انطلقت في العاشر من الشهر الجاري وتستمرعلى مدى ثلاثة أيام انتخابات
الرئاسة المصرية ، حيث سيتوجه 67 مليون ناخب مصري يحق لهم التصويت الى صناديق
الاقتراع لانتخاب رئيسا للجمهورية لفترة رئاسية أخرى مدتها ست سنوات ترشح لها
الرئيس المصري الحالي وثلاثة أخرون من رؤساء الأحزاب المصرية وتجرى تحت اشراف
قضائي ، وستعلن نتائج الجولة الأولى من الانتخابات في الثامن عشر من هذا الشهر .
وحسب التقارير الاقتصادية ، ينتظر
الفائز في الانتخابات تحديات وقضايا اقتصادية امتدادا للحقبة السابقة تحتاج الى
حلول والتي تعمل الحكومة المصرية جاهدة عليها وتغييرات اقتصادية ومالية متوقعة .
فمن ناحية النمو الاقتصادي ، فقد خفض البنك الدولي توقعاته لنمو
الاقتصاد المصري الى 4% بالعامين 2023 و2024وتعاني مصر من أزمة نقص العملة
الأجنبية والتضخم في المدن المصرية 34،6 % في تشرين الثانيوما زال مرتفعا رغم تباطئه بعدأن بلغ أعلى مستوىوبنسبة 40% في أيار الماضي و تبعات الحرب الروسية
الأوكرانية واتساع الفجوة بين سعر الصرف
الرسمي البالغ 31 جنيه مقابل الدولار والسوق الموازي ( السوداء ) البالغ 50 جنيه /
دولار ،وعجز صافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي في
مصر يتفاقم مجددا .
ووفق التوقعات فان مصر ستعوم قريبا الجنيه
بالخفض الرابع وقد يكون في بداية العام
المقبل أو على الأرجح بعد الانتخابات الرئاسية المصرية .
أما المديونية العامة فتؤرق وكالات التصنيف الدولية وقد وصل اجمالي
الدين الخارجي على الحكومة المصرية الى 165مليار دولار في نهاية الربع الأول2023، حيث
أعلنت وكالة موديز عن خفض تصنيف مصر الائتماني الى Caa1 عالي
الخطورة أي دون درجة B التيكانت عليه ، وخفض
التصنيف حسب الوكالة يعكس اتجاها لتراجع قدرة الحكومة المصرية على سداد الديون
ونقص العملة الأجنبية ، حيث تبلغ أقساط القروض التي ستستحق على الحكومة والقطاع
الخاص والقطاع المصرفي في العام 2024 نحو 29 مليار دولار .
كما
خفضت وكالة ستاندرد أند بورز تصنيف ديون
مصر طويلة الأجل الى B-وعدلت نظرتها
المستقبلية للاقتصاد المصريالى مستقرة وتتوقع استمرار دعم دول الخليج للاقتصاد
المصري ومزيدا من الضعف في سعر صرف الجنيه .
وتعليقا على خفض هذا التصنيف قال وزير المالية المصري أننا نعمل على
اصلاحات هيكلية للتعامل مع التحديات الاقتصادية خاصة الواردة في تقرير ستاندرد أند
بورز ،فيما وكالة فيتش تخفض تصنيف مصر الائتماني الى –Bمع نظرة
مستقبلية مستقرة ، و تواجه مصر أزمة
اقتصادية وسط تضخم قياسي ونقص حاد بالعملة الأجنبية ، أما الاحتياطي الأجنبي فيرتغع شهريا بشكل طفيف ليتخطى 35 مليار دولار في نهاية تشرين الثاني لأول مرة
في 17 شهرا وتم رفع معدلات الفائدة في عامي 2022 و2023 عدة رفعات وبما مجموعه 10 %
لتفادي الضغوط التضخمية لتصل على الايداع
بالجنيه لدى البنك المركزي المصري 19،25% وعلى الاقراض من البنك 20،25 %وهي أعلى
مستوياتها منذ عام 1992 .
أما البطالة ، فقد تراجع معدلها الى 7% في نهاية الربع الثاني 2023 وهو
أدنى مستوى على الاطلاق بالرغم من تباطؤ النمو الاقتصادي وشح الدولار ومستويات
التضخم المرتفعة .
وبخصوص ايرادات قناة السويس ، فقد شهدت ارتفاعا وأغلقت على 9،4 مليار
دولار خلال العام المالي 2022/2023 حيث السنة المالية للقناة تنتهي في 30 حزيران
من كل عام مقابل 7 مليار دولار في السنة
المالية السابقة لها ، ويشير الرئيس المصري أن قناة السويس ستصل ايراداتها
الى 10،5 مليار دولار بنهاية 2023.
