سؤال يفرض نفسه على الساحة المحلية في ضوء التسارع بعمليات الاستقطاب الحزبي التي يراها البعض متأخرة، بحكم أن الانتخابات ستجري بعد أشهر، والفترة التي تفصلنا عن موعدها ليست كافية للاستعداد.
وفي الشق الآخر، هناك من يرى أن استعجال بعض الأحزاب في التأشير على مرشحيهم المحتملين عبر وسائل التواصل الاجتماعي لا يتواءم مع القانون ومع الإجراءات الدستورية وعلى رأسها تحديد موعد الانتخاب.
غير أن الحالة بمجملها تبدو طبيعية في ضوء ما اعتاد عليه الشارع الأردني الذي تعامل مع الانتخابات كمواسم تجمع ما بين النشاطات السياسية والاجتماعية والاقتصادية على طاولة واحدة دون التخلي عن إخضاع كل تفاصيل الحقبة إلى النقاش المكثف والنقد الشديد. وفي الكثير من التفاصيل الإحساس بأن منسوب التغير في المخرجات بين المواسم الانتخابية لن يكون كبيرا.
ومع كل ذلك، فالدولة تعمل ضمن مشروعها الإصلاحي الشامل، وتأمل أن يحدث التغيير الإيجابي، والأحزاب تنشط أملا بالتقدم سياسيا، ومكونات المجتمع تواصل السعي كل ضمن مفهومه للعملية وقناعاته بها.
فحتى اللحظة تنشط بعض الشخصيات لاستكمال متطلبات التأسيس لمشاريع أحزاب جديدة بوسائل متعددة. وتنشط قيادات حزبية لحشد التأييد لأحزابهم مستكملة التأسيس، أملا بتوسيع قاعدة العضوية والمشاركة في الانتخابات البرلمانية التي يفترض أن تجري نهاية العام الجاري، والتي تتوالى التأكيدات على جهوزية الدولة لإجرائها في موعدها الدستوري في الربع الأخير من العام الجاري. كما تتوالى الإشارات على عدم وجود أي معطيات ـ حتى اللحظة ـ تستوجب تأجيلها.
فالصورة بمجملها تؤشر على حراك متواصل عنوانه النشاطات الحزبية بدءا من استكمال عمليات التأسيس والبناء الداخلي، وانتهاء بتوسيع القواعد الحزبية، وإطلاق عملية استقطاب ليست سهلة، لكنها ممكنة.
الحراك لم يقتصر على الأحزاب فقط، وإنما تعداها إلى الدولة التي وجدت نفسها تستجيب لطلب برلماني لإجراء تعديل على قانون الانتخاب قبل أن يدخل حيز التطبيق الفعلي.
فقد أقر مجلس الأمة تعديلا يضفي مرونة على المادة المتعلقة بعتبة الحسم في الدائرة المحلية، بحيث يجوز تخفيض النسبة بشكل متدرج لمنع حزب واحد من التفرد بمقاعد الدائرة. وهو التعديل الذي أعاد الجدل إلى نقطة البدايات، عندما حاولت جهات محلية تسويق وجهة نظرها بأن اجراء الانتخابات في هذا الظرف يعطي فرصة لأحد التيارات السياسية بحصد الكثير من المقاعد.
فبعض القراءات رجحت فوز التيار الإسلامي بنسبة كبيرة من المقاعد تأثرا بانتصارات سجلتها المقاومة في الحرب بغزة، إلا أن تلك القراءة لم تصمد أمام معطيات متعددة تصب في مجملها بأن المقاومة التي تتولى الحرب في غزة تنظيمات فلسطينية لها كل الاحترام أردنيا، لكن الأردن ليس من ساحاتها. وأن للأردن استحقاقات دستورية لا بد من الحفاظ عليها وعلى مواعيدها دون أي تداخل مع كل ما هو خارجي.
التعديل الجديد بدا وكأنه يتقاطع مع الفكرة الأساسية من الانتخابات الحزبية، والتي نص عليها قانون الانتخاب بنسخته الجديدة، التي تطبق لأول مرة والتي تعطي الأحزاب السياسية 41 مقعدا نيابيا من أصل 138 مقعدا تشكل عدد أعضاء المجلس المقبل، وبحيث يرتفع العدد على وجبتين مقبلتين وصولا إلى ما نسبته 65 بالمائة من المقاعد بعد 12 عاما. وبحيث يكون ممكنا تشكيل حكومات برلمانية كاملة.
فالعنوان الرئيس للقانون، وبالتالي للحياة السياسية هو الحكومات الحزبية، وبحيث يتمكن حزب أو ائتلاف حزبي من تشكيل الحكومة. بينما التعديل يمنع الحزب من حصد مقاعد الدائرة، ما أثار تحفظ التيار الإسلامي الذي تمثله كتلة الإصلاح في البرلمان الحالي، والذي كان يجد نفسه مرشحا لحصد نصيب الأسد من المقاعد سواء في القائمة الحزبية أو قوائم الدوائر المحلية.
