يأتي
التصعيد العسكري في المنطقة امتدادا للحرب على غزة التي أكمات شهرها العاشر ولا
أفق على انتهائها بل تشهد تصعيدا
متزايدا قد يتسع ليشمل الاقليم .
ويقدر
المكتب الاعلامي الحكومي بغزة أن الخسائر المباشرة للحرب الاسرائيلية على القطاع
بلغت 33 مليار دولار بينما تقدر الأمم
المتحدة أن ثلثي المباني في القطاع تضررت أو دمرت وذلك وفق صور التقطتها في تموز 2023 قبل
ثلاثة أشهر من الحرب وقارنتها مع تموز
2024 .
وتظهر التقارير الاعلامية أن نتنياهو يواجه ضغوطا
وتحديات داخلية وخارجية تتعلق بقرارات
وجبهات الحرب والمحتجزين وصفقة الهدنة واتهامات من المعارضة الاسرائيلية بالفشل
السياسي والعسكري وخلافات مع قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية بشأن مستقبل غزة التي كان يعتزم تنفيذها ما بعد
الحرب ويخطط لاجراء اقالات في حكومته
الأمنية تشمل وزير الدفاع ورئيس هيئة
الأركان ورئيس الشاباك للقضاء على
المعارضة المنتقدة له حيث عارض وزير
الدفاع سابقا فكرة السيطرة العسكرية على
قطاع غزة بعد الحرب وسط غضب نتنياهو وتأكيد الجيش الاسرائيلي سابقا صعوبة القضاء
على حركة حماس عسكريا ونتنياهو أبدى غضبه أيضا ويهدف الى السيطرة على المؤسسة الأمنية العليا من خلال
تعيين موالين له ولكن ملف الاغتيالات أعاق خطته ، وصدور تقارير أسرائيلية وأميركية
بشأن صعوبة القضاء على حماس عسكريا خلافا لرغبته ومواجهة مخاطر وتصعيد عسكري من
قبل ايران ووكلائها في اليمن والعراق
وسوريا ولبنان واحتمال اندلاع حرب شاملة
مع حزب الله اللبناني في الجبهة الشمالية لاسرائيل والتصادم مع الرئيس الأميركي في
الاتصال الهاتفي الجمعة الذي طالبه بضرورة التوصل لاتفاق ينهي الحرب على غزة ورفض
سياسة الاغتيالات التي ينتهجها وتحذيره نتنياهو من القيام بأي خطوات تصعيدية جديدة
دون استشارة واشنطن مسبقا والا فلن تكون مستعدة
لانقاذها، ومطالب دولية باقامة دولة فلسطينية وسط رفض وزراء من اليمين المتطرف في حكومته .
وتعتبر
قطاعات البناء والزراعة والسياحة من أكثر القطاعات الاقتصادية الاسرائيلية تضررا
من تداعيات الحرب على غزة ، وتواجه
صعوبات في سد الحاجة للأيدي العاملة مع منع اسرائيل عودة عشرات الاف الفلسطينيين
للعمل .
وتبلغ
خسائر قطاع البناء أسبوعيا نحو 644 مليون دولار مع تراجع اجمالي الناتج المحلي
الاسرائيلي بنسبة 3% بسبب خسائر قطاع البناء و50% من مواقع البناء مغلقة بسبب
النقص الحاد في الأيدي العاملة بينما يبلغ معدل الانتاجية في مواقع البناء حاليا 30% ومدة التأخير المتوقعة لتسليم الشقق الجديدة 36 شهرا وحجم النقص 140 ألف عامل في قطاع البناء حاليا وتأثر 50 شركة
كانت تعمل قبل الحرب في نشاط جلب الأيدي العاملة حيث ألغت اسرائيل تصاريح عمل 200 ألف عامل فلسطيني منهم 100 ألف عامل كانوا يعملون في قطاع البناء لكنها تواجه صعوبات في توفير العدد والمواصفات
حيث تكلفة العامل الأجنبي ثلاثة أضعاف العامل الفلسطيني وقد حظرت دخول العمال
الفلسطينيين بشكل كامل .
