد السندات الأمريكية، وزيادة تكاليف الاقتراض على الحكومة الفيدرالية وكذلك على الطبقة الوسطى، إذ ترتبط قروض المنازل والسيارات بعوائد السندات طويلة الأجل.
تأثير الرسوم الجمركية وعوائد السندات
تشير التقديرات الأخيرة إلى أن الأجانب يمتلكون حالياً نحو 30% من الدين العام الأمريكي المتداول، مقارنة بما يقرب من 50% في عام 2008.
وقد تسارع البيع الأجنبي بعد إعلان ترامب في 2 أبريل عن رسوم جمركية "متبادلة" فاقت التوقعات. وبعد نحو أسبوع، وخلال فترة اضطراب شديد في سوق السندات، قام الرئيس بتجميد بعض تلك الرسوم لمدة 90 يوماً، لإتاحة المجال للتفاوض مع قادة دول أخرى.
وفي 11 أبريل، ومع انسحاب الأجانب من السوق، اقترب العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات من مستوى 4.5%، وفقاً لبيانات BNY.
وفي المقابل، شهدت الأسهم الأمريكية ارتفاعاً يوم الثلاثاء (مؤشر ستاندرد أند بورز 500 بنسبة +2.51%، ومؤشر داو جونز بنسبة +2.66%، ومؤشر ناسداك بنسبة +2.71%)، مدفوعة بآمال إبرام اتفاقيات تجارية، بما في ذلك مع الصين. لكن العائد على سندات العشر سنوات لم يتراجع إلا بمقدار نقطتي أساس فقط، ليصل إلى 4.40% حسب بيانات FactSet.
فيما واصل ترامب انتقاداته لرئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي "جيروم باول"، مما زاد من التكهنات حول احتمال عزله، وهو ما اعتبره فيلس عاملاً قد يزيد من تراجع إقبال الأجانب على شراء سندات الخزانة الأمريكية.