أخبار البلد - ملفت للغاية سلوك دولة الاحتلال في تعاملها مع المنظومة القانونية الدولية ومع دول العالم بعد السابع من اكتوبر والتي انهالت عليها العديد من القرارات التي أدخلتها لأول مرة ومنذ قيامها قبل 75 سنة دائرة الوضوح والكشف عن طبيعتها العنصرية و"الحيوانية»، وتميز هذا السلوك بعدد من ردود الفعل التي تعكس غطرسة وتبلد وشعور فارغ بالفوقية لدى النخب السياسية فيها، وآخر محطة من محطات ردود الفعل لهذه الدولة كان تصويت «الكنيست» الإسرائيلي بأغلبية 99 من 120 عضواً هم كامل اعضاء هذا «الكنيست»، لصالح مشروع قرار تقدم به نتنياهو شخصياً يمنع الاعتراف بدولة فلسطينية، وهذا القرار يعني أن دولة الاحتلال وبكل مكوناتها السياسية والوانها الحزبية هي في الحقيقة تشكل لوناً واحداً ألا وهو معاداة الحرية للشعب الفلسطيني والإيمان العقائدي بأنه وبدولته يشكل نقيضاً وجودياً لها، كما أن هذا القرار يؤشر بشكل واضح على أن هذا المجتمع الإسرائيلي هو مجتمع مرعوب لا يملك أدوات مواجهة نقيضه الفلسطيني في معادلة صراع طبيعية حضارية قائمة على تحديد الهوية الحقيقية للأرض وللناس والعناصر الأساسية للديمغرافيا والجغرافيا.
الرعب من المستقبل يدفع شخص مثل نتنياهو وهو «يعد مخزناً عميقاً من الكراهية للعرب» ليتحصن بقرار لدولة مثقلة بسوء الأخلاق والوحشية لحسم الصراع بشكل «بهلواني مضحك» من خلال قرار كهذا، وهو ما يدلل على أن نتنياهو ومجموع الأحزاب الإسرائيلية التي صوتت على قرار عدم الاعتراف بالدولة الفلسطينية إما جهلة وليس لديهم أدنى فهم لطبيعة الصراع وقوانينه والتي أساسها وجود شعب متجذر في أرضه من المستحيل وبعد 75 سنة من صموده فوق أرضه التي ورثها من أجداده فيما قبل التاريخ، من المستحيل إرغامه على الاعتراف بشرعية الاحتلال، وأما مجاميع من شذاذ الآفاق الذين يؤمنون بأن منهج القتل والتدمير الوارد في «التوراة» قادر على تطويع الشعب الفلسطيني وسلبه حريته وهو أمر ما زال يشكل مساحة كبيرة من عقل دولة الاحتلال التي ثبت لها بعد السابع من اكتوبر أن الفلسطيني ليس «هنديا أحمر» هذا الشعب الذي أباده «الانجلو سكسون» القادم للأرض الأميركية من بريطانيا والمانيا وهولندا وغيرها من تلك الدول الأوروبية، ودولة الاحتلال في الواقع ما هي إلا نسخة جديدة من «الأبيض الأميركي»، وهذا أحد العوامل المهمة التي تجمع بين واشنطن وتل أبيب وأقصد هنا «الوحشية الحيوانية».
بعد وصول مجمل ملف القضية الفلسطينية إلى محكمة العدل الدولية والبدء بالتحقيق بموضوع الابادة الجماعية في غزة والوضع القانوني العام للوجود الاسرائيلي في القدس والضفة وغزة دخل الاحتلال في حالة غير مسبوقة من الاختلال الذهني في فهم ما جرى ويجري وفي تقبله، والاهم في كيفية الرد عليه حيث جاءت النتائج على النحو التالي:
باتت دولة الاحتلال في نظر العالم دولة مارقة لا تردعها القوانين والمواثيق القانونية والاخلاقية التى تلتزم بها دول العالم وبخاصة دول ما يسمى بالعالم الحر.
أصبحت وكما قال الكاتب اليساري الإسرائيلي جدعون ليفي كلمة مجزرة تعني في القاموس العالمي وفي الوعي العالمي «إبادة» الشعب الفلسطيني في غزة وهو امر نتج عن عدوان مستمر بضراوة وقتل وحشي وبكل الادوات العسكرية في كل دقيقة على مدى اكثر من تسعة شهور راح ضحيته اكثر من 40 ألف إنسان منهم ما يزيد عن 10 آلاف طفل.
خسرت دولة الاحتلال صورتها كدولة تنتمي للعالم الحر بعد ان تجردت من إنسانيتها وتوقف زمنها عند تاريخ العاشر من اكتوبر وتحررت من كل اشكال الضبط الاخلاقي والقيمي في رد فعلها الانتقامي، وادرجت على قائمة العار الخاصة بقتل الاطفال التي يقرها الأمين العام للأمم المتحدة وتساوت في ذلك مع «طالبان» وب"وكوحرام» و"داعش» و"القاعدة» أي باتت رسمياً دولة إرهابية.
لم تخسر دولة الاحتلال صورتها في العالم كدولة متحضرة وكضحية في ذات الوقت بل خسرت صورتها أمام جمهورها كدولة قادرة على ردع اعدائها والمسيرة اليمنية «يافا» أجهزت تماماً على صورة «الجيش الذي لا يقهر» وكسرت كل القواعد التي بنى عليها جيش الاحتلال منظومته الأمنية والعسكرية.
السابع من اكتوبر كشف حقيقة الاحتلال الإسرائيلي، وغرس ثلاث صور في «العقل العالمي» وهي: جيش بلا أخلاق، جيش يُقهر وليس عصياً على الهزيمة، دولة ضعيفة ونمر من ورق.
دولة من ورق.. ومن أكاذيب!
رجا الطلب