دقت ساعة الزمن الأردني بلا ريب، ولم تعد اكاذيب، ومواربة المستوى السياسي تنطلي على الاردنيين الذين يرون رأي العين الدول تحاسب مجرميها الكبار، وما يزال اللصوص في الاردن طليقون احرار يتمتعون باموال الشعب الحرام، ويعيشون بمنأى عن المحاسبة على جرائمهم التي طالت الاردنيين كافة، وما يزالون يتمتعون بالمسروقات التي تتجلى على شاكلة فلل ، وقصور وقاطرة من السيارات، وحسابات بنكية بالملايين، وشركات خاصة، واراضي خزينة، وها هي عمان الغربية شاهدة على ذلك.
وشراء الوقت لم يعد يناسب الحالة الاردنية المتفاقمة التي باتت تقف على حد الانفجار، وهو ما يتجاوز المخاطر، و التحديات التي تواجهها المملكة في صميم علاقتها بشعبها ، ونحن لن ننجو من هذه المرحلة الصعبة بذات الصيغة السياسية القديمة التي وضعتنا اليوم في حالة مواجهة مع الغضب الشعبي، وجعلت الاردنيين في شك حول المصير، وامكانية البقاء، والشارع الاردني الذي اتخذ موقف المتأني ازاء اكبر موجة تاريخية للتغيير تجتاح المنطقة العربية منذ قرن لن يترك الفرصة تفلت منه، وهو غير قابل للترويض في هذه المرحلة، واذا هبط حراك الشارع المناطقي مؤقتا فسينتقل في الموجة الثانية منه الى طرح اقسى الشعارات، وقد ينتقل شعار الشوارع العربية الشهير الى الاردن علنا، وستكون الكارثة قد حلت ولن نتمكن من استبعاد اسوء الخيارات على الاطلاق.
ولذا لا بد من تصويب مسار المملكة بعيدا عن الصيغ المستهلكة من اوجه الحوار الذي لا يعدو كونه لونا من الوان العلاقات العامة، واضاعة الوقت في اللقاءات والترتيبات والبروتوكول، والذي قد ينهار فجأة امام اية احداث غير قابلة للسيطرة عليها.
ويبدأ تصحيح المسار من التخلص من حمولة الديوان الملكي الذي اصبح نشاطه موضع اتهام، ويعود بنتائج سلبية على المملكة، وهو يتجاوز دوره الدستوري، ويوازي الحكومات ، ويسطو على ولايتها العامة، في حين ان صلاحياته توظف في خدمة طبقة الموظفين فيه، وطبقة الفساد التي نمت في المملكة على حساب اولويات الشعب الاردني الفقير، حتى صار رمزا من رموز الفساد، ولذا لا بد من تقليص مساحة الديوان الملكي، وتوزيع موظفيه على الوزارات بعد استعادة ما استولى عليه الكثير منهم بحكم الصلاحيات من الاموال العامة، واعادة كافة اعماله الى الوزارات المعنية، وليرجع الى وظيفته الدستورية المتمثلة بكونه قناة واصلة بين الملك والحكومة.
وبعد ذلك لا بد من اعادة تحوير دور الملكة في الحياة العامة بعيدا عن ممارسة التأثير على عملية الحكم كونها لا تملك صفة دستورية، فهي ليست سلطة تنفيذية، او تشريعية او قضائية، وليس لها من صلاحيات ممنوحة بحكم الدستور، وانسجامها مع دورها الطبيعي يجنب المملكة المزيد من الانحسار في المشاعر الوطنية. ويرافق ذلك اعادة التراتبية للنظام السياسي المحصور بين الملك والسلطات الثلاث وفق الصيغة الدستورية المعروفة والتي تجعل حصول الحكومة على الاغلبية البرلمانية شرطا اساسيا في ممارسة صلاحياتها، وهذا لا يمنع من ايلاء مهمة تشكيل الحكومات الى الاغلبية البرلمانية في هذه المرحلة كي يصار الى اخلاء الملك نهائيا من اية مسؤولية او تبعات تلحق بفشل الحكومات المعنية ، والتي عادة ما تتحصل على ثقة برلمانية بفعل ضغوط المستوى الامني، وتبعا لنوعية النواب نفسها العائدة لشكل قانون الانتخاب الذي يصار الى اختراعه في كل مرة لتفصيل مجالس نيابية مروضة، ومنزوعة الدسم السياسي.
ومن معالم الطريق في تصويب مسار المملكة شن حملة قانونية كبيرة لاجتثاث الفساد الذي قضم شرعية النظام السياسي، واودى بولاء الاردنيين الذين نهبوا جهارا نهارا، واضاعوا مؤسساتهم الوطنية، وحملوهم مديونية خارجية تثقل كاهل الاجيال الاردنية المتعاقبة، ولاحقهم الفساد حتى رغيف الخبز، واللصوص والفسدة الكبار لا يخفون ويستطيع أي اردني ان يعددهم، وليس من مناص من تقديمهم الى المحاكمات ، ولو كانوا امراء، او اشرافا، او اشقاء للمملكة، او رؤساء حكومات، او متنفذين كبار ، وكل من تطاله شبهة فساد من مصلحة النظام التخلص منه كي لا تغرق سفينة الوطن التي تئن تحت طائلة الفساد، وقد ملئ قلوب الاردنيين بالغضب الذي قد يتحول الى حراك جارف في الشارع لا يبقي ولا يذر.
