قبل أقل من ثلاثة أسابيع على الانتخابات الرئاسية الأميركية, هبط في المنطقة مسؤولان أميركيان رفيعا المستوى وصلاحيات الثرثرة, هما: أنتوني بلينكن وعاموس هوكشتاين, على نحو يُثير الريبة والشكوك, ليس فقط في أن إدارة بايدن, في الهزيع الأخير من عمرها, وبالتالي فقدان تأثيرها (بافتراض رغبتها), على مجرم الحرب نتنياهو وجنرالاته الفاشيين, بل خصوصا ودائما ان «الوسيطيْن» صهيونيان بالفطرة (دع عنك كونهما يتفاخران بكونهما «يهوديّين", وأحدهما/ هوكشتاين.. من مواليد الكيان الغاصب, وقاتلَ في صفوف جيش العدو على الجبهة اللبنانية).
ما يحمله هوكشتيان وبلينكن, من «اقتراحات» محمولة على ضغوط وتسريبات, مترافقة مع قصف ناري وحشي صهيوني, بلا كوابح او ضوابط, يطال محافظة شمال غزة, وبخاصة مخيم جباليا وجباليا البلد وبيت لاهيا, فضلا عن غارات لم تتوقّف على «كل» لبنان, وتحديدا الضاحية الجنوبية, إضافة الى الحملة البرية (الفاشلة حتى الآن), التي جنّدت لها حكومة الفاشيين في تل أبيب «5» فرق عسكرية اي ما يصل الى 90 ألف جندي وضابط.
نقول: ما يأمله «الوسيطان الأميركِيّان» لم يعد يندرج في خانة الأسرار, إذ بات مكشوفا ومعلنا, ووجودهما في هذا التوقيت, إنما يروم «استثمار» ما يعتقده صانعو القرار في تل أبيب وواشنطن, «الإنجازات» التي حقّقها الكيان النازي, على الجبهتين الفلسطينية/ قطاع غزة, ولبنان. حيث يرى بايدن ونتنياهو ان غياب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس, الشهيد يحيى السنوار, يُشكل «فرصة» لتمرير المشروع الصهيوأميركي لـ"اليوم التالي» لوقف النار في القطاع المنكوب.
فيما هما بايدن ونتنياهو يتوهّمان ان الضربات الموجعة والقاسية التي وجّهها الحليفان الى حزب الله, ستسمح لهما بفرض جدول الأعمال الذي وضعاهُ مُسبقا (دع عنك اكذوبة إعادة مُستوطني الشمال الفلسطيني المحتل الى منازلهم). والذي ترجمته سلسلة المطالب التعجيزية التي أرسلها نتنياهو لـ«عاموس هوكشتاين» قبل هبوطه في بيروت (مُرتديا سترة واقية من الرصاص).
وإذا كان ما كشفه موقع أكسيوس الأميركي الصهيوني التوجّه,عن تقديم تل ابيب مطالب لـ«إنهاء الحرب», قال الموقع نفسه: أنه «يصعب» على لبنان وحزب الله قبولها. ناقلا عن مسؤول أميركي قوله: إنه من غير المُرجح أن يوافق لبنان و«المجتمع الدولي» على الشروط الإسرائيلية. فإن من السذاجة الاطمئنان الى هذا التسريب المقصود والرامي الى إضفاء صفة «النزاهة» على الدور الأميركي, الذي لم يكتف بإعلان دعمه لجرائم الحرب والمجازر التي يرتكبها جيش النازية الصهيونية في كامل الأراضي اللبنانية فحسب, بل خصوصا في أن إدارة بايدن أعلنت موافقتها على «استمرار» ضربات تل أبيب لحزب الله, وبما يُفضي ليس فقط الى إضعافه, بل خصوصا الى «تدميره», على ما قاله بغطرسة صهيونية مجرم الحرب/ يوآف غالنت.
ماذا عن «شروط» نتنياهو ومطالبه؟
اولا: السماح للجيش الإسرائيلي بحرية العمل في الجنوب اللبناني «على الأرض بالطبع». اما الأكثر خطورة فهو المطلب الثاني, المتمثل بالسماح لسلاح الجو الصهيوني باستباحة «كامل» المجال الجوي اللبناني. في حين نص المطلب الثالث (من بين مطالب أخرى وأخطرها «توسيع مهمة قوات «اليونفيل», ما يحولها الى قوة احتلال حقيقي, تنكيلا باللبنانيين واستباحة لخصوصياتهم). المطلب الثالث يدعو الى عدم السماح بـ«إعادة» تسليح حزب الله. وهي مهمة يجب ان تقوم بها الدولة اللبنانبة/ الجيش اللبناني, ما يؤسس لحرب أهلية جديدة, عبر استعادة مناخات العام 1975 السوداء, والدور المعيب الذي لعبه الانعزاليون اللبنانيون في ذلك الوقت, وربما الرهان الصهيو أميركي عليهم في هذه المرحلة الحرِجة لبنانيا وإقليميا.
ثم يأتيك عاموس هوكشتاين ليتحدث عن القرار/1701 المطلوب تنفيذه «لبنانيا» فقط, مع إضافة «بعض الملاحق» لضمان تنفيذها لبنانياً. فهل ضمِنَ هوكشتاين «إلتزام» نتنياهو بذلك؟, ام أن الشروط التعجيزية التي تريد تل أبيب فرضها تعني أن الحرب مستمرة ومرشحة للتوسع, خاصة بعد نشر الولايات المتحدة منظومة (THAAD) دفاعا عن الكيان الصهيوني, استعدادا لضربة إسرائيلية ضد إيران. (يرشح أنها ستكون يوم غد/الخميس, لتزامنه مع «7 أكتوبر» بالتوقيت العبري, الذي يُصادف آخر أيام «أعياد» السنة العبرية الجديدة, وهو «عيد فرحة التوراة», الذي تم فية تنفيذ ملحمة «طوفان الأقصى», يوم 7 أكتوبر 2023 ميلادية وليس عبرية).
هل سألتم عن مهمة أنتوني بلينكن في جولته الـ«11» التي بدأها من تل أبيب؟.
نحسب حدود الجزم ان «بندا واحدا» على جدول أعماله هو السعي لـ«لإفراج عن كل الرهائن» الصهاينة, قبل رحيل الرئيس الصهيوني بايدن عن البيت الأبيض. وهو والحال هذه لن يتردد في بذل المزيد من الوعود الخُلّبية التي لا رصيد لها ولا صدقية لصاحبها, على النحو الذي «خًبِرناه» في جولاته العشر الفاشلة... السابقة.