لبنان: إعادة الإعمار السياسيّ

لبنان: إعادة الإعمار السياسيّ
حازم صاغية
أخبار البلد -  

يطالب اللبنانيّون اليوم بـ «إعادة إعمار ما تهدّم»، وما تهدّم كثير وكبير ينبغي أن يعاد إعماره. وهم يرفعون هذا الطلب إلى الدول الصديقة والقادرة، أكان في المنطقة العربيّة أو في العالم. لكنّ اللبنانيّين، وسط فرحهم بانهيار «النظام القديم» بمحوره ومقاومته، وبانتخاب رئيس جمهوريّة واختيار رئيس حكومة محترمين، يقرنون طلبهم بلغة سياسيّة لا تملك من الحسم ما تتطلّبه خدمة إعادة الإعمار.

 

وإذ ينشأ عهد جديد، يُرجى أن يتحوّل نظاماً جديداً، يبدو الإصرار على لغة مختلفة شرطاً شارطاً لتحصين إعادة الإعمار المأمولة. والتجربة القريبة تلحّ على ذلك: فبعد الحرب المديدة (1975 – 1989) عرف اللبنانيّون إعادة إعمار يمكن أن يقال الكثير فيها ذمّاً أو مدحاً، لكنّ اللغة التي طغت يومذاك شابَها شيء معتبر من النسيان الممزوج بتمجيد الذات. فنحن، وفقاً للّغة تلك، بلد العراقة والعالميّة، نبني حواضر للمستقبل لا بدّ أن تترجمها ناطحات سحاب ومجمّعات تجاريّة تضع بيروت إلى جانب دبيّ وهونغ كونغ، ممّا «يليق» باللبنانيّين. وفي النسيان الذي استبطنته تلك اللغة لم يُفهم السبب الذي أدّى إلى التهديم ثمّ أوجب إعادة الإعمار.

والحال أنّ الإشارات الرسميّة القليلة إلى السبب كانت من طينة رحبانيّة تُحيل النزاع إلى صدفة أو استثناء عابر أو سوء تفاهم. ولم تكن اللغة تلك بعيدة عن تحالفات سياسيّة حاكمة وانفجاريّة، يتصدّرها تقاسم السلطة بين رفيق الحريري، رمز إعادة الإعمار ولو بالاستدانة، و»حزب الله»، رمز إعادة الهدم من خلال المقاومة الدائمة. وبدورها كانت السلطة السوريّة الأسديّة تحتوي هذا التقاسم وتتحكّم باشتغاله، هي التي رهنت لبنان، في سلامه وفي اقتصاده، بلعبة الصراع على النفوذ بينها وبين إسرائيل. وهذا ما أجلسَ إعادة الإعمار على مقربة من حافّة الهاوية الدائمة. هكذا درج البناء وتهديمه على النوم في سرير واحد: فالموسيقى التي يستمتع بها سعداء بسهرتهم في علبة ليليّة ما، قد تختلط بأصوات عيارات ناريّة لا يُسأل مُطلقوها عن سبب إطلاقها، إمّا لأنّهم مقاومة قالت إنّها تنذر نفسها لـ «تحرير فلسطين»، أو لأنّهم جماعة تحتفل بفوز صبيّ منها بنيل شهادة البريفيه. وكلّ جماعة، كما نعلم، جزء من طائفة مسنود بزعيم طائفيّ. لكنْ ذات مرّة، حين اكتملت الشروط، تجمّعت العيارات الناريّة واشتدّت وتولّت قضم كلّ شيء آخر.

وتلك تجربة يُستحسن أن لا تتكرّر، فلا نجدنا أمام خلائط سياسيّة وتعبيريّة لا مكان معها، في أحسن الأحوال، إلاّ لإعمار مؤقّت وزائل. فأغلب الظنّ إذاً أنّ إعادة الإعمار تلك تتطلّب، لاستقرارها ودوامها، إعادة إعمار سياسيّ ولغويّ يمكن اقتراح عناوين عريضة ثلاثة لها:

من جهة، عدم الترويج لقضايا، كالحرب مع إسرائيل وتحرير فلسطين إلخ...، تتحوّل إلى ذرائع لحمل السلاح، وتمنح صاحبها حصانة تجيز له ما لا يجوز لغيره. فهذا التزحلق اللغويّ إلى الهاوية مُكلف ومدمّر، يحضّ على الحذر منه والتنبّه له. لقد كان الامتياز الذي مُنح لـ «القضيّة» قاطرتنا إلى تحمّل النفوذ الإيرانيّ والوصاية السوريّة وهلهلة الدولة وتنازع المجتمع، ومن ثمّ انفجار كلّ شيء، وهذا علماً بأنّ المناخ الحاضن لإعادة الإعمار يمنح الأولويّة حصراً للدولة ولتماسك المجتمع، وبعد ذاك يرى اللبنانيّون ما الذي يمكنهم فعله في دعم الحقّ الفلسطينيّ من خلال الدولة ومن دون إضعافها.

