لقد جسّدت الضفة و"زهرة المدائن» برميل البارود الذي لا يهدأ. ومن المرجح أن الأساس في كل هذا يعود إلى «انتفاضة الأقصى» في العام 2015، دون تجاهل دور الانتفاضة الأولى 1987 والانتفاضة الثانية (الأقصى 2000). فانتفاصة 2015 غيرت في وعي الفلسطينيين في الضفة الغربية، تلاها الانتصار لبوابات الأقصى في العام 2017، بالإضافة إلى انتفاضات ومختلف نضالات الأسرى في سجون الاحتلال، ما أشر بقوة إلى استحالة توقف الفعل المقاوم في هذه الساحة الجديدة. بل ان هذه المقاومة أخذت منحى أكثر تأثيرا على صعيد التعامل مع قوات الاحتلال، تجسد ?تأسيس كتائب عسكرية (من رحم الفصائل الفلسطينية المتراجع دورها المقاوم) وهي كتائب «تمردت» على سياسة الانقسام وتبعاته. ولقد انبعثت هذه «الكتائب» أساسا في شمال الضفة (في كل من جنين ونابلس وغيرهما) للوقوف بوجه الاقتحامات الليلية شبه اليومية لجيش الاحتلال. واللافت في الظاهرة المقاومة هذه ما بات ملاحظا في «سجل» المجموعات الكفاحية الذي أكد (ويؤكد يوميا) تعدد الخلفيات الفصائلية للشهداء والمقاتلين، بل أن بعضهم ينتمي إلى قوات السلطة الفلسطينية أو أبنائهم.
لقد غدت الضفة الغربية اليوم ساحة مقاومة يشارك فيها جيل جديد من الشباب تقف وراءه جماهير واسعة من الشعب الفلسطيني، وهذا الواقع الجديد رسخ حالة الإرباك الإسرائيلية على الصعد الأمنية والعسكرية والسياسية نتيجة تصاعد عمليات المقاومة الفلسطينية، مع استمرار فشل الحكومات الإسرائيلية بامتلاك مشروع سياسي واضح سوى مشروع «الاستيطان» الاستعماري والتهويد، واعتمادها على إعادة مفهوم قوة الردع الإسرائيلي!! وفي هذا، يقول المحلل السياسي الإسرائيلي (إيلي نيسان): «هناك توافق على المستويين العسكري والسياسي لمواصلة التصعيد ضد الف?سطينيين.
بالمقابل، هناك نمطان من العمليات المسلحة التي يقوم بها الفلسطينيون، نمط منظم كما حصل في جنين، ونمط فردي كما حدث في عملية مستوطنة كدوميم». ومن جهته، اعتبر المحلل السياسي (آفي يسخروف) أن «العملية في جنين هي بمثابة إعطاء مريض ميؤوس من شفائه حبة أسبيرين، ولن تخفض عدد الهجمات الفلسطينية بكل تأكيد"! أما المحلل السياسي (تسفي برئيل) فأوضح مستخلصا: «ما من إنسان عاقل في الجيش، وفي الشاباك، وحتى في دوائر اليمين، يصدق أن هذه العملية قضت على (الإرهاب) في مخيم اللاجئين في جنين، ناهيك بمدينة جنين ونابلس والقدس، وكل الأرا?ي المحتلة»، مقدّراً «أن يكون نتنياهو نفسه لا يصدق الكلام الذي خرج من فمه عندما قال «نسعى لتغيير المعادلة في مواجهة (الإرهاب)».