اخبار البلد- حوار: حمزة العكايلة
قال الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي حمزة منصور إن الحركة الإسلامية لا تمانع بقدر من المرونة في ما يتعلق بالقائمة النسبية على مستوى الوطن بما لا يضيع الهدف.
وأكد في حوار شامل مع «الدستور» أن الحركة الإسلامية ترفض أن تكون «خرزة من العين» أو زراً في معطف أحد»، بل تريد أن تكون شريكاً في هذا الوطن، والشراكة تحددها صناديق الاقتراع، مشيرا إلى أن وجود قانون انتخاب حضاري لا يعني بالضرورة المشاركة في الانتخابات، وأن المؤسسات الشورية والتنفيذية للحركة تقرر في ضوء المعطيات القائمة المشاركة من عدمها.
حول جملة الملفات الإصلاحية والقوانين الناظمة للحياة السياسية وعلى رأسها قانون الانتخاب وموقف الحركة الإسلامية إزاء المشاركة من عدمها في الانتخابات النيابية المقبلة وموقفها من قرار فك الارتباط والهوية الوطنية، دار حوار شامل أجرته «الدستور» مع منصور الذي يعد عضواً مؤسساً في اللجنة التحضيرية لولادة حزب الجبهة ويحسب على التيار المعتدل في الجماعة والحزب، وينأى بنفسه -بحسب شهادات عديد أعضاء الحركة الإسلامية- عن الخلافات الداخلية التي تبرز بين الحين والآخر في أروقتها، فتعتبره مختلف أطراف الحركة قريبا إليها ومحسوباً عليها ويشكل قاسم تقارب بينها.
مشروع قانون الانتخاب
الدستور: نبدأ من حيث أصدرت الحكومة مشروع قانون الانتخاب الذي أبديتم رفضاً له.. ما شكل القانون الذي تريده الحركة الإسلامية؟.
منصور: هذا القانون له صفة خاصة وربما يعتبر مفتاح الاصلاح السياسي، مع عدم إغفال التعديلات الدستورية التي أكدنا عليها مراراً، وهي المواد (34، 35، 36)، فالمواطن انتظر هذا القانون بفارغ الصبر لأنه يعتقد أن قانون الانتخاب المعمول به حاليا شوه الحياة النيابية والحياة السياسية وله دور في الفساد الذي شهده وطننا.
مشروع القانون الذي صدر لم يكن أحد يتوقع أن يأتي بهذا السوء.
الحركة الاسلامية لا تريد شيئا لنفسها، ولا تريد إلا ما يحقق مصلحة الوطن، فالحركة توافقت مع الأحزاب السياسية، معارضة وموالاة، منذ عام 1996، 1997، على قانون انتخاب يعتمد النظام المختلط، وقد لا يكون هذا القانون هو الملائم للحركة الإسلامية، لكن، بروح التوافق ورغبة تنشيط وتحفيز الحياة السياسية والنيابية في البلد ارتضت الحركة هذا النظام. أيضا، ما زالت الآن أحزاب معارضة ووسطية -وسمها إن شئت أحزاب موالاة- والنقابات المهنية وائتلافات ضمت العشرات من منظمات المجتمع المدني، كلها تتحدث عن نظام انتخابي يمثل الحد الأدنى المقبول ويقوم على القائمة النسبية المغلقة على مستوى الوطن بنسبة معقولة ودوائر ينتخب فيها الناخب بعدد المقاعد المقررة لهذه الدائرة.
لذلك، نحن نؤكد رفضنا الجازم لهذا القانون، ونعتبر هذا المشروع انقلابا على كل الوعود التي سمعناها في الإصلاح، فلا معنى للإصلاح في هذا الوطن إذا تم إقرار القانون بهذه الصورة.
نسبة مرنة
الدستور: تقول «نظام انتخابي يمثل الحد الأدنى المقبول القائم على القائمة النسبة على مستوى الوطن بنسبة معقولة»، هل يعني ذلك تنازلا عن نسبة الـ»50%» التي تطالبون بها، هل نلمس مرونة من قبلكم تجاه هذا المطلب؟.
