تعرفة جديدة للتيار الكهربائي يبدأ تطبيقها خلال أيام، وبعد أقل من عامين فقط على اعتماد تعرفة قدمتها الحكومة على اعتبار أنها» عادلة» وتستهدف تخفيف الأعباء على قطاعات إنتاجية، وفواتير صغار المستهلكين. وفي الوقت نفسه تعزيز إيرادات الحكومة من قطاع الكهرباء نتيجة لرفع الكلفة على كبار المستهلكين.
التعرفة الجديدة التي ستطبق مع بداية شهر تموز المقبل، أي بعد أيام قليلة ستشمل قطاعات عدادات شحن المركبات المنزلية، ومحطات شحن المركبات الكهربائية، والاتصالات، والصناعات المتوسطة والاستخراجية.
وبحسب الإعلان الرسمي فإن تلك التعرفة التي ستعتمد أسلوب تقسيم اليوم إلى فترات مرتبطة بذروة الاستهلاك لن تشمل القطاع المنزلي. وسط توقعات بأن ما أعلن يعد مرحلة أولى لمشروع يربط أسعار التيار بشكل عام بفترات الذروة.
وبحسب القرار فقد تم تقسيم اليوم إلى ثلاث فترات وحددت سعرا لكل فترة. فالأولى خارج الذروة ما بين الساعة الخامسة صباحا والثانية ظهرا، والثانية فترة الذروة الجزئية وتكون على فترتين تبدأ الأولى منهما الساعة الثانية ظهرا وحتى الخامسة عصرا، والثانية من الساعة 11 ليلا ولغاية الخامسة صباحا. أما الثالثة فهي فترة الذروة وتمتد ما بين الخامسة عصرا والحادية عشرة ليلا.
فالتبرير الحكومي لتلك الخطوة يتمثل بالعمل على «تخفيف الأحمال عن الشبكة الكهربائية في فترات الذروة وضمان استدامة وصول الكهرباء وعدم انقطاعها، إضافة إلى تحسين كفاءة استخدام الطاقة». مع أن مدير عام شركة الكهرباء الوطنية المهندس أمجد الرواشدة، نفى ضمنا وجود مشكلة في هذا المجال، وأكد « أن النظام الكهربائي قادر على مواجهة الأحمال المتوقعة خلال الصيف الحالي، ويمتلك قدرات توليدية كافية لتغطية تلك الأحمال».
الملاحظ هنا أن التعرفة الجديدة موجهة إلى قطاع على درجة عالية من الأهمية للمستهلك، ومنها السيارات الكهربائية الذي يشهد تحولا كبيرا في الهروب من كلف المحروقات، وبعض المجالات الإنتاجية. وكلها تشكل كلفا إضافية على المواطن وتنفي ما حاولت الحكومة تأكيده مرارا من أنها لن تعمل على حل المشاكل المالية من خلال جيبه.
والملاحظ أيضا أن تلك التعرفة تتزامن مع ارتفاعات كبيرة في أسعار المواد الغذائية ومن بينها الخضار واللحوم والدواجن. ما يعني أعباء إضافة تمتد إلى فاتورة الكهرباء وانعكاساتها على كل مجالات الحياة.
أما الأهم من ذلك كله، فإن أسعار التيار الكهربائي مرتفعة أصلا كونها مرتبطة باتفاقيات غبن أبرمتها حكومات سابقة مع شركات توليد أنتجتها عملية الخصخصة. وكانت سببا في ارتفاع حجم المديونية لشركة الكهرباء الوطنية باعتبارها الذراع الحكومية في هذا القطاع.
فقد نصت الاتفاقيات على إلزام الحكومة على شراء كافة إنتاج تلك الشركات لمدة 25 سنة، مع هامش» استطاعة توليدية» يزيد على 25 بالمائة من حاجة المملكة بأسعار تزيد كثيرا عن أسعار السوق، وتصل إلى أضعاف أسعار الطاقة النظيفة المولدة من الطاقة الشمسية. وتلزم الاتفاقيات الحكومة بتوفير المحروقات لتلك المحطات بأسعار ثابتة.
ورغم المحاولات المتكررة من الحكومة لإعادة فتح النقاش حول تلك الاتفاقيات، إلا أن الشركات المعنية ترفض إعادة النظر بأسعارها وسط مخاوف من أن يتم تمديد تلك الاتفاقيات إلى فترات أخرى قادمة. وأن يمتد نظام الذروة إلى قطاعات أخرى من بينها القطاع المنزلي. الأمر الذي يضيف أعباء أخرى جديدة على المستهلك وتحد من قدرة المنتجين على المنافسة وتدفع المستثمرين إلى تفضيل جهات أخرى.