القنبلة الموقوتة في السودان!

القنبلة الموقوتة في السودان!
أخبار البلد -   أخبار البلد - تداولت وسائل التواصل الاجتماعي في السودان صورة مع تعليق من أحد سكان حي معروف في الخرطوم، عن رجل قدم إلى حيّهم منذ فترة وأقام بينهم حيث عمل حارساً للبيوت، وسمساراً في العقارات أحياناً. صادق أهل الحي وأصبح مؤذناً في المسجد فأمّنوا له. لكن عندما اندلعت الحرب في الخرطوم صُدم الناس عندما رأوه يرتدي زي مجندي قوات «الدعم السريع»، ويقاتل في صفوفها ضد الجيش السوداني، ويشارك في احتلال حيهم، واكتشفوا أنه أحد عناصر الخلايا النائمة التابعة لاستخبارات «الدعم السريع». القصة ليست هنا فحسب، بل في أن الرجل أصلاً من دولة مالي، وجاء إلى السودان وأقام فيه مثل ملايين غيره من الوافدين واللاجئين الذين قدموا إلى البلد في فترات مختلفة، أكثرهم غير مسجل بالطرق الرسمية.

هناك قصة أخرى جرى تداولها مع صورة لسيدة تمتهن بيع الشاي للمارين في الشوارع، وهي ظاهرة انتشرت بشكل لافت في السنوات الأخيرة، هذه السيدة تبين لسكان المنطقة التي تعمل فيها، أنها متعاونة مع قوات «الدعم السريع»، تقدم لهم المعلومات، وأنها أيضاً من الوافدين.

في السياق ذاته، كتب أحد الأشخاص واقعة حصلت معه عندما عاد إلى منزله الذي كان قد غادره بسبب القتال، وكان غرضه من تلك العودة أخذ وثائق وجوازات سفر تركوها وراءهم. عندما دخل إلى منزله فوجئ بوجود عدد من مجندي «الدعم السريع» وقد احتلوا المنزل. المفاجأة الأكبر كانت عندما رأى السيدة التي كانت تبيع الشاي في شارعهم، خارجة من المطبخ، حيث كانت تقوم بإعداد وجبة الغداء لعناصر «الدعم السريع» الذين سكنوا المنزل. قال إنهم سألوه: من هو؟ فأخبرهم أنه صاحب المنزل وجاء ليأخذ بعض الأوراق الخاصة بأبنائه. تركوه يأخذ أوراقه ويغادر منزله يرافقه الإحساس بالقهر، وبالصدمة مما وصفه بخيانة بائعة الشاي.

شخص آخر كتب في وسائط التواصل الاجتماعي أنه عندما ذهب لتفقد منزلهم الذي غادروه مضطرين بسبب المعارك في المنطقة، رأى مجموعة من المسلحين يشحنون سياراتهم بأثاث منزل جاره الذي لم يتركوا فيه شيئاً. ووصف من رآهم بأنهم غير سودانيين، بل مقيمين من دول أفريقية مجاورة.

هذا غيض من فيض مئات القصص التي يتداولها الناس عن المحنة التي حلّت بهم، من التهجير القسري من بيوتهم، إلى احتلالها من قبل مجندي قوات «الدعم السريع»، وأحياناً من عصابات المجرمين والمتفلتين وكثير منهم من المهاجرين والوافدين الذين دخلوا بطرق غير نظامية، وأقاموا وعملوا مستفيدين من عدم وجود نظام متين للإقامة والهجرة، ومن سماحة السودانيين في التعامل مع الغرباء.

الحرب الدائرة اليوم أيقظت الناس على واقع مخيف، ونبهتهم إلى خطورة التغيير الديموغرافي الذي حدث ولا يزال مستمراً، وإلى أن هناك كثيرين ممن أقاموا بينهم وفي أحياء الأطراف من الوافدين واللاجئين، أظهروا أنهم مستعدون للخروج عن القانون. فكثير من الناس شكوا من أنه إضافة إلى مشاركة هؤلاء في عمليات النهب والتخريب الواسعة، فإن أعداداً منهم تحولوا إلى مرشدين ومتعاونين مع قوات «الدعم السريع»، يدلونهم على المنازل التي غادرها أصحابها، وأحياناً إلى مساكن ضباط الجيش والشرطة المتقاعدين الذين تعرضوا للاستهداف من قبل هذه القوات.

عمليات النهب الواسعة التي حدثت خلال هذه الحرب لم تكن كلها بسبب الجوع ونقص الأموال، وإن كان قسم منها يندرج في هذا الإطار بلا شك، مثلما أنها لم تكن كلها بفعل وافدين؛ لأن هناك بعض السودانيين شاركوا فيها أيضاً للأسف. لقد كان النهب مصحوباً بعمليات تخريب للممتلكات، وحرق للأسواق، وتجريد المحلات المنهوبة من كل شيء حتى المكاتب وأجهزة التكييف ومصابيح الإضاءة، والشبابيك والأبواب. وفي المصانع قاموا بتفكيك الماكينات والمعدات وتخريبها. هذا ليس نهباً عادياً، بل هو تخريب متعمد وممنهج، وكأن المراد به تدمير البلد وتعطيله لسنوات مقبلة. وسيفجع الناس عندما يرون بعد توقف القتال، حجم الدمار المريع الذي حل بعاصمتهم، وهو دمار طال المراكز البحثية والصناعية، والجامعات، والمصارف، والوزارات، والصيدليات والمستشفيات ومخازن الدواء، ومقار البعثات الدبلوماسية والإغاثية، ومطاحن الغلال ومخازن الغذاء، ومحطات المياه والكهرباء.