منصور: حين التقينا بدولة رئيس الوزراء وفريقه كجبهة وطنية، كان أول المتحدثين دولة أحمد عبيدات، وقال نحن نطالب بنظام انتخابي أساسه 50% للقائمة النسبية المغلقة على مستوى الوطن و50% للدوائر بشكل متوازن وتراعي الجغرافيا والديمغرافيا والمناطق التنموية، ولكن مع قدر من المرونة فيما يتعلق بالقائمة النسبية، وحينما أقول نسبة معقولة أعني مرونة، فأنا لا أقول ان 50% «قرآن منزل» من السماء لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، لكن لا تصبح كما جاء في القانون 15 مقعدا ويحظر على الحزب أن يرشح أكثر من خمسة فيها، نعم هي قابلة للمرونة بما لا يضيع الهدف.
مشروع مفاجئ
الدستور: ولكن، ما الذي جرى، فقد كنتم خطوة بخطوة مع الحكومة في إعداد القانون، واجتمعتم بالرئيس في غير مرة، ومنها ما كان سرياً بحيث قيل إنه تمت استشارتكم في الصيغ الفنية للنظام الانتخابي؟.
منصور: لم نذهب وحدنا، ونحن لا نسعى إلى أحد، بل دعينا، ومن دُعي فليجب، وهذا ديدنا مع كل الحكومات، باستثناء التي ناصبت الحركة الإسلامية العداء وألصقت بها تهما جزافا، وما عدا ذلك، فالحكومة حكومة بلدنا، نتفق معها أو نختلف، والوزراء مواطنون في هذا البلد نتفق معهم أو نختلف.
ما صدر حيال القانون لم نسمعه قط في كل اللقاءات التي جرت مع الحكومة أو مع رئيس الحكومة، ونحن نتكلم عن حوار، فتحدثنا ضمن الجبهة الوطنية للإصلاح، وتحدثنا ضمن فريق الحركة الإسلامية. وبالمناسبة، نحن اعتذرنا عن الذهاب وحدنا لنذهب ضمن الجبهة الوطنية ونؤكد أنها إطار أردني واسع للإصلاح نعتز ونتمسك به، ونسعى لتطويره، لكن، بعد أن حصل هذا اللقاء، دُعينا من قبل رئيس الوزراء للقاء آخر فاستجبنا واستمعنا، وكان الرئيس ينفي أبداً أن تكون هناك نية للصوت الواحد، أو للصوت المجزوء، لكن مشروع القانون حمل فكرة الصوت المجزوء، فحين نتكلم عن صوتين لدائرة فيها خمسة أو ستة مقاعد أو أكثر وأقل، فهذا صوت مجزوء وغير دستوري ولا يتفق مع أي معايير ديمقراطية ولا يمكن أن يكون مقبولاً لدينا، بل هو مرٌ في أفواهنا وأفواه الشعب الأردني.
قانون الـ «89»
الدستور: قانون الـ «89» كان نموذجاً انتخابياً ملائماً للحركة الإسلامية بحيث حصدتم مقاعد كبيرة، وما حمله القانون الجديد يشابه إلى حد ما قانون الـ «89»، بل ويخدمكم، فلماذا كل هذه الاعتراضات من قبلكم؟ البعض يرى أن هذا يندرج ضمن مفاصل صفقة وتكتيكات مع الحكومة يكون مسرحها الشارع، تضمن معها الحركة الإسلامية ألا تخسر حراك الشارع ولا تخسر حلفاءها السياسيين؟.
منصور: لا، ليس مشابهاً، قانون الـ «89» تنتخب فيه بعدد المقاعد المقررة، وهذا لا يشبه لا من قريب ولا من بعيد قانون الـ «89» أو غيره، فقانون 89 أحسن من المشروع الجديد بـ «100» ألف مرة.
