تحولات أوروبية في سياسة الهجرة!

تحولات أوروبية في سياسة الهجرة!
أخبار البلد -   أخبار البلد- 

قبل عقد من السنوات، فتحت أوروبا أبوابها الواسعة للمهاجرين، وكان القسم الأكبر من السوريين، كانت كارثتهم تتصاعد بفعل الحرب في سوريا والصراع عليها، وكان إلى جانبهم مهاجرون من دول آسيوية وأخرى أفريقية، اجتازوا بوابات الهجرة الأوروبية، حيث رحبت بهم دول مهمة فيها مثل ألمانيا والسويد، وقبلت الدول الأخرى بهم أو سكتت على مضض.

لم يكن فتح أبواب أوروبا أمام المهاجرين موقفاً إنسانياً وأخلاقياً صرفاً. بل كان موقفاً مصلحياً أيضاً مستمد من المهمة، التي تقوم بها الحكومات أساساً، وهي مهمة لا تمنع، أن ترافق المصلحة مسحات إنسانية وأخلاقية، وهذا ما بدا ظاهراً في مواقف بعض المسؤولين الأوروبيين وفي المقدمة السيدة أنغيلا ميركل المستشارة الألمانية القوية.

إن مصلحة أوروبا في فتح الأبواب أمام اللاجئين، تكمن في الحاجة إلى تجاوز مشاكل تتعلق بالسكان وبقوة العمل بخاصة. ففي أغلب بلدان أوروبا يتقارب عدد الولادات مع عدد الوفيات، وتتزايد أعداد كبار السن، وتزداد الحاجة لمن يقوم على خدمتهم، كما أن أنماطاً من العيش توسعت، وصارت بحاجة إلى مزيد من العاملين في قطاع الخدمات، وكلها تفرض فتح الأبواب أمام قادمين جدد إلى الدول الأوروبية من مهاجرين ولاجئين وغيرهم، وهكذا وجد السوريون الفارون من القتل والاعتقال والدمار فرصة للعبور إلى أوروبا، ورأى الأوروبيون والألمان بخاصة، أن اللاجئين السوريين شكلوا فرقاً مهماً في موجات اللجوء التي توالت على أوروبا بعد الحرب الثانية.

غير أن سياسة الترحيب باللاجئين واختلاطها بنزعات إنسانية وأخلاقية، أخذت تتغير بعد سنوات قليلة، تحت تأثيرات عوامل من أبرزها اثنان: أولهما الصعود المتنامي لممثلي جماعات اليمين ويمين الوسط، واحتلالهم مقاعد البرلمانات، وتوليهم السلطة في العديد من البلدان، والثاني تجليات الأزمة الاقتصادية - الاجتماعية، والتي تصاعدت تفاعلاتها مع «كوفيد - 19».

إن تحول السياسات الأوروبية في موضوع اللاجئين، تجسد في أمرين: أولهما اختلال السياسة الأوروبية الموحدة على مستوى الاتحاد، والثاني توجه كل واحدة من دوله لاتباع ما تراه في مصلحتها من سياسات وإجراءات. حيث ركزت أغلب البلدان نحو رفض اللاجئين، والتخفيف من أعدادهم، بل منع وصولهم إليها، وفي الإجراءات طبقت التأخير في الإجراءات الإدارية الخاصة باللاجئين من حيث منح الإقامة ونوعيتها ومدتها ومنح وثائق السفر وفرص السكن، وبدأت موجة من تغيير السياسات، ودفعها نحو تشدد أكثر، كما في موضوع منح الجنسية وسحبها، ولمّ الشمل العائلي، وكان الأخطر في التغييرات، المسايرة الرسمية لنزعات العداء للاجئين سواء ارتدت قناعاً اقتصادياً بالقول إنهم يعيشون على حساب دافعي الضرائب، أو اختفت وراء واجهة سياسة عنصرية، ولم تقتصر هذه المسايرة على بعض الأوساط الشعبية، بل شملت جماعات سياسية متطرفة، وتبنت بعض الحكومات فكرة ترحيل لاجئين إلى بلادهم بدعوى عودة الأمن إلى مناطق سكناهم الأصلية، في وقت اتجهت فيه كل البلدان إلى فتح أبوابها أمام لاجئي أوكرانيا مقابل التشدد حيال غيرهم.

لقد هزت السياسات والإجراءات بصدد الهجرة قواعد اختلاف وتوافق دول الاتحاد الأوروبي في اجتماعاته الأخيرة في يونيو (حزيران) 2023، وأسست قواعد جديدة، أبرز محتوياتها إرجاع طالبي اللجوء المرفوضين من الحدود الخارجية للاتحاد بسرعة إلى بلدانهم الأصلية أو إلى بلد ثالث. واستثناء لاجئي أوكرانيا من عموم القواعد.