وتخطط اسرائيل لاستقدام 70 ألف عامل أجنبي من دول مثل الهند
والصين وسيريلانكا وتسعى لاستقدام 10 ألاف عامل تايلندي حتى نهاية 2024 كجزء من
التعويض علاوة على وجود 30 ألف عامل تايلندي في قطاع الزراعة . فيما أعلنت تايلند
في الثالث من اب الجاري توقف ارسال العمال الى اسرائيل بسبب المخاوف الأمنية وخشية
هجوم متعدد الجبهات وارتفاع مستوى الخطر وسيظل ذلك قائما حتى ينخفض مستوى الخطر .
وقد
بدأت كبريات الشركات في أوروبا والولايات المتحدة باستبعاد اسرائيل من الوجهات
التي يغطيها تأمين السفر وانخفاض أعداد السياح القادمين الى اسرائيل بنسبة 67% في النصف الأول من هذا العام .
وترى
وكالة ستاندرد أند بورز للتصنيف الائتماني ، أن مخاطر التصعيد تحمل في طياتها
توقعات سلبية باحتمال تخفيض التصنيف الائتماني لاسرائيل وتوقعات بأن تواجه اسرائيل
صعوبات في الاقتراض وانخفاض في النشاط الاقتصادي في حال وقوع تصعيد .
وتتوقع شركة ميرسك للشحن البحري وهي واحدة من كبريات
الشركات في هذا المجال ، استمرار
الاضطرابات في البحر الأحمر حتى نهاية العام الحالي على الأقل
وانخفاض متوقع في الطاقة الاستيعابية للحاويات بنسبة 20% .
ويفاقم
التصعيد الاقليمي الترقب الذي يسود منطقة الشرق الأوسط تحسبا لضربة ايرانية ضد
اسرائيل والتعهد بانتقام شديد ردا على الاغتيال السياسي الذي وقع على الأراضي
الايرانية وفي العاصمة طهران مع اطلاق
نداءات دولية لمنع اندلاع حرب شاملة في المنطقة ومخاوف دولية من اشتعال الشرق
الأوسط .
ويرافق التصعيد بين اسرائيل وايران تأهب وتعزيز عسكري
أميركي في المنطقة للتهدئة ولمحاولة ردع ايران من شن هجوم على اسرائيل ، وقد التزمت
الادارة الأميركية بدعم اسرائيل في مواجهة الهجوم الايراني المرتقب وأمر وزير
الدفاع الأميركي الجمعة بارسال تعزيزات
عسكرية جديدة ونشر سفن حربية وطرادات ومدمرات وحاملة الطائرات لينكولن
ومجموعتها البحرية الضاربة وأسراب مقاتلات جوية اضافية الى الشرق الأوسط للتصدي للصواريخ البالستية الايرانية واتخاذ
اجراءات اضافية تشمل تغييرات في وضع القوة
الدفاعية ورفع درجة الاستعداد لنشر المزيد من الدفاعات الصاروخية الأرضية وارسال
أكثر من 4 الاف جندي من مشاة البحرية والبحارة اضافة الى فرق الهجوم البرمائي ،
هذا كله يضاف الى احتفاظ الولايات المتحدة بنحو 45 ألف جندي متمركز في الشرق
الأوسط .
وتجري اتصالات
عربية مكثفة مع ايران تتعلق بالأوضاع الراهنة وبحث سبل خفض التصعيد في المنطقة
وحسب
صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية الأحد ، فقد رفضت ايران دعوات أميركية وعربية
للتخفيف من ردها على عملية الاغتيال .
وفي
العراق يسود قلق من مشاركة الفصائل المسلحة الموالية لطهران في الرد على اسرائيل ،
وهناك خشية من أن يقع العراق في مأزق اذا قررت الفصائل المشاركة في الرد الايراني
، وقد أعلنت القوات الأميركية أنها سترد بقسوة على أي هجمات على مصالحها تشنها
الفصائل .