على المستوى الحزبي، بدت بعض التجمعات وكأنها تسابق الزمن استعدادا للاستحقاق الدستوري الذي لم يتحدد موعده بعد، والذي يفترض أن يكون في الربع الأخير من العام الحالي ما لم يستخدم جلالة الملك حقه في التأجيل، أو التمديد للمجلس الحالي.
فالمدقق في مجمل النشاطات الحزبية يتوقف عند محاولات لمأسسة عمليات اختيار المرشحين سواء من حيث الشروط الواجب توفرها في المرشح، وفي عملية إدارة الانتخابات. وبعضها ركزت على العامل المالي في الترشح بحكم أن نظام دعم الأحزاب يقدم الدعم لاحقا للمخرجات الانتخابية وليس سابقا لها.
وقد لجأت بعض الأحزاب للتمويل الذاتي بتحديد مبالغ مالية يدفعها المرشح عن الحزب وفقا لترتيبه في القائمة. وهي الخطوة التي جوبهت برفض شديد على مستوى الشارع الذي رأى فيها دخولا للمال السياسي إلى حلبة التنافس الانتخابي.
وبينما تنشط أحزاب في عقد لقاءات وتنظيم ندوات في مختلف المحافظات، تقتصر أحزاب أخرى على الترويج لنفسها بأدوات لا تقدم ولا تؤخر شيئا.
فبعض الأحزاب تفتخر بعدد منتسبيها الذين وصلوا إلى بضعة آلاف مع أنها لا تستطيع إنجاح نائب دون دعم عائلي أو عشائري أو مجتمعي، وأخرى بأن نسبة كبرى من أعضائها من فئة الشباب، ونسبة أخرى من النساء، ظنا من قياداتها بأن مثل تلك الأشياء تقدمها إلى الشارع وتمكنها من حصد الأصوات، بينما تغيب عملية التأهيل والتوعية والتثقيف لهذه الفئات لإدخالها بقوة إلى الساحة السياسية وبحيث تكون من القوى الحزبية الفاعلة.
وسط كل تلك الحالة، ترتفع وتيرة الشكوى من انحياز رسمي لحزب أو أكثر، سواء في مجال الدعم المالي أو عمليات الاستقطاب للشخصيات الفاعلة. الأمر الذي تحول إلى نوع من عدم الرضا، والقناعة بأن الحياة الحزبية لم تتغير عما كانت عليه قبل القانون الجديد، وقبل عملية الإصلاح السياسي.
لكنه تحول من جهة أخرى الى فرضية تتمثل بان نقطة البداية لا بد وأن تكتنفها بعض الهنات، أملا بأن تتحسن العملية وتتطور مع مرور الوقت. فالبعض لا يرى خطأ في أن يكون للدولة حزبها أو حتى أحزابها ولو بشكل مرحلي، وإلى أن يعتاد الشارع على العمل الحزبي بموالاته ومعارضته. وأن تتآلف الأحزاب وصولا إلى اختصار العدد الكبير إلى ما لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة.
غير أن الحالة بمجملها تبدو طبيعية في ضوء ما اعتاد عليه الشارع الأردني الذي تعامل مع الانتخابات كمواسم تجمع ما بين النشاطات السياسية والاجتماعية والاقتصادية على طاولة واحدة دون التخلي عن إخضاع كل تفاصيل الحقبة إلى النقاش المكثف والنقد الشديد. وفي الكثير من التفاصيل الإحساس بأن منسوب التغير في المخرجات بين المواسم الانتخابية لن يكون كبيرا.
ومع كل ذلك، فالدولة تعمل ضمن مشروعها الإصلاحي الشامل، وتأمل أن يحدث التغيير الإيجابي، والأحزاب تنشط أملا بالتقدم سياسيا، ومكونات المجتمع تواصل السعي كل ضمن مفهومه للعملية وقناعاته بها.
فحتى اللحظة تنشط بعض الشخصيات لاستكمال متطلبات التأسيس لمشاريع أحزاب جديدة بوسائل متعددة. وتنشط قيادات حزبية لحشد التأييد لأحزابهم مستكملة التأسيس، أملا بتوسيع قاعدة العضوية والمشاركة في الانتخابات البرلمانية التي يفترض أن تجري نهاية العام الجاري، والتي تتوالى التأكيدات على جهوزية الدولة لإجرائها في موعدها الدستوري في الربع الأخير من العام الجاري. كما تتوالى الإشارات على عدم وجود أي معطيات ـ حتى اللحظة ـ تستوجب تأجيلها.
فالصورة بمجملها تؤشر على حراك متواصل عنوانه النشاطات الحزبية بدءا من استكمال عمليات التأسيس والبناء الداخلي، وانتهاء بتوسيع القواعد الحزبية، وإطلاق عملية استقطاب ليست سهلة، لكنها ممكنة.
الحراك لم يقتصر على الأحزاب فقط، وإنما تعداها إلى الدولة التي وجدت نفسها تستجيب لطلب برلماني لإجراء تعديل على قانون الانتخاب قبل أن يدخل حيز التطبيق الفعلي.