نحن لا نسعى لخدمة الحركة الإسلامية، بل نسعى لخدمة هذا الوطن وما يصلح للشعب الواعي الأبي الذي لا يجوز أن تكسر أنفته. ونحن نرفض هذا القانون ولا يمكن أن نقبل به بأي حال من الأحوال.
ثم إن الحديث عن التكتيكات والصفقات هو كلام أناس ينظرون بنظارة سوداء ومصابون بعشا الليل والنهار، فالحركة الإسلامية لا تتصرف تصرفات «ولدانية» كالتي يتحدث عنها هؤلاء المسكونون بفزاعة المؤامرة والصفقات التي تعودوا عليها، فنحن كبار لا ننزل إلا هذا الدرك.
المشاركة في الانتخابات
الدستور: إذا استمر مشروع القانون بهذا الشكل دون تعديلات، هل ستشارك الحركة الإسلامية في الانتخابات النيابية؟.
منصور: هذا السؤال لا يستطيع أن يجيب عليه لا الأمين العام ولا المكتب التنفيذي، وهو متروك لحينه، فالمشروع ما زال مشروعا، ويصطدم بإرادة قطاعات واسعة في كل المحافظات الأردنية، وبالتالي، حين يتخذ المشروع صفته الدستورية فإننا نتخذ قرارنا عبر مؤسساتنا الشورية والتنفيذية.
الدستور: ألا تعتقدون أن عدم مشاركتكم يعد انتحاراً سياسياً، ويدخل البلاد في أزمة؟
منصور: أنا لست مع المقاطعة العبثية، بل أنا مع المقاطعة المبررة التي تستند إلى برنامج، ولذلك نحن قلنا لماذا قاطعنا في أوقات سابقة، ثم سعينا مع غيرنا إلى إطار أوسع بدءاً من الهيئة فالجبهة الوطنية للإصلاح، وكان لها برنامج معلن نتبناه ونسير وفقه.
ونحن نرفض أن نكون خرزة من العين أو زراً في معطف أحد، نريد أن نكون شريكاً في هذا الوطن، والشراكة تحددها صناديق الاقتراع، أما إذا أُريد لنا أن تكون مشاركتنا تحدد وفق قوى الشد العكسي المتخندقة في خندق الفساد فهذا أمر لا نقبله، نحن نريد مجلساً نيابياً برامجياً وبالتالي إذا غابت البرامج وأصبحنا نوابا نمثل مناطق ضيقة فلا حاجة لها، فالمناطق الضيقة يمكن أن يمثلها المختار.
خطاب ناعم
الدستور: منذ أن شُكِّلت الحكومة، وخطاب الحركة الإسلامية تجاه التصادم معها يأخذ وتيرة التهدئة، ووصِف بالخطاب الناعم، هل سنشهد انتقادات حادة من قبلكم للحكومة، وتغيرا في مسار علاقتكم بها؟.
منصور: ليس لنا عداوة مع أحد، ونحن نتعامل مع الحكومات حسب مواقفها، وتنصب انتقاداتنا على السياسات والإجراءات، فنحن أدنّا وندين اعتقال شباب الطفيلة والدوار الرابع، وأدنا ما جرى في سلحوب والمفرق، وندين الآن العقلية التي أوصلتنا إلى قانون الصوت المجزوء المعروض حاليا على مجلس النواب.
الدستور: بالحديث عن مجلس النواب، هل ستوجهون خطابكم إليه كونه صاحب الولاية التشريعية ليقوم بإجراء تعديلات لازمة على القانون؟.
منصور: نحن نعبر عن رؤيتنا ولا نتوجه بالخطاب لمجلس النواب. نحن نعبر عن موقفنا بصورة بيان أو تصريح أو مؤتمر صحافي، أو في صورة اعتصام أو ملتقى وطني وهذه وسائلنا في التعبير.