وفي سياق الجهود المبذولة لوضع حلول من الحكومة المصرية ، تؤكد وزارة
المالية المصرية أنها ملتزمة بالانضباط المالي رغم الأزمات الخارجية المركبة والمضي قدما في برنامج الخصخصة لجمع سيولة دولارية وهو برنامج طروحات بيع الأصول الحكومية الى القطاع الخاص
وتقليص مشاركة القطاع العام ورفع مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد من 20% حاليا
الى 65% خلال الفترات المقبلة ، وترقب لموعد المراجعة الأولى قريبا لصندوق النقد
الدولي لبرنامج الاصلاح المتفق عليه في كانون الأول 2022 بقيمة 3 مليارات دولاروتلقيها
شريحة أولى من القرض والذي أكد رغبته مؤخرا في زيادة قيمة
البرنامج لمصر بالتركيزعلى التضخم وليس سعر الصرف والتوترات الجيوسياسية والتصعيد
العسكري في المنطقة وتأثيراتها على الاقتصاد المصري ، حيث تشير التوقعاتغير
المؤكدة على زيادة مفاجئة لبرنامج التمويل من صندوق النقد الى 10 مليارات دولار .
وفي سبيل تقليل الاعتماد على
الدولار ، فقد توجهت مصر الى الأسواق الاسيوية في اصدارات سندات بعملات أخرى للحصول على التمويل حيث أصدرت في تشرين الأول سندات " الباندا" المستدامة بالسوق
الصينية بقيمة 3،5 مليار يوان وطرحت سندات
" ساموراي " بالين الياباني تعادل 500 مليون دولار لأجل استحقاق 5 سنوات
وبعائد سنوي 1،5% ،و تدرس اصدار سندات بالروبية الهندية العام القادم بقيمة قد تصل الى 500 مليون دولار أيضا .
فيما
نشطت مصر مع دول خليجية لضخ استثمارات ، حيث تم الاعلان في تشرين الثاني أن قطر
ستضخ استثمارات صناعية بقيمة 1،5 مليار دولار و الامارات تدرس خطة واسعة لضخ استثمارات جديدة في مصر ، و مصر والسعودية
تبحثان استخدام العملات المحلية في التجارة البينية ، مثلما تمت بين مصر والصين ،
ومصر وتركيا ، والقرار ليس سياسيا بل اقتصاديا .
كما
تعمل الهيئات الحكومية المختصة على اتخاذ الاجراءات التحفيزية لزيادة مساهمة السياحة في الاقتصاد وتطوير سوقي العقارات والأسهم لاستقطاب الاستثمارات
فيهما ، ووصلت القيمة السوقية للبورصة المصرية الى 1،6 تريليون جنيه وهي الأعلى
سوقا في العالم .
وعلى ضوء العدوان الاسرائيلي على غزة ، فقد
استضافت مصر بناء على دعوة منها مؤتمر القاهرة للسلام في التاسع عشر من تشرين
الأول الذي ضم وفود عربية وأجنبية والأمم المتحدة والجامعة العربية و دعا الى وقف
اطلاق النار ، وأكد فيها الرئيس المصري أن التهجير القسري للفلسطينيين يعني انتهاء
حلم الدولة القلسطينية المستقلة وتصفية القضية الفلسطينية ولن نقبلها على حساب أي دولة أخرى في المنطقة ودعا
الى توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني وتفادي توسع الصراع ، فيما أكد وزير الخارجية المصري أنه من المبكر
الحديث عن مستقبل غزة ورفض مقترحا بأن تتم ادارة غزة بمشاركة اسرائيلية – دولية في
المستقبل وعلينا التركيز على وقف النزاع وادخال المساعدات .
كما تشارك مصر في اللجنة الوزارية العربية
المنبثقة عن مؤتمر قمة الرياض الذي عقد في الحادي عشر من تشرين الثاني وجالت
العواصم العالمية المؤثرة لوقف الحرب على غزة .
وقد حذر الأمين العام للأمم المتحدة في
التاسع من الشهر الجاري من المحاولات الاسرائيلية لدفع النازحين الى الحدود مع مصر
وخلق واقع كارثي بهدف ارغامها في النهاية على ادخالهم الى أراضيها .
وعلى
صعيد الأمن المائي ، فقد أعلنت اثيوبيا في أيلول الماضي انجاز عملية التعبئة
الرابعة والأخيرة لسد النهضة الضخم على
نهر النيل الأزرق وهو الأكبر في أفريقيا ، واعتبرت هذا الانجاز هدية للأجيال
القادمة .
وبلغت تكلفة السد أكثر من 3،7 مليارات دولار وبدأ العمل فيه عام 2011
ودخل في صراع اقليمي مع دول الجوار السودان ومصر اللتان تخشيان من تقليل امدادات
المياه لديهما وتقعان على مجرى النهر رغم طلبهما من أثيوبيا التوقف عن ملء السد
لحين التوصل الى اتفاق ثلاثي بشأن اليات تشغيل السد ، الا أنها أكدت أنها ستنجز ما
تعهدت به ومضت قدما في التعبئة وانتهت منها ، وتعتزم أثيوبيا مضاعفة انتاجها من
توليد الكهرباء الذي لا يصل اليها نصف سكانها البالغ عددهم حوالي 120 مليون نسمة ،
فيما طلبوزير الري المصري بوجوب التوصل لاتفاق بشأن سد النهضة وأن أثيوبيا تمادت
في ملء وتشغيل السد وتحذرها من التصرفات الأحادية .