المدينة هي جرش , وقد كان هذا الوصف هو ما خلص اليه الزملاء في « الرأي « وهم يقومون بجهد كبير وشيق ضمن سلسلة حوارات في المحافظات , والحديث هنا عن 27 الف متضرر في قضايا ما يسمى بالبورصات العالمية خسروا 122 مليون دينار !!.
المبلغ كبير جدا بالنسبة لحجم القضية برمتها والتي حصرت وفق الشكاوى التي تلقتها محكمة أمن الدولة بنحو 300 مليون دينار حصل منها على 40 مليون دولار نقدا، واراضي وعقارات تقدر قيمتها مبدئيا ب 85 مليون دينار، وسيارات تقدر قيمتها ب 7 مليون دينار، اي ما مجموعه 120 مليون دينار , حصة متضرري جرش منها فقط 18 مليون دينار بحسب الشكاوى ذاتها , وهو رقم كبير أيضا بالنسبة لمدينة صنفت في دراسات عدة بأنها الأفقر في محافظات المملكة .
كشفت قضية البورصات عن أسوا طريقة لتبديد المال في حبال النصب , لكنها كشفت أيضا عن غياب في أساليب إستثمار المدخرات في قنوات صحيحة , وكشفت أيضا عن أن الشكوى من الفقر والعوز في بعض الحالات تحتاج الى قراءة جديدة .
لا تزال قضية البورصات تلاحق الحكومات , وصحيح أنه من حق الناس أن تتساءل عن ترك هذا العبث بمدخرات المواطنين عبر ما يسمى بالتعامل في البورصات العالمية دون رقابة أو تنظيم الى أن إنفجرت الأزمة , لكن ليس صحيحا أن تدخل الحكومة هو ما فجر الأزمة كما يقال.
سألت أحد المتضررين مما يسمي بالبورصات العالمية , عن آليات التعامل وعن العقود وسألته أن يدلني على معنى شراء عقود نفط أو المضاربة على الدولار واليورو , فقال أنه لم يكن مضطرا لأن يعرف , لأن الربح كان مضمونا , والمدهش هو أنه لا يزال يلوم الحكومة في تدخلها لإنقاذه وغيره من المحتالين ويعتقد أن تدخل الحكومة قضى على فرصه في الربح !!.
اللافت أن بعض ممن إسترجعوا جزءا من أموالهم أعادوا تشغيلها في بورصات وهمية لا تزال تعمل سرا ومن دون ترخيص فهناك من لا يزال يعتقد أن الحكومة هي التي تآمرت على المغامرين وأوقفت « شطارتهم « وأوقفت أرباحهم وبدلا من أن يدين الضحايا جلاديهم وقفوا الى جانبهم ودافعوا عنهم , واتهموا الحكومة ومعها نيابة أمن الدولة وكأن مفعول «السحر « لا زال مستمرا .
أغرب ما سمعت هو ما يدور من اتهامات بالفساد بصرف أتعاب مالية عن جهد قام به الملكلفون بالقضية في محكمة أمن الدولة والخبراء الذين استعانت بهم وكأن المطلوب أن تعمل المحكمة بالمجان لتصويب قضية كان الفضل في وقوعها لطمع الأطراف فيها .