في ذكرى كمال جنبلاط

في ذكرى كمال جنبلاط
يقظان التقي
أخبار البلد -  

رفع وليد جنبلاط الذكرى 48 على اغتيال والده الزعيم كمال جنبلاط في 16 مارس/ آذار 1977 ٳلى رتبة الصبر والانتصار في المختارة، وجماعته يشتكون من سوء الأحوال ولا يصبرون. وهم بين الحالتين مضطربون، ولو تقرّرت لهم رتبة الصبر على المضض السائر بهم ٳلى حد الانفصال عن الطبيعة التي عهدوها في معلمهم، وهم ما عدموا الخوف والفقر والحزن والسجن وأسر الذكرى بسنينها الطويلة وشدّة الحذر وإفراطه، وقد غابت عنهم مرّات عديدة تحت عناوين موت الصبر، بحجّة أن فيه نجاة لهم، لكنها أحيت ما مات بينه وبينهم من صلة ورباط، ولم تفقدهم الشجاعة وشرفها وثمرتها، بأن يعودوا فيها سنوياً ٳلى الأصل، من دون أن يستسلموا لنظام قاتلٍ طال ذلّه، وبأطوار من النفاق والتمريض والتمويه.

انتصرت السنين للفيلسوف الحالم بالتحرّر من نظام الٳبادة والقتل الجماعي والقمع الذي طاول اللبنانيين والسوريين سنين طويلة، لتطوي ذكرى ليست كسواها. كان صعباً محوُها بالٳصابة بالرصاص وتدافعه حد اللاوعي تحت جلد الرأس الحالم والمثالي بعالمٍ أقلّ عنفاً، وأفضل في عقده غير الكامل والرائع الستيني. كأن يقال إن الستينيات كان يمكن أن تكون العصر الذهبي لتبلور أفكار الرجل الأخرى واتجاهاته الفكرية والفلسفية والشعرية. وٳذا كان ذلك صحيحاً، فالرصاص أطاح ظاهرة لم تتكرّر. لم يظهر بعده جيل جديد للمثقف السياسي الشامل الذي يستطيع أن يؤثّر في المجال المعاصر.

لا أعتقد أن لدى الدروز قصة جميلة يتمسّكون بها في تاريخهم السياسي المعاصر غير قصّة كمال جنبلاط وفكرته، فيطالب وليد جنبلاط بٳعادة تأهيلهم، في مفهوم رجعي للأفكار والأشياء القديمة وعدم إعطائها حياة جديدة، وهم كانوا نزعوا مع كمال جنبلاط قديمهم. ولكن من دون تغيير كبير حقاً، ربما لأنهم كانوا جزءاً من التحوّلات والتململات الاجتماعية والسياسية والثقافية، ما لم يجعلهم في موقع متطلع ومتقدّم، والأخيرة استنفدت الكثير من رؤى كمال جنلاط وأدواته، فبدوا متخلفين عنها، لاسيما أن حاكم دمشق كان يغضب عليهم ويرسل لهم القدر ويدمر كثيراً من بنى التمرّد والحرية، من حيث المضامين والأفكار، فصارت الفوضى تكتب عن الفوضى في جيلين كاملين وأكثر من روح الشباب والحرية والتمرّد.

شكل كمال جنبلاط النموذج التحرّري المثالي، قاد ثورة اشتراكية بهدف المساواة بين الناس وحرية الفرد، لكنه سقط. والآن في لحظة متدفقة ومتناقضة في اندفاعاتها تؤثر على الكتلة البشرية، التي ينتمي إليها، يطوي وليد جنبلاط، في واحدة من مفاجآته، صفحة "سورية الأسد"، وليعلن عن مرحلة جديدة مع "سورية الشرع"، ويختم تقليد ٳحياء الذكرى السنوي بعد اعتقال الحكم الجديد المسؤول عن حركة الاغتيال، إبراهيم حويجة، "كون عدالة التاريخ أخذت مجراها ولو بعد حين".

شكّل كمال جنبلاط النموذج التحرّري المثالي، إذ قاد ثورة اشتراكية بهدف المساواة بين الناس وحرية الفرد، لكنه سقط.