الشعب مصدر السلطات
الدستور: لنتحدث عن خطاب الحركة الإسلامية السياسي، هل خطابكم موحد، بخاصة أن هناك مواقف وطروحات يروجها قيادات في الحركة ولكنكم لا تتبنونها، من مثل الملكية الدستورية؟.
منصور: الحركة الإسلامية تؤمن بأن الشعب مصدر السلطات وأنه هو من يختار حكومته وسلطته التشريعية، وتؤمن بمناهضة الظلم بكل أشكاله وتؤمن بحكومة ذات ولاية، وهو كلام موجود في الدستور الأردني ولكنه غير مفعل، وهذا الكلام متفقون عليه جميعا في الحركة الإسلامية، والحركة رفعت شعار إصلاح النظام، ثم ان هناك نصا دستوريا يقول إن نظام الحكم نيابي ملكي وراثي، ولو طُبِق، لاختار الشعب الأردني حكومته ولعُهِد إلى كتلة الأغلبية تشكيل الحكومة، ولألغي مجلس الأعيان أو أصبح منتخباً، فنحن نريد أن نصل في أول انتخابات أن يُعهد إلى كتلة الأغلبية، سواء كانت حزبية أو ائتلافية، لتشكل الحكومة، ونحن لا نحجر على الناس في آرائهم، ولم نتبن شعار الملكية الدستورية، لكننا مع المضمون الذي يعطي الشعب كل الحق في انتخاب حكومته وسلطته التشريعية وإخضاع كل أجهزة الدولة لسلطة الحكومة صاحبة الولاية.
الدستور: بناءً على ما تقولون، فلا حاجة إذاً لتعديل المادة (35) من الدستور، ما دمتم استندتم لمطلب تشكيل حكومة وفق الأغلبية على النص الدستوري «نظام الحكم نيابي ملكي»؟.
منصور: لا، هناك ضرورة لتعديلها، لأن النص يقول إن الملك يعين رئيس الوزراء ويقبل استقالة الوزراء ويقيلهم، نحن نريد أن يُعهد بتشكيل الحكومة للأغلبية النيابية وأن الحكومة لا تحل إلا إذا سحب منها مجلس النواب الثقة، وعندها يصدر جلالة الملك قراره بحل الحكومة.
الدستور: بدا واضحاً أن شروطاً كثيرة تضعونها للمشاركة في الانتخابات، ليست مرهونة بقانون الانتخاب فقط، وإنما تقولون إنكم لن تشاركوا إلا إذا عُدِلت المواد الدستورية (34، 35، 36)، وهو ما سمعناه على لسان أحد قياديي الحزب والجماعة، هل تعتقدون أن ذلك معقول على الأقل في هذه الفترة؟، ولماذا كل هذه العراقيل؟ كذلك، قلت أنت إنه ليس بالضرورة أن تشارك الحركة الإسلامية في الانتخابات في حال كان القانون ملائماً.
منصور: أنا أعي ما قلت جيدا، قلت أمام دولة رئيس الوزراء إننا نسعى إلى قانون انتخاب ديمقراطي بغض النظر عن مشاركتنا من عدمها، لأننا نطالب بتعديلات دستورية، خاصة المواد (34،35، 36)، وبالتالي فوجود قانون انتخاب حضاري لا يعني بالضرورة أن نشارك، وإنما مؤسساتنا الشورية والتنفيذية تقرر -في ضوء المعطيات القائمة- المشاركة من عدمها.
لم نركب موجة الحراك
الدستور: نشأت جماعة الإخوان المسلمين على أهداف عده كان أساسها مقاومة الاستعمار واستكمال الحياة الإسلامية، الآن كيف ترون التناغم بين عديد أهدافكم، التربوية والاجتماعية والسياسية، والأخيرة يصفها البعض بـ»القنبلة الصوتية»، حيث تتعاملون مع ردات الفعل دون إحداث أثر؟، كما أنكم تأخرتم عن حراك الشارع الأردني ولم تقدموا له سوى سبعة أهداف وصِفت بالعمومية تتعلق برحيل الحكومة آنذاك، ولم تكن ذات عمق سياسي برامجي يقدم الحلول الكاملة للمجتمع؟.
