هبة الحاج-- بعد أن هدأت العاصفة الصحية لجائحة كورونا، وبدأ العالم في التقاط أنفاسه، باتت المستشفيات الميدانية في المملكة تجسيداً حيّاً لفشل التخطيط والإدارة هذه المنشآت التي أنشئت بشكل مستعجل في ذروة الأزمة، تحوّلت اليوم إلى رموز للهدر والإهمال، بُنيت على عجل لمواجهة تفشّي المرض، لكن سرعان ما كشفت عن هشاشتها مع أول اختبار للطقس القاسي. انهيار سقف إحدى هذه المستشفيات بعد أول شتوة لم يكن سوى دليلاً صارخاً على مدى ضعف البنية التحتية وسوء الإشراف، وسط جدل واسع بين المسؤولين حول جدوى استمرار هذه المنشآت التي تلتهم موارد البلاد دون مردود حقيقي. فهل كانت المستشفيات الميدانية حلاً مؤقتاً أم عبئاً دائماً على كاهل النظام الصحي؟
أخبار البلد تواصلت مع خبراء ومختصين في القطاع الصحي لإلقاء الضوء على هذا الملف الشائك.
وزير الصحة الأسبق الدكتور غازي الزبن أوضح أن المستشفيات الميدانية ضرورية في أوقات الحروب والكوارث الوبائية، حيث تتطلب الظروف الطارئة حلولاً سريع. لكنه أكد أن هذه المستشفيات لا يمكن الاعتماد عليها بشكل دائم في وقت السلم، مشيراً إلى أن المنطقة التي تحتاج لمستشفى دائم لا يمكن أن تُخدم بمستشفى ميداني وأوضح أن بناء المستشفيات الدائمة يتطلب سنوات من التخطيط والإنشاء، مما يجعل الحلول الميدانية قصيرة الأمد غير كافية.
من جهته، أشار رئيس النقابة العامة للعاملين في الخدمات الصحية، محمد غانم، إلى أن قرار إنشاء المستشفيات الميدانية اتخذ في ظل الضغط الهائل على القطاع الصحي خلال الجائحة، وهو قرار كان يخدم المواطنين والمقيمين في ذلك الوقت وأكد أن المستشفيات الميدانية لا تزال تستخدم كجزء من الكوادر الوظيفية التابعة لوزارة الصحة.
أما النائب عدنان مشوقة فقد أشار إلى ضرورة استغلال المستشفيات الميدانية التي أنشئت بكلفة باهظة، لتقديم خدمات صحية في ظل الضغط المستمر على المراكز والمستشفيات الحكومية، وأضاف أن الأخطاء التي وقعت خلال جائحة كورونا كانت نتيجة القرارات السريعة، لكنه يرى إمكانية تصحيح هذه الأخطاء والاستفادة من تلك المنشآت بدلاً من تركها مهجورة.
وبينما تتباين الآراء حول مصير هذه المستشفيات، يبقى السؤال قائماً: هل ستظل هذه المنشآت المهجورة رمزاً لقرارات غير مدروسة، أم سيتم تحويلها إلى فرصة لتقديم خدمات صحية مستدامة؟