قال وليد جنبلاط كلمته ومشى في لحظة تسودها فكرة التفكير بمعطى جديد من "تطلّع المختارة والتقدّمي ٳلى مرحلة جديدة من النضال الحزبي والتمثل بالاشتراكية الأكثر ٳنسانية، وضرورة الحفاظ على وحدة الجبل اللبناني، والتمسّك بالهوية العربية للبنان". ...التاريخ علمي، وعادة ما يغير في اتجاهاته في القوة والاندفاعة للحزب التقدمي الاشتراكي، وهي ليست باتجاه واحد دوماً، وليس هناك من حلولٍ بسيطة في التاريخ، لا طرق سهلة في الذهاب، ولا طرق سهلة في العودة، في تطوّر غير متساوٍ في المضمون النوعي لتعدّديةٍ بقيمها المتناقضة. ولا يوجد في الآن نفسه ترميم أو انبعاث محدّد لحقباتٍ متداخلةٍ وغير متوازنة ومتتالياتٍ زمنيةٍ عكست ما قبلها أيام ديكتاتورية الأسد. تبقى المضامين الروحية في الكتابة وتاريخ من الأفكار في أعمال كمال جنبلاط ورسائله التي تُقرأ في عناوينها، وتعكس جوانب سياسية وفلسفية واتجاهات كثيرة في المرحلة التي سبقت اغتياله، وبقيت القصة الحقيقية لجماعته من الطائفة الدرزية، ولأولئك الذين كانوا شهوداً على مرحلته، وشكّل وعيهم لجوهر الدور الذي لعبه مؤسّساً الحركة الوطنية، والذي بنى مشروعه لٳنجاز الوحدة اللبنانية على أرضية العبور من زمن الطوائف المفكّكة، ٳلى إنجاز برنامج ٳصلاحي مرادف لتحقيق الاندماج الاجتماعي، وعلى أرضية طيّ صفحة الحرب الأهلية اللبنانية.

كانت "دنيا حزبيّة"، تلك التي عاشها كمال جنبلاط (1917-1977)، تميّزت بعطاءاتها المعبّرة عن الالتزام بقضايا لا تزال تحمل صفة الحاضر والمستقبل، رغم العقود التي مرّت عليها، سواء على صعيد الوحدة الوطنية اللبنانية والوحدات الكيانية العربية والقومية، وعنوانها العام فلسطين وقضية شعبها، وبرنامج الٳصلاح الديمقراطي والعلماني في المجتمعين العربي والإسلامي.

كان رجل العروبة، بما هي رابطة وطنية داخلية، وبما هي التزام قومي عربي، يؤدّي التعرّض له ٳلى موت سياسي واقتصادي أكيد للبنان، وهو ما حصل فعلاً عندما تخلّى بعض اللبنانيين عن اختيارهم السياسي والأخلاقي التاريخي، وعاشوا مخاطر الانغلاق عن محيطهم العربي، وهو ما يريد وليد جنبلاط لجماعته (بني معروف) العودة ٳليه، الاختبار العروبي بكل عنفوانه، وتأكيد مسافة، أو بالأحرى مساحات يستشعر بها خطورة الخطب الٳسرائيلية، والدعوات إلى حمايتهم، والتي تقودُهم ٳلى ارتكاب جريمة في صيغتها القصوى تغذّي الحروب والاستيطان والاحتلال والمجتمعات المغلقة، وهو لا يريدهم أن يكونوا خارج تاريخهم الحقيقي السياسي ولا الديني، أو العالمي الأخلاقي والاجتماعي في مثل هذا الموقف الٳسرائيلي المفخّخ والمخادع على مساحات فارغة أو مهجورة بلا مبادئها، وخارج الانخراط في بيئتهم العربية والٳسلامية القديمة والجديدة، وكمال جنبلاط احتلّ مساحة مرموقة بين كبارها.