منصور: ما قلته غير دقيق، فالحركة الإسلامية أهدافها واضحة ومحددة وتعمل على مختلف المسارات، فهي تعمل على الجانب التربوي، وأنا أعتقد أنه لو كان لدينا تربية سليمة في المجتمع، لما تكشف لدينا أعداد كبيرة من الفاسدين والمفسدين، ولو كان المسؤولون في بلدنا يتم اختيارهم على أسس سليمة على أساس القوي الأمين، لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه. والحركة ما زالت تعنى بالدعوة إلى الله عز وجل، لأننا نعتقد أن أشرف عمل للإنسان في الحياة هو الدعوة إلى الله تعالى.
وتعلمون أننا قدمنا رؤية للإصلاح عام 2005، وقدمنا منذ عام 89، في كل انتخابات برنامجا يتناول مختلف القضايا من التعديلات الدستورية وصولا للسياحة والمياه، فلذا نحن قدمنا الكثير، ونسعى للتطوير، ونحن عاكفون من خلال لجاننا على أن نعيد النظر فيما تم من رؤى وبرامج في ضوء المستجدات لصالح التطوير والتحسين.
الأمر الآخر بشأن المطالب السبعة، نحن لم نقل بإقالة فلان أو إحالة فلان للاستيداع، نحن تكلمنا في تلك المطالب عن عناوين كبيرة وواضحة، فتكلمنا عن تعديلات دستورية وقانونية وولاية عامة ومحاربة الفساد، وأيضاً نحن في هذه المناسبة نحيي إخوتنا في ذيبان وكذلك في معان والجنوب بمناسبة ذكرى هبة نيسان، ونحيي كل رائد للإصلاح، لكن، أنت عندما تقول «تأخرنا ولحقنا بالحراك»، فإنني أقول: لا، نحن لم نتأخر، وقد بدأنا الحراك منذ قررنا مقاطعة الانتخابات النيابية العام 2010، وتجولنا في المحافظات بتحالف مع حزب الوحدة الشعبية والشخصيات الوطنية المستقلة، وكان عنوان خطابنا «لماذا نقاطع»، وحينما جرت الانتخابات بنينا الهيئة الوطنية للإصلاح مكونة من هذا الطيف أيضا، واستمررنا في العمل من خلالها نمارس فعالياتها، وإن كنا نحيي أهلنا في ذيبان وفي كل ألويتنا ومحافظاتنا وشباب الحراك الذين هم طليعة في هذا الوطن من أجل الإصلاح، فنحن لم نتأخر ولم «نركب الموجة».
الرؤية الاقتصادية
الدستور: يقال إنكم تفتقدون لرؤية اقتصادية شاملة، بحيث تتكئون في ذلك على رؤية أحزاب المعارضة الشريكة معكم في لجنة التنسيق؟.
منصور: نحن منفتحون على الجميع، ولدينا لجنة اقتصادية ومالية وعلى رأس هذه اللجنة أكاديمي جامعي مختص ولديه عدد من أصحاب الاختصاص وهم لا يبخلون علينا في تقديم الرؤية والمشورة، لكن هذا لا يمنعنا أن نبحث عن أي خبرة أنّى كانت، نحن حتى في كتلتنا النيابية كنا نستعين بوزراء مالية واقتصاد وصناعة وتجارة عاملين أو سابقين وأيضا ببعض الكفاءات ولا يمنع هذا أن نستفيد من بعض الكفاءات سواء كانت اتجاهاتها يسارية أو قومية، فلا يضيرنا ذلك، فالحكمة ضالة المؤمن أنّى وجدها فهو أحق بها، وأدعوكم مرة أخرى لقراءة رؤيتنا للإصلاح لتروا إن كنا نملك رؤية للإصلاح الشامل بما فيه الشق الاقتصادي أم لا.
