خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان وهيأه، ليكون قادرًا على مجابهة متطلبات الحياة، وحتى يتمكن من ذلك لا بد من وجود آليات للحركة إرادية ولا إرادية، إذ أن لأطراف الإنسان أهمية بالغة في حركته وانتقاله وقضاء حوائجه على اختلافها.
وفي حال تعرضه للبتر لأي سبب يصبح من الصعب تعويض الطرف، ففقدان أي جزء من الجسم كفقدان شخص محبوب، لذا تترافق عملية البتر مع مجموعة من المشكلات كزيادة مستوى القلق والتوتر وسلبية صورة الجسم، وتراجع تقدير الذات، وضعف القدرة على القيام بالواجبات والمسؤوليات كما كانت قبل الإصابة، والشعور بتراجع الدور وسلبيته داخل الأسرة، والألم النفسي والنظرة التشاؤمية، وتدني مستوى التوافق (الزواجي)، والإنسحاب الإجتماعي وتجنب المشاركة في التجمعات.
إن وجود فرد في الأسرة مبتور الطرف يُشكل بترًا للأسرة جميعها، نظرًا لاختلاف نمط العلاقة بينه وبين أفراد أسرته، مع تزايد الاعتمادية وحاجته للمساعدة وظهور الأفكار السلبية والشعور بالذنب والخجل مما يُخل في اتزان الأسرة، معتمدًا بشكل أساسي على مقدار المساندة الأسرية المقدمة، ومستوى التدين داخلها، وعدد أفرادها والثقافة، ودور المحيط الاجتماعي في تقبل الصدمة ما بعد عملية البتر . هذا ما يظهر جليًا في مجتمعنا الأردني يدًا بيد نحو المساعدة والحضور الدائم.
الأردن اليوم يبرز دوره القيادي الفاعل في حقوق ذوي الإعاقة خاصة مبتوري الأطراف في القمة العالمية للإعاقة في برلين، و التي أكد فيها سيدي صاحب الجلالة على أهمية تكثيف الجهود الدولية لمواجهة التحديات التي يعاني منها ذوي الإعاقة لا سيما مناطق النزاع، وقد أشار فيها تحديدًا إلى مبادرة "استعادة الأمل" التي انطلقت بأمر ملكي وبإشراف الخدمات الطبية الملكية التي نعتز و نفتخر على المدى بها وبكوادرها، بداية من استخدام أجهزة حديثة كانت مرافقة للعيادة في غزة قادرة على انتاج طرف صناعي خلال ساعة واحدة، و التدريب على الحركة والتنقل من خلاله و صولا إلى خدمة ما يقارب ٤٠٠ حالة بتر، في برلين اليوم أصبحت استعادة الأمل تُقدم لكل الشعوب في مناطق الحرب والنزاع منطلقة من الأردن.
ما يؤكد أن ذوي الإعاقة الحركية (مبتوري الأطراف) اليوم بحاجة إلى الدعم النفسي و الاجتماعي والدولي والتأهيل المدمج، فلابد أن تمر عملية التأهيل بمجموعة من المراحل المنسقة والمتتالية، قادرة على تمكين مبتوري الأطراف من العودة إلى حياتهم الطبيعية إبتداءًا من عملية البتر لأي سبب كان سواء صحي أو بسبب القصف و الكوارث، وانتهاءًا بمرحلة التعافي وتركيب الطرف الصناعي وتحسين مستوى الصحة النفسية والتوافق النفسي و الاجتماعي و(الزواجي) والمهني ، وتحسين اتجاهات الفرد نحو ذاته والمجتمع والمستقبل ما ينعكس إيجابًا على المشاعر والسلوكيات ورفع الوعي بالمحيط الخارجي وأساليب التفاعل معه .