كان رجل العروبة، بما هي رابطة وطنية داخلية، وبما هي التزام قومي عربي، يؤدّي التعرّض له ٳلى موت سياسي واقتصادي أكيد للبنان

ولم يكن من المصادفة أن تحتل القضية الفلسطينية تلك المكانة البارزة في وعيه الوطني والقومي العربي، فقد كان يرى فيها عنصر التماسك الأبرز في وجه الصهيونية الساعية إلى تحويل المشرق العربي إلى كيانات مجزّأة تستحضر كل ما هو موروث وبدائي في الاجتماع العربي، ليكون تفكّك الطوائف والمذاهب والأعراف وعناصر الاستكانة والتطبيع قاعدة السكينة الأبدية للزمن الٳسرائيلي. وليس مصادفة أيضاً أن الهم الفلسطيني المسلح سكن قلبه مع ياسر عرفات ونبرته النضالية، والذي رأى فيه ٳمكانية لبعث الوحدة العربية في كل مكان وعلى كل المستويات. هذه وقائعُ غير قابلة للتحليل والتفكّك في مفاهيم راسخة عن الحرية والعدالة، ورغبات الشعوب بالتحرّر والتطوّر وتقرير المصير، ونضالاتها للتخلّص من الاستعمار والاستبداد.

ختم التقليد، لأ يلغي سيرة تزخر بالأفكار السامية ومستقبل الحاضر، ولا شخصية مؤثّرة جداً ما كانت أيديولوجية، أو راديكالية، ولا يوتوبية، ولا أسطورية تحمل أفكار التغيير القسري، أو الأفكار المقدّسة بأي حال. ... ٳذا كان من مرحلة جديدة فهي مرحلة العقول لا العواطف، مضمونها ٳدارة الناس وتدبير شؤونهم، وتقوية أدوار المجتمع المدني والمجتمع المفتوح. وثمة ما يمكن التقاطه في الظاهرة السياسية الجنبلاطية ًفي أدوارها المختلفة بالعودة ٳلى نظيرة جنبلاط!، الدور الإبداعي الذي لا يقل تأثيراً عن وظيفته التجدّدية السياسية والاجتماعية، وتلك المساحة المأهولة بالأفكار وصناعة الأمل، وفي القدرة على اختراق الثوابت والقيود والمراوحة الطائفية التي تحاصر الجميع.
شريط الأخبار "حماس": مستعدون للإفراج عن جميع الأسرى مقابل وقف الحرب وإطلاق الأسرى الفلسطينيين مروحيتان أردنيتان تنقلان الرئيس عباس إلى عمان الليلة المهندسين: 5 مرشحين لموقع النقيب.. و10 لنائب النقيب - أسماء مزحة برذاذ الفلفل تدخل 18 طالبًا من "العلوم والتكنولوجيا" إلى المستشفى نمو حوالات المُغتربين الأردنيين بنسبة 2% خلال الشهرين الأولين من العام الحالي البحث الجنائي يكشف غموض جريمة قتل مضى عليها 20 عامًا رئيس مجلس الأعيان: لا علم غير العلم الأردني في الاعتصامات الرئيس السوري يستقبل وزير الخارجية في دمشق "المالية النيابية" تبحث استيضاحات "المحاسبة" حول "الاقتصاد الرقمي" و"البريد الأردني" تراجع قيمة الدولار .. هل هو مفيد للاقتصاد الأردني .. الخبيران العناني والمدادحة يجيبان بالتفصيل شركة الشرق الأوسط للتأمين تكرّم موظفيها عن تميّزهم في الربع الأخير من العام الماضي الملخص اليومي لحركة تداول الأسهم في بورصة عمان لجلسة الخميس .. تفاصيل الهيئة العامة لكابيتال بنك تصادق على توزيع أرباح نقدية بنسبة 15% من رأس المال اجواء الاحتفالات بيوم العلم في النافورة مول مستمرة اليوم الخميس نمو الدخل السياحي 8.9% في الربع الأول من العام الحالي 1.7 مليار دولار الدخل السياحي للأردن خلال الربع الأول من 2025 تعيين الزميل مراد القرالة ناطقاً إعلاميا للشؤون الفلسطينية كلية الأعمال في "الزيتونة" تستضيف رئيس الاتحاد الدولي للمحاسبين في أول زيارة له إلى الأردن مها العلي على وضع الطيران.. ابحثوا مع رئيس مجلس النواب عنها ؟؟ الفايز: لن يسمح برفع غير العلم الأردني بعد الآن وعلى "الأخوان المسلمين" لجم من يخرج عن سياق الدولة