داخل الحركة الإسلامية
الدستور: تم تأجيل انتخابات الجماعة الداخلية للاسبوع الأول من الشهر الجاري، بعد حديث عن خلافات بين القيادات، إزاء ذلك هل الحركة الإسلامية متصالحة مع ذاتها، وسط أحاديث عن انقسامات داخلية وأنكم تعيشون أزمة مع أنفسكم؟.
منصور: أطمئن كل حريص على الحركة الإسلامية، وأعتقد أن كل مخلص في هذا الوطن ينبغي أن يكون حريصا على الحركة الإسلامية، والله إن الحركة الإسلامية صمام أمان في هذا الوطن، والله إنها عامل توحد وإثراء وإغناء في هذا الوطن، لذلك ينبغي على كل مخلص أن يكون حريصا عليها، ومن هذا المنطلق أقول وأطمئن كل الحريصين على الحركة أنها تعيش أوضاعاً طبيعية ولله الحمد.
الصورة عن الحركة التي عاشها الناس خلال سنوات ماضية غير قائمة الآن، وأنا لست ناطقاً باسم جماعة الإخوان المسلمين، لكن، بحكم اطلاعي، اسمح لي القول بأن الحركة الاسلامية أرادت أن ترسل رسالة إلى الرأي العام بأن مجلس الشورى ينبغي أن يبقى عاملا حتى ينهي مدته التي قررها القانون الأساسي، وهي أربع سنوات شمسية، ومن هنا نطالب بأن مجلس النواب عندما يكون منتخبا وفق قانون حضاري وفي ظل إجراءات سليمة، أن يكمل أربع سنوات ويسلم للمجلس القادم.
قرار فك الارتباط
الدستور: لنتحدث عن خصوصيات التنظيم للحزب والجماعة، هل ما زالت الحركة الإسلامية حركة إصلاحية ذات مواقف واضحة، أم أن مواقفها تتبدل وفق تغيرات المنطقة والإقليم، من مثل حالة الربيع العربي، بحيث تنظرون للمكتسبات التي حققتها الحركة الإسلامية في مصر وعديد دول الربيع العربي، هل تأثرتم بذلك؟.
منصور: نحن حزب سياسي يعمل وفق التشريعات النافذة، كنا وما زلنا وسنبقى في خندق هذا الوطن ولن نخرج من خندقه، ندور مع المصلحة الوطنية حيثما دارت، ونحن لا نستنسخ تجارب هنا وهناك، وإن كان الإنسان يستفيد من التجارب الإنسانية بشكل عام دون أن يخرجنا ذلك عن نهجنا الذي درجنا عليها، فنهجنا نهج سلمي سليم يدافع بقوة عن المصالح الوطنية وصولا إلى الأردن الخالي من الفساد.
الدستور: لكن، توجد لديكم مواقف تتسم بالضبابية، من مثل الموقف من قرار فك الارتباط والهوية الوطنية، ما موقفكم الصريح حيال ذلك؟.
منصور: نحن وطنيون عروبيون إسلاميون، نؤمن بالوحدة الوطنية ونعض عليها بالنواجذ، نؤمن بوحدة الوطن العربي كحلقة ثانية ونؤمن بوحدة الأمة، ونعتقد أن ذلك هدف ينبغي أن نسعى إليه جميعا، ونؤمن أن العلاقة الأردنية الفلسطينية علاقة مصيرية، فأردن قوي موحد مستقر ديمقراطي شوري خال من الفساد يعد قوة لفلسطين، وشعب فلسطيني على أرض فلسطين مقاوم يحفر خنادقه بأظافره ليستعيد حقوقه، يعتبر خطا أماميا للدفاع عن الأردن. ونحن نؤمن أن كل من يحمل جنسية أردنية هو أردني شاء من شاء وأبى من أبى.
