هذا القانون الذي صدر عام 2002 عن الكونغرس الأميركي « قانون حماية أفراد الخدمة الأميركية»، بسط حمايته على حلفاء أميركا وخاصة أفراد الخدمة الإسرائيلية حيث يذكرهم صراحة في متن القانون!
أميركا نفسها ليست عضوا في برتوكول روما المؤسس لـ»مجد»، ولكنها كرست مواردها وفريقًا قانونياً للمساهمة في استصدار قرار اعتقال للرئيس الروسي بوتين على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية، واحتفت أميركا وأوروبا بالقرار، واعتبرته معيارا للعدالة!
كريم خان مدعي عام في «مجد» - ولست معجبا بأدائه بخصوص الحرب على غزة - تعرض للتهديد، وتحركت ضده في أكتوبر الماضي تهم « تحرش جنسي» اعتبرها في تصريحات صحفية انها ضمن حملة تهديد المحكمة والضغط عليها لمنع استصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت!، قبل إصدار القرار أرسلت «دزينة» من نواب الكونجرس الأميركي الجمهوريين رسالة تهديد خطية إلى المدعي العام خان جاء فيها «إذا استهدفت إسرائيل فسنستهدفك!»، جلسة إصدار القرار تأجلت أكثر من 11 مرة، وقدمت إسرائيل طعونا شكلية لمحاولة منع صدور مذكرات الاعتقال! ولكن من جانب آخر أعلنت اغلب الدول انها ستنفذ القرار وهذا الإعلان ضغط دولي مهم، وانجاز للقضية الفلسطينية!
القرار ليس قرار إدانة ولكنه قرار تمهيدي للمحاكمة، لا تستطيع إسرائيل الطعن به والطريق الوحيد لتحدي القرار هو أن يذهب نتنياهو، ويسلم نفسه للمحكمة ويطعن بالقرار!، وعمليا قد لا ينفذ هذا القرار، او ينفذ ولو بعد حين فإن بعض قرارات «مجد» انتظرت عشرات السنين لإتمام القبض على المشتبه بهم! ولكن المهم في متن القرار ان المحكمة وفي ردها على الطعون الإسرائيلية قررت انه لا حاجة لأن تكون إسرائيل عضواً في «مجد» لمحاكمة نتنياهو وغالانت، كما قررت أيضا بشكل واضح أن غزة تقع ضمن حماية المحكمة ومن ثم فإن مذكرات قد تتبع لجلب مسؤولين إسرائيليين آخرين! والأهم أنها قررت مبدئيا ان هناك استهدافا ممنهجا للمدنيين واستخدام التجويع لحصارهم وابادتهم وهو ما قد يسهم - برأيي الخاص- بتدعيم ادانة إسرائيل بجريمة الإبادة الجماعية امام محكمة العدل الدولية!
سبع دول حركت الشكوى امام المحكمة، وكانت جنوب أفريقيا على رأسهم، ومن جامعة الدول العربية -يرحمها الله- جزر القمر وجيبوتي!، أما الدول العربية الفاعلة والعالم الإسلامي فصمت مطبق، مخجل ومدان وصغير امام الدم والعذاب الفلسطيني!
بعد إعلان المحكمة عن إصدار مذكرات الاعتقال لنتنياهو وغالانت، عنونت أهم صحيفة أيرلندية صفحتها الأولى تحت صورة لنتنياهو بعبارة مطلوب للعدالة «Wanted»، هذه المذكرة أراها تصدر قريبا بحق رؤساء أميركا وأفراد الخدمة الأميركية والأوروبية المشتركين مباشرة في جريمة الإبادة الجماعية الجارية الآن وحتى هذه اللحظة في غزة، لقد كشّرت الإدارات الأميركية- جمهوريون وديمقراطيون - عن أنياب داعشية، وانهار الغرب أخلاقيا وسياسيا.
شتاء آخر وموت مستمر وخزي وعار يسجله التاريخ على شعوب العرب ودولها، وأطفال غزة يصدرون بتضحياتهم مذكرات اعتقال للجميع، كلنا Wanted جنابك!