في تصريح مفاجئ ومثير للجدل، كشف وزير العمل الأردني خالد البكار عن نيته فتح باب استقدام العمالة الوافدة في بعض القطاعات، دون تقديم أي توضيحات كافية حول أسباب هذا القرار، وذلك خلال حديث تلفزيوني في 21 تشرين الأول 2024، تصريحات البكار جاءت لتشعل حواراً حاداً حول السياسة العمالية، حيث اتخذت خطوة لم تكن متوقعة، وأثارت استياءً واضحاً في الأوساط المعنية التي رأت في هذه الخطوة تهديداً لوظائف الأردنيين، وهذا القرار يخالف توجهات سابقة وضعتها الوزيرة السابقة ناديا الروابدة، التي كانت قد أغلقت الباب أمام استقدام العمالة في العديد من القطاعات لضمان حماية فرص العمل المحلية.
تشير مصادر متداولة إلى أن البكار يتعرض لضغوط من بعض الأصدقاء والشخصيات المؤثرة لدفعه إلى السماح باستقدام ممرضات من الفلبين للعمل في المستشفيات الخاصة، ويبدو أن هناك مصالح خفية تسعى لدفع القرار بغض النظر عن تبعاته الاجتماعية والاقتصادية، في الوقت الذي تظل فيه نقابة الممرضين جهة هامة لم تُشرك في النقاشات حول هذا القرار.
إن تجاهل دور النقابة في قضية حساسة كتلك قد يُنذر بحدوث أزمة، خصوصاً أن النقابة تُعد الجهة المعنية بحماية حقوق العاملين في القطاع الطبي، ويُخشى أن يؤدي اتخاذ القرار دون مشاورة النقابة إلى توتر كبير، في ظل القلق المتزايد بين الممرضين الأردنيين من أن هذا التوجه سيؤدي إلى منافسة غير عادلة تؤثر على مستقبلهم المهني.
إذا استجاب البكار لهذه الضغوط واتخذ القرار دون إشراك النقابة والأطراف المعنية، فإن ذلك قد يكون بمثابة تحدٍ واضح لآلية العمل المؤسسي التي تعتمد على التشاور والتنسيق، فلا شك أن القرارات المتعلقة بالعمالة في القطاعات الحيوية، خاصة الصحية منها، يجب أن تكون مدروسة بعناية، وتستند إلى احتياجات واضحة للسوق وليس على ضغوط أو مصالح شخصية.
البكار في مفترق طرق؛ فعليه أن يوازن بين الضغوط التي تُمارس عليه والمصلحة العامة التي تقتضي توجيه العمالة الأردنية إلى القطاعات ذات الأولوية، وأن يتحلى بالحكمة في تجنب إغراق سوق العمل بعمالة أجنبية في قطاع قد يتمكن الأردنيون من ملئه بعد التأهيل اللازم.
يُحذّر المراقبون من أن يكون هذا القرار فصلاً جديداً من سياسة خضوع القرارات الهامة للضغوط والمصالح الفردية فالبكار إن كان مقتنعاً بصحة هذا القرار فعليه التروي والتفكير ملياً في تبعاته، والقيام بدراسة مستفيضة تشمل كل الآراء، وأخذ موقف النقابة بعين الاعتبار؛ فالتشاور مع النقابة وأصحاب المصلحة يعدّ ضامناً أساسياً للوصول إلى حل يراعي التوازن المطلوب بين تلبية احتياجات القطاع الطبي وحماية حقوق العاملين المحليين.
مع كل هذه المعطيات، يبقى السؤال الأهم: هل سيتخذ البكار القرار على عجل ويغرق القطاع الطبي بالعمالة الوافدة أم أنه سيتريث ليُجري دراسة شاملة تأخذ في الحسبان مصالح جميع الأطراف؟ وزير العمل على مفترق طرق؛ فإما أن يكون ضحية للضغوطات والأجندات الخاصة، أو أن يُثبت أن قراراته تأتي بناءً على المصلحة الوطنية الحقيقية، محققاً بذلك توازناً عادلاً بين احتياجات السوق وتطلعات العمالة الأردنية.