وقد دخلت الضفة الشرقية والغربية في وحدة طوعية انبثقت عنها مؤسسات دستورية وولدت في ظلالها دستور عام 1952، ولذلك نحن نعتقد أن الأردن يتحمل مسؤولية مضاعفة إزاء فلسطين، بحكم رابطة الجغرافيا والديمغرافيا والمصير المشترك، ونحن قلنا حينما جاء قرار فك الارتباط أنه قرار غير دستوري لأن نص الدستور الأردني واضح «المملكة الأردنية الهاشمية دولة عربية مستقلة ذات سيادة ملكها لا يتجزأ ولا ينزل عن شيء منه».
الآن، هناك وضع جديد على الساحة الأردنية والفلسطينية، ونعتقد أن من حق الشعب الفلسطيني على أرض فلسطين أن يقاوم بكل الوسائل ومن حقه على الأمة وفي مقدمتها الشعب الأردني أن يدعموا مقوماته وصموده حتى يحقق الشعب الفلسطيني أهدافه، وبعد ذلك يقرر الشعبان الأردني والفلسطيني -وأعني هنا الشعب المقيم على أرض فلسطين- يقرران طبيعة العلاقة بين ضفتي النهر.
وما دام أن فلسطين الآن تحت الاحتلال فالمسؤولية تحريرها، وبعد ذلك يقرر الأردنيون والفلسطينيون طبيعة العلاقة، ونحن كحركة إسلامية وحدويون حتى النخاع، وسندفع باستمرار من أجل الوحدة، لكن، لا نريد للأردن الآن أن يدخل في إشكالات لا مع السلطة ولا مع المنظمة ولا غيرها.
الجماعة والحزب
الدستور: هناك تداخل في التنظيمين، الجماعة والحزب، ويأخذ عليكم خصومكم كحزب أن قراراتكم وسياساتكم تحددها الجماعة، ويقال إنكم مجرد واجهة لا يُؤخذ برأيها ولا تملكون زمام القرار؟.
منصور: الحزب انبثق من رحم جماعة الإخوان المسلمين وهي صاحبة الفكرة وأرادت له أن يكون إطاراً واسعاً لطيف عريض من الإسلاميين، وأنا يشرفني أنني كنت عضواً في اللجنة التحضيرية لولادة الحزب، وقد وجِهت الدعوة إلى كامل العناوين الإسلامية الموجودة في البلد، من إخوتنا في حزب التحرير والسلفيين والصوفيين وجماعة الدعوة والتبليغ والإسلاميين المستقلين، وعُرِض عليهم ورُغِب منهم أن يشاركوا، فاعتذرت تلك التنظيمات ونحن نحترم قرارها، فبقي الآن أفراد الجماعة والشخصيات المستقلة، ولذا يمثل أعضاء الجماعة الأغلبية في الحزب ومن هنا يأتي دورهم مؤثراً وواضحاً في قرارات الحزب بحكم عضويتهم.
من جهة ثانية، نحن نؤمن بالتنسيق والشراكة مع الجميع، وإذا كنا ننسق مع الأحزاب اليسارية والقومية ومع النقابات المهنية والجبهة الوطنية للإصلاح، أيُحظر علينا أن ننسق مع جماعة الإخوان المسلمين في قضايا هامة ومفصلية؟.
الأردن أمام خيارين
الدستور: إلى أين يسير الأردن باعتقادكم في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة؟.
منصور: المنطقة تمور بالأحداث، وكاد الفقر أن يكون كفراً، والمعلومات تتحدث الآن عن عجز يفوق التقديرات التي تتحدث عنها الحكومة، وعن مديونية تقسم ظهر الجميع، ولذلك فالمصلحة الوطنية الأردنية تقتضي أن نتوافق على الإصلاح -ملكاً وحكومة وشعباًَ- لنخرج من هذه المرحلة بلا خسائر إن شاء الله
الشيخ حمزة منصور : لم نتأخر عن الحراك الشعبي ولم «نركب الموجة»
أخبار البلد -