هبة الحاج- في خطوة غير مسبوقة، اجتمع مجلس الوزراء الأردني لمناقشة قضايا الأرجيلة ومراقبة أماكن بيعها وتقديمها، وكأن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تثقل كاهل المواطن الأردني قد أصبحت من الماضي، ولم يتبقَّ سوى "دخان الأرجيلة" كخطر محدق بحاجة لعلاج فوري، وأصبحت قضية الأرجيلة أولوية وطنية على ما يبدو، ودونها تتهاوى قضايا مثل الموازنة، والفقر، والبطالة، وكأن كل هذه الهموم يمكن تأجيلها بانتظار جلسة أخرى.
لن نتجاهل أن الأرجيلة، كمنتج للتبغ، تشكل خطرًا على الصحة العامة، وأن نسب التدخين في الأردن وصلت إلى مستويات قياسية عالميًا لكن، من حقنا أن نطالب بتوازن أكثر في تحديد أولويات الحكومة، إذ أن الحديث عن تحسين حياة المواطنين وجودتها لا ينبغي أن يقتصر على قضايا التبغ فقط، خاصة وأن هناك تحديات اقتصادية واجتماعية كبرى تحتاج إلى الحلول العاجلة.
المضحك المبكي في هذا الأمر أن البلاد تواجه قضايا متشعبة؛ من عجز في الموازنة يكاد لا يجد له منفذًا، إلى بطالة تتفاقم يومًا بعد يوم، إلى معدلات فقر صادمة، ناهيك عن مشاكل البنية التحتية والتعليم والصحة التي تنتظر أيدي جادة تعمل على تطويرها ومع ذلك، يبدو أن الاهتمام بالأرجيلة هو الذي استحوذ على الأولوية في أجندة اجتماع مجلس الوزراء.
ربما كان من الأفضل أن تُترك قضايا الرقابة على التبغ والأرجيلة لأمانة عمان والشرطة السياحية، و أن ينظر مجلس الوزراء بعين الأهمية إلى الأمور التي تمس حياة المواطنين مباشرة، كإيجاد فرص العمل، وضبط الأسعار المتزايدة، وتحسين الأوضاع المعيشية.
لعلنا نحتاج إلى حكومة تجتمع على "أرجيلة" من نوع آخر، أرجيلة تعبر عن قرارات ترفع من شأن الوطن وتحمي مستقبل أبنائه، لا حكومة تلتفت إلى تفاصيل يُفترض أن تكون من مهام جهات رقابية متخصصة، بينما تمر القضايا الكبرى دون حلول عاجلة، ودون أن ترى أولوية حقيقية على طاولة مجلس الوزراء.