وقد
شهدت أسواق الأسهم المصرية والخليجية ضغوط
موجة هبوط عالمية في المؤشرات نتيجة توترات جيوسياسية في المنطقة ، وسادت موجة بيع في بورصة وول
ستريت بنيويورك تكبد فيها أثرياء العالم خسائر سوقية للبورصة بنحو 134 مليار دولار
في يوم واحد ، وارتفع الذهب في الأسواق العالمية بالتوجه اليه كأحد الملاذات
الامنة في أوقات التوترات .
كما دعت سفارات دول عربية وأوروبية في بيروت رعاياها مغادرة لبنان وعدم التوجه الى
اسرائيل وقامت شركات طيران بتعليق رحلاتها الجوية الى لبنان واسرائيل في الوقت
الحالي ، مع خشية اللبنانيين أن الحرب تفاقم معاناتهم من أزمة سياسية واقتصادية خانقة .
وتعمل
ايران على ترميم نظامها الأمني الذي تم اختراقه ونتج عنه عملية الاغتيال الأخيرة
وتنفذ حملة اعتقالات واسعة طالت عشرين شخصا من بينهم ضباط استخبارات
كبار ومسؤولين عسكريين وموظفين في دار
الضيافة ويفرض قيودا على الاعلام على
خلفية الخروق الأمنية والتحقيق والاستجواب بعملية الاغتيال ، وأن شدة ونطاق
التحقيق الذي تجريه السلطات الايرانية يوضح حجم " الصدمة " .
وحسب
لجنة الأمن القومي بالبرلمان الايراني ، فان الاسرائيليين لديهم شبكة نفوذ داخل
طهران وفي أنحاء ايران حيث تتعاون معهم
عناصر شريرة ضمن شبكة الموساد وأظهرت عملية الاغتيال عن وجود ثغرات في نظام
الاستخبارات والأمن الايراني .
وعقب عملية الاغتيال ، أجرت السلطات الايرانية تغييرا
على البروتوكولات الأمنية واصلاحها ومراجعة كل الاجراءات الأمنية وتمشيط دار
الضيافة ومصادرة الهواتف الشخصية وتبديل
المعدات والأجهزة الالكترونية والتحقيق في المطارات وفحص قوائم الرحلات .
ووسط تضارب للروايات ، وحسب بيان الحرس الثوري
الايراني السبت فان الاغتيال تم باطلاق مقذوف ( صاروخ ) قصير المدى من خارج منطقة
اقامة الضيوف برأس حربي يزن نحو 7 كيلو
غرامات مصحوبا بانفجار شديد بتنفيذ اسرائيل
ودعم أميركي وستتلقى الرد الحاسم على جريمة الاغتيال وينفي أن يكون قد تم بزرع
قنابل في مقر اقامته .
بينما نشرت صحف أميركية وبريطانية ، أن ردود الفعل الايرانية على الاغتيال تؤكد فشل الجهاز الأمني وان الموساد جند عميلين من فيلق حماية أنصار المهدي في الحرس الثوري الايراني وتوصيفها وحدة حماية انشئت عام 1989 المسؤولة عن حماية كبار الشخصيات الايرانية بما فيهم رئيس الجمهورية والضيوف واستأجرهم لزرع متفجرات في ثلاث غرف منفصلة في دار الضيافة التابع للحرس الثوري شمال طهران حيث كان من المتوقع أن يقيم .
وأن التحقيقات كشفت عن أجهزة متفجرة في غرفتين
أخريين ، وأن العملاء شوهدوا يتحركون بخفة
حسب رصد كاميرات المراقبة وتسللوا بعد ذلك خارج البلاد محتفظين بمصدر في ايران
وتمكنوا من تفعيل المتفجرات عن بعد ، أي أن الاغتيال تم من خلال عناصر داخلية وليس
خارجية ، وأن الخطة الأصلية للاغتيال كانت يوم جنازة الرئيس الايراني السابق
ابراهيم رئيسي في أيار الماضي أثناء حضوره جنازة رئيسي لكن طرأ تغيير عليها بسبب
وجود حشود كبيرة داخل المبنى ، واذا كان بوسع اسرائيل استهداف ضيف مهم لايران فذلك
يعني انعدام الأمن فيها .