أخبار البلد - مع اقتراب انتهاء العمر الدستوري لمجلس النواب التاسع عشر في نهاية هذا العام، تثور العديد من التساؤلات حول مصير المجلس الحالي وموعد الانتخابات النيابية القادمة. فالاستحقاق الدستوري الأول المتعلق بمجلس النواب القائم يتمثل بصدور الإرادة الملكية السامية بفض الدورة العادية الثالثة لمجلس الأمة، والتي ستنتهي دستوريا في الحادي عشر من الشهر الحالي.
فعلى الرغم من أنه يثبت لجلالة الملك الحق الدستوري في تمديد الدورة العادية الحالية لمجلس الأمة لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر عملا بأحكام المادة (78/3) من الدستور، إلا أنه من غير المتصور القيام بذلك. فالمشرع الدستوري قد اشترط لغايات التمديد أن تكون هناك أعمال برلمانية لم يتم انجازها بعد عند حلول موعد انتهاء الدورة العادية، وهو الأمر غير المتحقق على أرض الواقع.
ويبقى مصير مجلس النواب بعد صدور الإرادة الملكية السامية بفض الدورة العادية بيد جلالة الملك، فله أن يقرر الإبقاء عليه أو حله في أي وقت يشاء دون أي قيود زمانية أو موضوعية. فإن كان الخيار الملكي ببقاء مجلس النواب بعد انتهاء دورته العادية الثالثة المنعقدة حاليا، فإنه سيتم دعوته إلى عقد دورة استثنائية واحدة أو أكثر خلال الأشهر القادمة، وذلك قبل انتهاء مدته الدستورية في منتصف شهر تشرين الثاني القادم.
في المقابل، فإن الحق المطلق لجلالة الملك بحل مجلس النواب يرتبط به استحقاقا دستوريا هاما يتعلق بالإبقاء على الحكومة الحالية أو رحيلها. فقبل عام 2022، كان الحكم الدستوري الخاص بأثر حل مجلس النواب على الحكومة واضحا وثابتا، حيث كانت المادة (74/2) من الدستور قبل التعديل تنص على وجوب استقالة الحكومة التي يُحل مجلس النواب في عهدها خلال أسبوع من تاريخ الحل، وبأنه يُحظر على رئيسها أن يقوم بتشكيل الحكومة التي تليها.
أما اليوم، وبموجب التعديلات الدستورية لعام 2022، فقد جرى ربط استقالة الحكومة بالموعد الذي يصدر فيه قرار حل المجلس النيابي. فالحكومة التي يُحل مجلس النواب في عهدها قبل الأشهر الأربعة الأخيرة التي تسبق انتهاء مدة المجلس، يجب عليها أن تستقيل خلال أسبوع من تاريخ الحل، ولا يجوز تكليف رئيسها بتشكيل الحكومة التي تليها.
إن مجلس النواب التاسع عشر قد بدأ حياته الدستورية اعتبارا من تاريخ نشر نتائج الانتخابات في الجريدة الرسمية، وذلك عملا بأحكام المادة (68) من الدستور، والذي صادف يوم السادس عشر من شهر تشرين الثاني من عام 2020. وعليه، فإذا صدر الأمر الملكي بحل مجلس النواب القائم في أي يوم قبل السادس عشر من شهر تموز من العام الحالي، أي قبل الأشهر الأربعة الأخيرة التي تسبق انتهاء مدة المجلس، فإنه سيتعين على الحكومة الحالية أن تتقدم باستقالتها الخطية إلى جلالة الملك خلال أسبوع من تاريخ الحل.
أما إذا صدرت الإرادة الملكية السامية بحل مجلس النواب في أي يوم بعد السادس عشر من شهر تموز القادم، أي خلال الأشهر الأربعة الأخيرة من عُمر المجلس، فإن الحكومة الحالية ستبقى ويمكن أن تُجرى الانتخابات النيابية القادمة لاختيار مجلس النواب العشرين في عهدها.
وفي حال تقرر حل مجلس النواب قبل الشهور الأربعة الأخيرة من عمره واستقالت الحكومة الحالية، فإن الحكومة التي ستخلفها لن تكون حكومة انتقالية بأي حال من الأحوال وذلك لغياب النص الدستوري على ذلك. فالحكومة الجديدة يمكن أن تبقى بعد إجراء الانتخابات القادمة وأن تستمر في عملها وتقدم بيانا وزاريا إلى المجلس الجديد، كما أنه يمكن أن تتقدم باستقالتها الخطية إلى جلالة الملك بعد تشكيل مجلس النواب العشرين، ويُعاد تشكيلها بقرار ملكي.
إن من أهم النتائج المترتبة على التعديلات الدستورية الأخيرة لعام 2022 أن الأثر المترتب لحل مجلس النواب على الحكومة القائمة قد اختلف، إذ لم يعد قرار الحل نتيجة حتمية لرحيل الحكومة. فحل مجلس النواب يرتبط دستوريا ببقاء الحكومة من عدمه وذلك تبعا للتاريخ الذي ستصدر به الإرادة الملكية السامية بالحل. وعليه، فمصير مجلس النواب ومستقبل الحكومة أصبحا متلازمين
السيناريوهات الدستورية لمصير النواب والحكومة
أ. د. ليث كمال نصراوين