تقول إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إنها تسعى للحد من الردّ الإسرائيلي على الهجوم الأخير الذي شنته إيران مساء الثلاثاء الماضي عبر إطلاقها مئات الصواريخ الباليستية على تل أبيب، ورغم أن مسؤولين أميركيين يخشون من أن الحرب الشاملة في الشرق الأوسط، التي سعت الإدارة لمنعها خلال العام الماضي، باتت أقرب، إلا أن بايدن ما زال، بحسب صحيفة "واشنطن بوست"، ممتنعاً عن الضغط على إسرائيل بشكل كافٍ لحملها على تخفيف التصعيد.
ونقلت صحيفة "واشنطن بوست"، اليوم الخميس، عن العديد من كبار المسؤولين في إدارة جو بايدن قولهم إن المسؤولين الإسرائيليين أخبروهم بشكل خاص بأنهم لا يشعرون بالحاجة إلى الرد على إيران بطريقة فورية وواسعة النطاق. ورغم ذلك، يخشى المسؤولون في الولايات المتحدة وأوروبا من أن تضرب إسرائيل أهدافاً اقتصادية في إيران من شأنها أن تؤدي إلى رد فعل تصعيدي خطير وهجمات انتقامية من إيران على مصالح الطاقة الغربية، ما قد يؤدي إلى تعطيل الاقتصاد العالمي قبل شهر واحد من الانتخابات الرئاسية الأميركية.
وأشار مسؤولون أميركيون إلى أنهم يشجعون إسرائيل على الرد بطريقة مدروسة، لكن حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا قلقون من أن واشنطن لا تمارس ضغوطاً كافية على حكومة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، وقال مسؤول أوروبي كبير لـ"واشنطن بوست" إن طهران أشارت منذ فترة طويلة إلى أن الهجمات على صناعة النفط والغاز ستكون "خطاً أحمر". وأضاف "ما فهمناه هو أن الأميركيين لا يمنعونهم". وتشير الصحيفة إلى أن جو بايدن امتنع عملياً عن استخدام الإجراء الأكثر تأثيراً في الضغط على إسرائيل وهو تعليق المساعدات العسكرية لإسرائيل.
ورغم تأكيدات القيادة الإسرائيلية لإدارة بايدن أنها ستحافظ على ضبط النفس، إلا أن ذلك لا يزيل قلق الإدارة في ظل تحكم اليمين المتطرف بحكومة الاحتلال، بحسب بالصحيفة، التي تنقل عن مسؤولين أميركيين أن إسرائيل تراجعت عن الكثير من الأمور التي تعهدت بها خلال العام المنصرم.
وتقول "واشنطن بوست" إن هناك شهية قوية لرد عسكري كبير داخل إسرائيل، خاصة مع الشعور بأن إيران ضعيفة بشكل غير عادي بعد الضربات الأخيرة على حزب الله والتي ألحقت الضرر بنظام اتصالاته ودمرت قيادته، بحسب الصحيفة، التي تشير إلى طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينت من نتنياهو إعطاء الأمر لتنفيذ ضربات على البرنامج النووي الإيراني فوراً، وقال بينت على وسائل التواصل الاجتماعي، يوم الثلاثاء الماضي: "يجب أن نتحرك الآن لتدمير البرنامج النووي الإيراني ومنشآت الطاقة المركزية، وشلّ هذا النظام الإرهابي بشكل قاتل"، مضيفاً "لقد أصيبت مخالب الأخطبوط بالشلل مؤقتًا - والآن يأتي الرأس".
وقال إيان بريمر، رئيس ومؤسس مجموعة أوراسيا، بحسب الصحيفة الأميركية: "ما يفهمه الأميركيون هو أن الإيرانيين لا يريدون التصعيد بشدة، وهذا الواقع يعني أنك أقل قلقاً بشأن التصعيد ولكنك قلق من أن الإسرائيليين قد يحاولون فعل المزيد"، مشيراً إلى ضعف موقف جو بايدن أمام الإسرائيليين الذين "لا يشعرون بأنهم ملزمون بالاستجابة للضغوط الأميركية".
وتقول الصحيفة إن الهجوم الإيراني الأخير كان تأثيره "أكبر قليلاً مما كان عليه في إبريل/نيسان الماضي" لكن لم يتم الإبلاغ عن أي قتلى داخل إسرائيل، في حين أفادت التقارير بمقتل رجل فلسطيني في الضفة الغربية. واعتبر مسؤول كبير في الإدارة الأميركية أن نجاح الولايات المتحدة وإسرائيل في صد الصواريخ الإيرانية للمرة الثانية عزز الثقة داخل إسرائيل، وفي محادثات خاصة أشار المسؤولون الإسرائيليون إلى أنهم سيردون بطريقة مدروسة، معتبرين أن ذلك يعتبر تغييراً كبيراً عن الضربة السابقة في إبريل، حيث اضطرت الولايات المتحدة علناً وسراً إلى حث إسرائيل على الرد بضبط النفس لتجنب المزيد من التصعيد.
وأضافت الصحيفة نقلاً عن مسؤول أميركي إن الولايات المتحدة وإسرائيل إلى جانب شركاء دوليين آخرين، صاغوا خطة دفاعية للمساعدة في الدفاع ضد الهجمات الإيرانية المحتملة والتي "نجحت كما كنا نريدها أن تنجح". وقال المسؤول إن حقيقة عدم مقتل أي إسرائيلي وتمكن الدولتين من إحباط جميع الصواريخ الإيرانية، بما في ذلك الصواريخ التي أطلقت على تل أبيب، منحت الولايات المتحدة بعض الوقت لمحاولة التأثير على الرد الإسرائيلي، لكن الشرق الأوسط أصبح أكثر قابلية للاشتعال مما كان عليه قبل بضعة أشهر فقط.
وقال نائب وزير الخارجية كيرت كامبل، في فعالية نظمتها مؤسسة كارنيغي، أمس الأربعاء، بحسب واشنطن بوست: "هناك جهود كبيرة على الجانبين للحفاظ على خطوط الاتصال مفتوحة بين الولايات المتحدة وإسرائيل والتأكد من فهم وجهات النظر. كانت هناك لحظات من المفاجأة، ولا أعتقد أن هذا سر، على مدار الشهرين الماضيين"، مضيفاً "على الرغم من أهمية الاستجابة من أي نوع، إلا أن هناك إدراكاً بأن المنطقة تتوازن حقاً على حافة السكين، ومخاوف حقيقية بشأن تصعيد أوسع أو استمراره"، مشيرا إلى أن هذا قد "يعرض ليس إسرائيل فقط، بل ومصالحنا الاستراتيجية أيضاً للخطر".