إن الأمثلة الأكثر بروزاً وتعبيراً في تحولات السياسة الأوروبية في موضوع اللاجئين، تبدو في سياسة الدنمارك، والتي بدأت مبكرة في عام 2015، استناداً إلى «خطة 2025»، التي أطلقتها الحكومة، وشملت تشديدات صارمة في مسائل الهجرة والإقامات، حتى بالنسبة للمقيمين في البلاد، وتم الاستناد إليها في مسعى الدنمارك للتملص من حصتها المتفق عليها مع الأمم المتحدة لتوطين 500 لاجئ في كل عام، قبل أن تذهب لاحقاً باتجاه ترحيل لاجئين إلى بلادهم بحجة انتفاء حاجتهم للحماية، والأثر المباشر لسياسة الدنمارك، أنها شجعت دولاً في الاتحاد الأوروبي للمضي على الطريق ذاته، وكانت السويد أبرزها، حيث أكدت في أبريل (نيسان) 2023 رغبتها في تبني مسار الدنمارك في موضوع اللاجئين والتوجه نحو إلغاء فكرة منح اللجوء الدائم، وخفض عدد اللاجئين المسموح به سنوياً، وإمكانية ترحيل المشتبه بـ«أنهم أعضاء في عصابة ما، حتى قبل إدانتهم بارتكاب الجريمة في المحكمة»، وإقرار اشتراطات جديدة في تجنيس اللاجئين.

والمثال الثاني في التحولات الأوروبية في موضوع اللاجئين تمثله بريطانيا، التي طالما كانت لها مواقف مختلفة حتى قبل أن تغادر الاتحاد الأوروبي عام 2021. إذ كرست منع الوصول إليها عبر التشدد في منح فيزا للاجئين محتملين، ومنع وصولهم بصورة غير شرعية، وترحيل بعضهم بشكل موارب، وتعمدت تأخير إصدار الإقامات وخفض مساعدات الإعالة، سعياً إلى تطفيش اللاجئين، قبل أن تتجه إلى إطلاق خطة مع رواندا عام 2021 بتكلفة 120 مليون استرليني لاستضافة طالبي اللجوء والمهاجرين إلى المملكة المتحدة، لكن لم يتح للخطة أن تنجح لأسباب متعددة.

ولم يمنع فشل الحكومة البريطانية من تجديد جهودها في التصدي للهجرة عبر قانون جديد، جرى طرحه في مارس (آذار) 2023، تضمن منع الأشخاص المبعدين من بريطانيا من العودة أو السعي إلى الحصول على الجنسية البريطانية في المستقبل، ووضع حد لعدد اللاجئين الذين يستقرون في المملكة المتحدة من خلال «طرق آمنة وقانونية»، يحددها البرلمان سنوياً، واحتجاز من يصلون إلى بريطانيا بشكل غير قانوني وترحيلهم إلى رواندا أو إلى بلد ثالث «آمن».

إن المشترك في التحولات الأوروبية في موضوع الهجرة، هو مسار التشدد واستخدام كل الطرق والأساليب الممكنة للحد من الهجرة وإبعاد ما أمكن من اللاجئين، لكن المسار يواجه معارضة في الوسط السياسي، وأكثر منها في المستويات الحقوقية والإنسانية، لكن الأهم في مواجهة سياسة التشدد، يكمن في حاجة أوروبا إلى تجديد طاقاتها البشرية، والتي يلعب المهاجرون واللاجئون فيها دوراً مركزياً.

 
شريط الأخبار السفارة الأردنية في العراق تنشر رابط شراء التذاكر للجماهير الأردنية لحضور مباراة الاردن _العراق (رابط) بسبب "موقف محرج".. ميلانيا ترامب ترفض لقاء جيل بايدن عصام الروابدة عضواً في مجلس إدارة شركة الإسمنت الأردنية "لافارج" أجواء خريفية لطيفة في أغلب المناطق حتى السبت وفيات الاردن اليوم الاربعاء 13/11/2024 حادث سير بين 4 مركبات أعلى جسر الثامن ل7ساعات.. قطع الكهرباء عن مناطق في الأردن غداً (أسماء) إنجاز أردني جديد في علاج "القرنية المخروطية" تُعدُّ آخر إنسان وُلد في القرن ال19 وتتّبع نظاماً غذائياً فريداً... إيطالية تبلغ 125 عاماً تكشف سرَّ عمرها الطويل رسائل عميقة احتوتها 3 لقاءات مهمة لولي العهد رئيس كنيسة إنجلترا يستقيل بعد فضيحة اعتداءات جنسية إصابات نتيجة انفجار أسطوانة غاز في مطعم بمأدبا 45,5 مليون دينار تمويل أجنبي لتنفيذ 322 مشروعا لجمعيات وشركات غير ربحية في الأردن هذا ما توقعته "المستثمرين بقطاع الإسكان" بشأن نشاط مبيعات الشقق الفترة المقبلة ولي العهد خلال مؤتمر المناخ: الحرب تفاقم التحديات البيئية بالنسبة لغزة وخارجها بمشاركة مقاتل ستيني.. القسام تبث مشاهد استهداف آليات للاحتلال بجباليا - فيديو جيش الاحتلال يكشف حصيلة قتلاه ومصابيه من الجنود منذ بدء عدوانه الحكومة تصدر جملة من القرارات الهامة ارتفاع الاحتياطيات الأجنبية إلى 2.3 مليار دولار منذ بداية العام "صناعة عمان" تبحث تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الأردن واسبانيا