قضية الوافدين والمقيمين بصورة غير نظامية ستكون ضمن الملفات المهمة التي تحتاج معالجة دقيقة، نظراً لتعقيداتها وحساسيتها. فإذا كان الموضوع يتعلق في السابق بمن قدموا إلى السودان من الخارج كوافدين ولاجئين، كثير منهم بطرق نظامية، فإنه أصبح أكثر تعقيداً بسبب استقدام قيادة قوات «الدعم السريع» أعداداً كبيرة من المرتزقة من دول الجوار، ومنحهم الجنسية السودانية، ما أثار ضجة ونقاشات واسعة حتى قبل اندلاع هذه الحرب. اليوم أصبح الأمر أكثر إلحاحاً في ظل الحديث المتكرر عن مخطط كان يرمي لتفريغ أحياء العاصمة من سكانها، وتوطين الوافدين الجدد. ويشير الناس إلى الاحتلال الممنهج لمنازلهم التي سكنها مسلحو «الدعم السريع» ومجموعات من العصابات والوافدين. هذا الأسلوب ليس جديداً في مخططات قوات «الدعم السريع»، فقد نفذوه أيضاً في مناطق من دارفور وأرعبوا سكانها، وأبادوا أعداداً منهم وأجبروا الآخرين على الرحيل، ليأتوا بمستوطنين جدد بعضهم من خارج السودان.

قضية المرتزقة الأجانب ستلقي بظلالها أيضاً على أي حديث مستقبلاً عن دمج قوات «الدعم السريع» في الجيش والقوات النظامية الأخرى. فكيف يمكن استيعاب هؤلاء في جيش بلد لا يدينون بأي ولاء له ولا لأهله ولا يحترمون أياً من قوانينه؟

على أي حال، فإن قضية الدمج أصبحت موضع شك في ظل ما أفرزته هذه الحرب، وفي ظل القرار الذي صدر بحلها، وأي بت فيها سيكون مرتبطاً بنتيجة الحرب وكيف ستنتهي، باتفاق أم بحسم عسكري؟

لكن يبقى ملف الوافدين واللاجئين قنبلة موقوتة، وأتوقع أن يكون من ضمن الأولويات مستقبلاً. فهذه الحرب غيرت الكثير من المفاهيم، وستجعل الناس أكثر حرصاً على كل ما يمس أمنهم المباشر، وأمن بلدهم. فعلى الرغم من عدم وجود إحصائيات دقيقة فإن هناك تقديرات تضع عدد اللاجئين والوافدين بين ثمانية ملايين وعشرة ملايين شخص، معظمهم يقيمون بصورة غير نظامية، ووجودهم هكذا من غير حصر وتدقيق وفرز، يعتبر مسألة أمن قومي رأينا ما يمكن أن تحدثه من آثار خطيرة. والسودان لن يقوم ببدعة، إذا قام بحصر وتسجيل اللاجئين، وترحيل المخالفين والمقيمين بصورة غير شرعية. فكل دول العالم تحمي معابرها وأمنها وأمن مواطنيها، والسودان أحوج ما يكون لهذا الأمر بعد هذه الحرب المريرة.
 
شريط الأخبار "إدارة الأزمات" تحذر من مخاطر عدم الاستقرار الجوي خلال الـ48 ساعة القادمة "النقل البري": إلزام سائقي التطبيقات الذكية بالضمان الاجتماعي قيد الدراسة (43 %) من متقاعدي الضمان تقل رواتبهم عن 300 دينار استقالة عكروش من رئاسة الجامعة الأمريكية في مأدبا غوغل تكشف أبرز مواضيع بحث الأردنيين في 2025 استعادة 100 مليون دينار سنويا عبر التحقيقات وملاحقة قضايا الفساد مراسم الاستقبال الرسمي لبوتين أمام القصر الرئاسي في نيودلهي (فيديو) حفل سحب قرعة كأس العالم 2026 اليوم أجواء لطيفة اليوم وغير مستقرة غداً وفيات الأردن اليوم الجمعة 5/12/2025 "شيطان يطاردني منذ 7 أكتوبر.. فعلت أشياء لا تغتفر": ضابط إسرائيلي في لواء غفعاتي ينتحر بعد اجتماع ديسمبر.. الفدرالي الأميركي يستعد لثمانية اجتماعات حاسمة في 2026! وزير العمل: شبهات اتجار بالبشر واستغلال منظم للعمالة المنزلية الهاربة اتفاق أردني سوري لإنعاش الأحواض الشمالية قريبا هيئة النزاهة: استعادة 100 مليون دينار سنويا عبر التحقيقات وملاحقة قضايا الفساد حماس: نتوقع حدوث محاولة اغتيال في دولة غير عربية انخفاض سعر صرف الدولار إلى ما دون 76 روبلا للمرة الأولى منذ 12 مايو 2023 آخر موعد للتقديم على المنح والقروض من "التعليم العالي" وزارة اردنية الافضل عربيا من هي ؟ العراق يتراجع عن إدراج حزب الله والحوثيين على قوائم الإرهاب