فقد أقر مجلس الأمة تعديلا يضفي مرونة على المادة المتعلقة بعتبة الحسم في الدائرة المحلية، بحيث يجوز تخفيض النسبة بشكل متدرج لمنع حزب واحد من التفرد بمقاعد الدائرة. وهو التعديل الذي أعاد الجدل إلى نقطة البدايات، عندما حاولت جهات محلية تسويق وجهة نظرها بأن اجراء الانتخابات في هذا الظرف يعطي فرصة لأحد التيارات السياسية بحصد الكثير من المقاعد.
فبعض القراءات رجحت فوز التيار الإسلامي بنسبة كبيرة من المقاعد تأثرا بانتصارات سجلتها المقاومة في الحرب بغزة، إلا أن تلك القراءة لم تصمد أمام معطيات متعددة تصب في مجملها بأن المقاومة التي تتولى الحرب في غزة تنظيمات فلسطينية لها كل الاحترام أردنيا، لكن الأردن ليس من ساحاتها. وأن للأردن استحقاقات دستورية لا بد من الحفاظ عليها وعلى مواعيدها دون أي تداخل مع كل ما هو خارجي.
التعديل الجديد بدا وكأنه يتقاطع مع الفكرة الأساسية من الانتخابات الحزبية، والتي نص عليها قانون الانتخاب بنسخته الجديدة، التي تطبق لأول مرة والتي تعطي الأحزاب السياسية 41 مقعدا نيابيا من أصل 138 مقعدا تشكل عدد أعضاء المجلس المقبل، وبحيث يرتفع العدد على وجبتين مقبلتين وصولا إلى ما نسبته 65 بالمائة من المقاعد بعد 12 عاما. وبحيث يكون ممكنا تشكيل حكومات برلمانية كاملة.
فالعنوان الرئيس للقانون، وبالتالي للحياة السياسية هو الحكومات الحزبية، وبحيث يتمكن حزب أو ائتلاف حزبي من تشكيل الحكومة. بينما التعديل يمنع الحزب من حصد مقاعد الدائرة، ما أثار تحفظ التيار الإسلامي الذي تمثله كتلة الإصلاح في البرلمان الحالي، والذي كان يجد نفسه مرشحا لحصد نصيب الأسد من المقاعد سواء في القائمة الحزبية أو قوائم الدوائر المحلية.
على المستوى الحزبي، بدت بعض التجمعات وكأنها تسابق الزمن استعدادا للاستحقاق الدستوري الذي لم يتحدد موعده بعد، والذي يفترض أن يكون في الربع الأخير من العام الحالي ما لم يستخدم جلالة الملك حقه في التأجيل، أو التمديد للمجلس الحالي.
فالمدقق في مجمل النشاطات الحزبية يتوقف عند محاولات لمأسسة عمليات اختيار المرشحين سواء من حيث الشروط الواجب توفرها في المرشح، وفي عملية إدارة الانتخابات. وبعضها ركزت على العامل المالي في الترشح بحكم أن نظام دعم الأحزاب يقدم الدعم لاحقا للمخرجات الانتخابية وليس سابقا لها.
وقد لجأت بعض الأحزاب للتمويل الذاتي بتحديد مبالغ مالية يدفعها المرشح عن الحزب وفقا لترتيبه في القائمة. وهي الخطوة التي جوبهت برفض شديد على مستوى الشارع الذي رأى فيها دخولا للمال السياسي إلى حلبة التنافس الانتخابي.
وبينما تنشط أحزاب في عقد لقاءات وتنظيم ندوات في مختلف المحافظات، تقتصر أحزاب أخرى على الترويج لنفسها بأدوات لا تقدم ولا تؤخر شيئا.
فبعض الأحزاب تفتخر بعدد منتسبيها الذين وصلوا إلى بضعة آلاف مع أنها لا تستطيع إنجاح نائب دون دعم عائلي أو عشائري أو مجتمعي، وأخرى بأن نسبة كبرى من أعضائها من فئة الشباب، ونسبة أخرى من النساء، ظنا من قياداتها بأن مثل تلك الأشياء تقدمها إلى الشارع وتمكنها من حصد الأصوات، بينما تغيب عملية التأهيل والتوعية والتثقيف لهذه الفئات لإدخالها بقوة إلى الساحة السياسية وبحيث تكون من القوى الحزبية الفاعلة.
وسط كل تلك الحالة، ترتفع وتيرة الشكوى من انحياز رسمي لحزب أو أكثر، سواء في مجال الدعم المالي أو عمليات الاستقطاب للشخصيات الفاعلة. الأمر الذي تحول إلى نوع من عدم الرضا، والقناعة بأن الحياة الحزبية لم تتغير عما كانت عليه قبل القانون الجديد، وقبل عملية الإصلاح السياسي.
لكنه تحول من جهة أخرى الى فرضية تتمثل بان نقطة البداية لا بد وأن تكتنفها بعض الهنات، أملا بأن تتحسن العملية وتتطور مع مرور الوقت. فالبعض لا يرى خطأ في أن يكون للدولة حزبها أو حتى أحزابها ولو بشكل مرحلي، وإلى أن يعتاد الشارع على العمل الحزبي بموالاته ومعارضته. وأن تتآلف الأحزاب وصولا إلى اختصار العدد الكبير إلى ما لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة.