إسرائيل بوصفها هديّة ثمينة لأنظمة وأوضاع هزيلة

إسرائيل بوصفها هديّة ثمينة لأنظمة وأوضاع هزيلة
أخبار البلد -   أخبار البلد-
 
في 17 يوليو (تموز) 1968 نفذ ضباط عراقيون، بعضهم بعثيون وبعضهم غير بعثيين، انقلاباً ناجحاً على الحاكم يومذاك عبد الرحمن عارف. لكن البعثيين، في رغبتهم إطاحة شركائهم في الانقلاب واحتكار السلطة وحدهم، وفي مواجهة شعور بالعزلة الشعبية الواسعة، أعلنوا عن كشف «وجبة من الجواسيس».
حدث ذلك في 5 يناير (كانون الثاني) 1969 فعُلق على أعواد المشانق 14 متهماً في عدادهم 9 يهود عراقيين، وتُركوا معلقين لأيام.
الآلاف جيء بهم من مناطقهم البعيدة، كي يشهدوا «الحفل المجيد» في بغداد، فيستمعون إلى الخطب الحماسية عن المؤامرة وعن عين الثورة الساهرة على أمن الشعب، ويبصقون على «الجواسيس» من «يهود وماسونيين» ويرمونهم بالحجارة. صلاح عمر العلي، الذي كان وزيراً وعضواً في مجلس قيادة الثورة، ألقى خطاباً، بات شهيراً، جاء فيه: «يا شعب العراق العظيم. عراق اليوم لن يتسامح مع أي خائن أو جاسوس أو عميل للطابور الخامس. أنتِ يا إسرائيل اللقيطة، أنتم أيها الأمبرياليون الأميركان، وأنتم أيها الصهاينة، اسمعوني. سوف نكتشف كل ألاعيبكم القذرة. سوف نعاقب عملاءكم. سوف نعدم كل جواسيسكم، حتى لو كان هناك الآلاف منهم».
ومضى الوزير متوعداً: «يا شعب العراق العظيم. هذه هي مجرد بداية. الساحات العظيمة والخالدة للعراق سوف تُملأ بجثث الخونة والجواسيس. فقط انتظروا».
بالطبع هناك دائماً جاسوسية وجواسيس، لكنْ هناك جاسوسية مختَرَعة وجواسيس مختَرعون أكثر بكثير. الضحايا العراقيون كانوا من الفئة الأخيرة: وُصفوا بالجاسوسية وأُعدموا كجواسيس لأن النظام الضعيف يريد أن يعطي لنفسه معنى وشرعية لا يملكهما، وأن يعبئ السكان من حوله. ومَن أقدر من «اليهود» و«الماسونيين» على تلبية هذا المطلب، لا سيما بعد مدة قصيرة تفصل عن هزيمة يونيو (حزيران) 1967؟
«التآمر»، الذي كان جوزيف ستالين وأدولف هتلر من كبار مخترعيه ومؤسسيه، اتخذ في منطقتنا شكلاً شبه حصري: إسرائيل ومؤامراتها علينا. وهذا لا يعني بالطبع أن إسرائيل لا تتآمر ولا تتجسس، لكنه يعني كذلك أن تآمر إسرائيل وجاسوسيتها مطلوبان، فحين ننتظرهما ولا يحضران يُخترعان اختراعاً لتعزيز نظام ضعيف الشعبية والإنجاز، ولقطع الطريق على كل معارضة أو مساءلة له.
لقد بات السلوك هذا جزءاً لا يتجزأ من نهج التخويف والابتزاز، ومن حرف الأنظار عن أسئلة الواقع الحارق، حتى جاز القول إن «المؤامرات» هي روح النهج المذكور. ويعرف السوريون، ربما أكثر من أي شعب عربي آخر، كيف استخدمت إسرائيل وخطر مؤامراتها ذريعة لإدامة نظام «جمهوري» قرابة 60 عاماً (1963 – 2022)، 53 عاماً منها تقاسمها أب وابنه.
اللبنانيون بدورهم عرفوا حالات مبعثرة لم تتحول نهجاً، ربما كان أبرزها تلفيق تهمة الجاسوسية للممثل زياد عيتاني. مع هذا، تأسست في عهد الوصاية طريقة تُستخدم كلما دعت الحاجة إليها: ابتزاز المسيحيين خصوصاً بالتعامل مع إسرائيل لدى اتجاه أي طرف قوي فيهم إلى معارضة العهد إياه. وكلما كان يبدو أن البطريركية المارونية أشد معارضة كان ابتزاز المسيحيين يشتد. أما الغرض فكان، بطبيعة الحال، إيجاد المبررات لبقاء الوصاية ونظامها، خصوصاً بعدما انسحب الإسرائيليون في عام 2000 من لبنان فزالَ آخر مبرر لبقائهما.
شيء من هذا يحصل اليوم إذ يبلغ التعارض أقصاه بين القوة العسكرية لـ«حزب الله» ودرجة الاقتناع الشعبي بها خارج بيئة الحزب المباشرة. هذه القوة العسكرية وامتداداتها في السلطة الرسمية في أمس الحاجة إلى اختراع جواسيس وعملاء يخدمون إسرائيل.
والحال أن تعابير الخائن والجاسوس والعميل كلمات انتهت صلاحيتها منذ زمن بعيد، وما عادت تعني سوى أن ثمة مشروعاً للسيطرة الجلفة، وأن هذا المشروع مأزوم ومضطَر أن يطيل لسانه عله بهذا يطيل حياته.
لكن في ذلك كله شيئاً مما سماه سيغموند فرويد الإعلاء أو التصعيد (sublimation). والمفهوم هذا، الذي تعود أصوله إلى فريدريك نيتشه، يصف عملية يُصار بموجبها إلى توجيه الرغبات والغرائز غير المقبولة اجتماعياً نحو أغراض تتعدى المقبولية الاجتماعية إلى كونها سامية يمجدها المجتمع. ففي محل اشتهاء المحرم مثلاً، يحل عمل إبداعي رفيع، وفي محل الرغبة في القتل، يحل تسامٍ أخلاقي مثير للتقدير. بهذا المعنى، تنقلب رغبة الإمساك الجلف بالسلطة، والحال هذه، صراعاً مع إسرائيل أو سعياً إلى تحرير فلسطين. ذاك أن الرغبة تلك مدانة، لا يدافع أحد عنها ولا يجرؤ أصحابها أنفسهم على الجهر بها، أما الصراع ذاك فمجيدٌ بحسب رأي واسع وشائع.
لكن الفارق الكبير أن الرغبة، في حالة المتسلطين، تختبئ فحسب، فيما الغرض السامي يكون كذباً محضاً لا ينتج عنه إبداع أو تسامٍ.
إن «مؤامرات إسرائيل» هي وحدها ما يبرر «ملء الساحات بجثث الخونة والجواسيس» وفق تعبير صلاح عمر العلي.
شريط الأخبار البوتاس العربية" تهنّئ المنتخب الوطني لكرة القدم بحصوله على لقب وصيف كأس العرب الملكة تشكر النشامى.. "أداء مميز طوال البطولة" الملك يشكر النشامى.. "رفعتوا راسنا" «لدورهم في 7 أكتوبر»... تحركات إسرائيلية لإعدام 100 من عناصر «القسام» وزير التربية: إرسال مسودة قانون وزارة التعليم وتنمية الموارد البشرية لمجلس النواب الشهر المقبل المنتخب الوطني وصيفا في كأس العرب بعد مشوار تاريخي ولي العهد والأميرة رجوة وعدد من الأمراء يساندون "النشامى" في ستاد لوسيل الإعلان عن تشكيلة "النشامى" في نهائي كأس العرب أمام المغرب القريني يكشف مصير مباراة الأردن والمغرب دور شراب الشعير في علاج حرقة البول مجمع الضليل الصناعي خبران هامان عن الشقاق وحمد بورصة عمان تغلق على ارتفاع بنسبة 0.56 % الأردن على موعد مع الانقلاب الشتوي الأحد المقبل الأردن على موعد مع الانقلاب الشتوي - تفاصيل وزير المالية: النظر في رفع الرواتب خلال موازنة 2027 صوت الأردن عمر العبداللات يمثل الأردن في ختام بطولة كأس العرب 2025 "شركة التجمعات الاستثمارية" لغز الاقالة سيعيد الشركة للمربع الأول مبادرة "هَدبتلّي" تصنع الفرح في الشارع الأردني وبين الجمهور والنوايسة: الشماغ رمز أصيل للهوية الوطنية يعكس لباسه معاني الشموخ خطط واجراءات حكومية قادمة من رئاسة الوزراء مستثمر أردني يقع فريسة عملية تهريب اموال يقودها رئيس وزراء لبناني أسبق