لماذا يريد ترمب غرينلاند؟

لماذا يريد ترمب غرينلاند؟
د. عبد الله الردادي
أخبار البلد -  

في الأشهر الأخيرة، أعاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب إشعال النقاشات بشأن اهتمام إدارته المثير للجدل بجزيرة غرينلاند، وقد أثار إصرارُه على استكشاف إمكانية الاستحواذ على أكبر جزيرة في العالم دهشةَ العالم، لا سيما بعد تقارير عن مكالمة هاتفية متوترة مع رئيسة وزراء الدنمارك؛ ميته فريدريكسن... خلال هذا النقاش، أعرب ترمب عن تصميمه على السيطرة على غرينلاند، مشدداً على أهميتها الاستراتيجية للولايات المتحدة. وبالطبع؛ فقد رفض المسؤولون الدنماركيون هذه المبادرات بحزم، وأكدت فريدريكسن أن «غرينلاند ليست للبيع». أعادت هذه الحادثة ذكرى توتر العلاقات عبر «الأطلسي»، ويبدو أن طموحات الولايات المتحدة في القطب الشمالي عُبّر عنها بشكل صريح مع إدارة ترمب، فما هذه الطموحات، ولماذا هذا الإصرار الأميركي على غرينلاند؟

اهتمام الولايات المتحدة بغرينلاند ليس جديداً، وقد قاومت الدنمارك تاريخياً محاولات لفرض السيطرة الأميركية على الجزيرة، ففي حين يتمتع إقليم غرينلاند، ذو الـ57 ألف نسمة، بالحكم الذاتي؛ حيث يدير بنفسه شؤونه الداخلية، تتولى الدنمارك مسؤولية السياسة الخارجية والأمنية. وقد بدأ هذا الاهتمام في القرن التاسع عشر عندما تطلع وزير الخارجية الأميركي، ويليام سيوارد، إلى ضم غرينلاند إلى جانب ألاسكا. وخلال الحرب العالمية الثانية، برز الموقع الاستراتيجي لغرينلاند؛ حيث أقامت الولايات المتحدة قواعد عسكرية على الجزيرة لمواجهة النفوذ النازي في القطب الشمالي. وتالياً، استمرت الجهود لتعزيز الوجود الأميركي، بما في ذلك عرض بقيمة 100 مليون دولار لشراء غرينلاند في عام 1946 (أي ما قيمته اليوم نحو 1.7 مليار دولار). وعلى الرغم من فشل هذه المحاولات، فإنها تسلط الضوء على الأهمية الدائمة للجزيرة في الحسابات الاستراتيجية الأميركية.

في جوهر اهتمام أميركا بغرينلاند يكمن موقعها الاستراتيجي الفريد، حيث تقع غرينلاند بين أميركا الشمالية وأوروبا؛ مما يوفر نقطة مراقبة رئيسة لرصد الأنشطة الجوية والبحرية في القطب الشمالي، وتعدّ قاعدة «ثول» الجوية، التي أُنشئت خلال الحرب الباردة، وأعيدت تسميتها لاحقاً بقاعدة «بيتوفيك» الفضائية، محوراً مهماً لأنظمة الدفاع الصاروخي الأميركية وتتبع الأقمار الاصطناعية... ومع استمرار ذوبان الجليد في القطب الشمالي، تظهر طرق شحن جديدة؛ مما يعزز الأهمية اللوجيستية لغرينلاند بوصفها بوابة لهذه الممرات. وتؤكد الإمكانات المتنامية للعمليات العسكرية بالمنطقة على قيمة الجزيرة في تعزيز دفاع الوطن الأميركي وأمن «حلف شمال الأطلسي (ناتو)»، إضافة إلى أنها تضيف طرقاً بحرية أقصر من المسارات البحرية التقليدية؛ مما يقلل من أوقات الشحن بين آسيا وأوروبا وأميركا الشمالية، وتأمين هذه المسارات يعطي الولايات المتحدة نفوذاً أكبر.

إلى جانب قيمتها الاستراتيجية، تعدّ غرينلاند كنزاً من الموارد الطبيعية غير المستثمرة، فالجزيرة تحتوي رواسب ضخمة من العناصر الأرضية النادرة؛ بما فيها الليثيوم والنيوبيوم والتانتالوم، وهي عناصر ضرورية للتحول العالمي نحو الطاقة المتجددة والتقنيات المتقدمة. ووفقاً لتقرير صادر عن «هيئة المسح الجيولوجي للدنمارك وغرينلاند» في عام 2023، فإن غرينلاند تملك واحداً من أكبر احتياطات العناصر الأرضية النادرة المعروفة في العالم، وتعدّ هذه الموارد أساسية لتصنيع البطاريات وتوربينات الرياح وأشباه الموصلات، وهي صناعات يُتوقع نموها بشكل كبير في العقود المقبلة. وعلى الرغم من أن التعدين في غرينلاند يواجه تحديات بيئية ولوجيستية، فإن الفوائد الاقتصادية المحتملة تجعل الجزيرة وجهة جذابة للاستثمار. علاوة على ذلك، تعزز احتياطات النفط والغاز في غرينلاند جاذبيتها الاقتصادية، وعلى الرغم من أن الاستكشاف كان محدوداً بسبب المخاوف البيئية والعقبات التقنية، فإن احتمالية اكتشاف احتياطات كبيرة من الهيدروكربونات لا تزال قائمة، والالتفات إلى هذه الموارد قد يُحدث تحولاً في اقتصاد غرينلاند.

بمعرفة هذه العوامل الجاذبة، لا يمكن استغراب رغبة الولايات المتحدة في الاستحواذ على غرينلاند، وتكاد تتشابه المبررات المعلنة اليوم مع المبررات السابقة، فقد كانت ألمانيا النازية هي السبب، ومن ثم جاء الاتحاد السوفياتي، والآن الصين وروسيا، إلا إن المصالح الأميركية الأخرى في غرينلاند لا يمكن إغفالها، وبوجود إدارة ترمب، بالنهج الصدامي الذي اتبعته مع الدنمارك، فقد يتغير مسار الأحداث، فالرئيس الجديد لم يستبعد التدخل العسكري، أو الرسوم الجمركية، أو غيرهما من الأدوات التي تحقق طموحه. ولا يكمن الطموح في الاستثمار بالجزيرة، وهو ما رحبت به الدنمارك وغرينلاند، ولكن الطموح هو أن تنضم الجزيرة إلى الولايات المتحدة، ولأول مرة يكون هناك تهديد عسكري بين دولتين من «الناتو»، ومع أن وقوع ذلك أمر مستبعد، فإن الضغوط على الجزيرة النائية لن تنتهي بكل تأكيد.



شريط الأخبار ارتفاع أسعار الذهب في السوق المحلية الخميس تحويلات مرورية مؤقتة على طريق عمّان–السلط مساء الخميس الوزير المصري يحدد مكافآت وحوافز موظفي البلديات العطس المتكرر.. علامة على حساسية أم مجرد تهيج عابر؟ لومينوس وشركة العاديات – مجموعة المناصير يطلقان برنامج “التعليم الثنائي” لتأهيل خريجين لسوق العمل عندما يخونك GPS.. مسن فرنسي يجد نفسه في كرواتيا بدلا من عيادة الطبيب المجاورة لمنزله البرلمان: ملف «اللجان التشريعية» بعد إعادة «التفاوض» … نجح الإسلاميون في «إعادة البرمجة»؟ نقابة تجار الألبسة تحذر من استغلال (الجمعة البيضاء) في الأردن "معجزة طبية".. أميركية وُلدت بلا دماغ تحتفل اليوم بعيدها الـ20 استقالة 6 اعضاء من جمعية المحامين الشرعيين .. يفتح الباب امام حل الهيئة الادارية واجراء انتخابات جديدة – أسماء الذهب يستقر قرب 4200 دولار وسط غياب البيانات الاقتصادية الأميركية رئيس الوزراء العراقي يعلن فوز ائتلافه بالانتخابات التشريعية وفيات الخميس 13-11-2025 نقابة تجار الألبسة تحذر من استغلال "الجمعة البيضاء" عاجل مدعوون للامتحان التنافسي في الحكومة - تفاصيل 3 إصابات إثر حادث سير بشارع الجيش في وسط البلد بعمّان بكاء أطفال وجثث متفحمة.. شاحن هاتف يمحو أسرة كاملة حالة من عدم الاستقرار الجوي مصحوبة بأمطار غزيرة وبَرَد وبرق ورعد الخميس بسبب الغيرة.. سيدة تصيب زوجها ب6 قطب في رأسه في طبربور أصوات غامضة تشبه قرع الطبول ليلاً تثير الجدل في البادية الأردنية قرب “الرويشد”