ومن جهة أخرى، الكفّ عن التغنّي بـ «أصالة» و»رسالة» لبنانيّتين بات طريقنا، بعد التطوّرات الأخيرة، مُعبّداً للوصول إليهما، فيما المطلب الفعليّ هو العيش كدولة ومجتمع عاديّين. ذاك أنّ «الأصالة» تلك، إذا وضعنا جانباً الصورة الطافحة بالورديّة عنها، كالتي رسمها الشاعر سعيد عقل وآخرون، فيها الكثير من القتل والدم والثارات، وهي تتلاءم مع العيش في الطبيعة أكثر كثيراً ممّا يلائمها العيش في دولة ومجتمع هما بالضرورة «حديثان» وليسا «أصيلين». وأخطر ممّا عداه أنّ نهرب، مرّة أخرى، بـ «الأصالة» و»الرسالة» من مراجعة مسؤوليّتنا عمّا حصل. فنحن، «الأصلاء»، بأيدينا قتلنا وقاتلنا واستولت علينا الولاءات الصغرى وفعلنا كلّ ما يحوّل بلدنا ركاماً.

أمّا ثالثاً، فتجنّب الكذب في تقديمنا تاريخَنا، وتجنّب التناقض في رسم القيم التي يُراد لهذا التاريخ أن يصادق عليها. فاللبنانيّون، مثلاً، نالوا استقلالهم في 1943 من دون دم، وهذا إنجاز كبير، لكنّ تمجيد الدم والشهادة لا يستقيم مع هذه الرواية. وهم نالوه بدعم بريطانيّ، قبل عقود على تحرّرهم الراهن من المحور الإيرانيّ، وهذا ما تمّ أيضاً بفعل أدوار خارجيّة، لا يستقيم معها زعمنا أنّنا «أقوياء». فنحن بالتالي ضعفاء، لا نملك بذاتنا حلولاً لمشاكلنا، تماماً كما لا نستطيع أن نعيد بأنفسنا إعمار بلدنا. وهذا، في عمومه، يحضّ على اعتماد نظرة إلى أنفسنا وإلى العالم صادقة ومتواضعة، تقطع مع ثقافة «الشنفخة» و»الزعبرة» التي يستوطنها، بكثير من المواربة والالتواء، كثير من العنف.

شريط الأخبار حماس تعلق... مغربي بجواز أمريكي ينفذ عملية طعن في تل أبيب ويوقع إصابات خطرة المقاومة: قصف القدس المحتلة بصاروخين من نوع "M75" ودك تحشدات ومواقع قيادة وسيطرة العدو الكشف عن عدد الموظفين الذين يتقاضون أكثر من 2000 دينار شهريًا في وزارة الاستثمار العيسوي ينقل تعازي الملك وولي العهد بوفاة وزير الإغاثة الفلسطيني "الأوقاف" تدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء الجمعة منح تعرفة كهربائية محفّزة خارج أوقات الذروة لعدد من القطاعات الإنتاجية الحيوية مقتل شاب طعناً في مشاجرة بمنطقة الجبيهة.. والأمن يضبط الجاني 3 استقالات ثقيلة تضرب الكيان الصهيوني... تعرفوا عليها إطلاق قناة رسمية خاصة بأخبار ونشاطات ولي العهد على منصة واتساب الحكومة: لا يوجد في تاريخ الأردن نقطة دم سياسية واحدة تحضيرات لدفن نصرالله أين حُدّد المكان؟ المومني: نعتز بمواقفنا الثابتة تجاه غزة والضفة وجميع القضايا العربية حالة من عدم الاستقرار الجوي تؤثر على المملكة اليومين القادمين الدكتور بينو يدعو المؤسسات المالية لتمويل مستقبلي اكثر استدامة لتعزيز الأثر الاجتماعي والتمويل الأخضر على المجتمع والاقتصاد الاحتلال يشنّ عملية عسكرية في جنين: 6 شهداء و35 مصابا وتوغّل بالمدينة ومخيّمها من هو "اسامه كريم" المتورط بجريمة قتل الشهيد "معاذ الكساسبة"..!! التأمين الإسلامية تعين أيمن عبدالرحمن بمنصب المدير التنفيذي لدائرة التأمين الصحي النائب الحميدي: تشكيل اللجنة النيابية للتحقيق في ملف الفوسفات اليوم بعد إحالة طلب تسمية الأعضاء للكتل النيابية هيئة النقل البري: شركة الوالي مُنحت إنذارًا لتصويب أوضاعها وشركة عمان-مادبا لم يُجدد عقدها لعدم الوفاء بالالتزامات مجلس الأعيان يُقر "موازنة 2025"