وفي هذا الخصوص يجب انهاء ملف استعادة اراضي الخزينة، والطلب من كافة الذوات الذين طوعت لهم انفسهم الاثمة بتسجيل الاراضي باسمائهم بارجاعها، والغاء عقود التسجيل واستعادتها بشكل كامل وجذري الى ملكية الدولة الاردنية.
وللشروع بعملية سياسية جديدة وللخلاص من شوائب المرحلة البرلمانية السابقة التي حولت اصوات الاردنيين الى مزاد للبيع والشراء تحت نظر اجهزة الدولة ومؤسساتها، ناهيك عن عمليات التزوير الرسمي التي ادت الى قتل الارادة الشعبية، وفقدان الثقة بنزاهة الانتخابات التي اودت بسمعة الدولة ونظامها السياسي مما نجم عنه انفجار حراك الشارع على خلفية انتفاء جهة التمثيل الحقيقي. فلا بد من التهيئة لانتخابات نيابية مبكرة تجرى على اساس قانون انتخابي متوافق عليه من كافة القوى الحزبية، والنقابية، والشعبية، ومؤسسات المجتمع المدني، وبجدول زمني محدد ، ومن ثم الذهاب لعملية انتخابية مبكرة تكون مالكة لكافة ضمانات النزاهة والشفافية والتي تؤدي الى الوصول للفرز الحقيقي للارادة الشعبية، وممارسة عملية سياسية نظيفة تقوم على اساس تنافس الاغلبية، والاقلية البرلمانية.
وبغير السير الحثيث نحو وقف التدهور جديا في العلاقة التي تربط النظام الملكي بشعبه فقد نصحو قريبا على انفجار جماعي في كافة بؤر التوتر في المملكة مع توفر انعدام كامل للثقة في المؤسسات، ومواصلة النظام طريقته القديمة في التعاطي مع الدولة الاردنية على اساس انها مجال خصب لتوزيع المكاسب والحصص السياسية في اطار الطبقة السياسية، والشلل والاصدقاء والدائرة المحسوبة عليه بعيدا عن الارادة الشعبية والتي ستكون اول من يتخلى عن النظام في حال مواجهته القادمة مع الشعب، وعندها لن ينفع الندم.
علي السنيد
وشراء الوقت لم يعد يناسب الحالة الاردنية المتفاقمة التي باتت تقف على حد الانفجار، وهو ما يتجاوز المخاطر، و التحديات التي تواجهها المملكة في صميم علاقتها بشعبها ، ونحن لن ننجو من هذه المرحلة الصعبة بذات الصيغة السياسية القديمة التي وضعتنا اليوم في حالة مواجهة مع الغضب الشعبي، وجعلت الاردنيين في شك حول المصير، وامكانية البقاء، والشارع الاردني الذي اتخذ موقف المتأني ازاء اكبر موجة تاريخية للتغيير تجتاح المنطقة العربية منذ قرن لن يترك الفرصة تفلت منه، وهو غير قابل للترويض في هذه المرحلة، واذا هبط حراك الشارع المناطقي مؤقتا فسينتقل في الموجة الثانية منه الى طرح اقسى الشعارات، وقد ينتقل شعار الشوارع العربية الشهير الى الاردن علنا، وستكون الكارثة قد حلت ولن نتمكن من استبعاد اسوء الخيارات على الاطلاق.
ولذا لا بد من تصويب مسار المملكة بعيدا عن الصيغ المستهلكة من اوجه الحوار الذي لا يعدو كونه لونا من الوان العلاقات العامة، واضاعة الوقت في اللقاءات والترتيبات والبروتوكول، والذي قد ينهار فجأة امام اية احداث غير قابلة للسيطرة عليها.
ويبدأ تصحيح المسار من التخلص من حمولة الديوان الملكي الذي اصبح نشاطه موضع اتهام، ويعود بنتائج سلبية على المملكة، وهو يتجاوز دوره الدستوري، ويوازي الحكومات ، ويسطو على ولايتها العامة، في حين ان صلاحياته توظف في خدمة طبقة الموظفين فيه، وطبقة الفساد التي نمت في المملكة على حساب اولويات الشعب الاردني الفقير، حتى صار رمزا من رموز الفساد، ولذا لا بد من تقليص مساحة الديوان الملكي، وتوزيع موظفيه على الوزارات بعد استعادة ما استولى عليه الكثير منهم بحكم الصلاحيات من الاموال العامة، واعادة كافة اعماله الى الوزارات المعنية، وليرجع الى وظيفته الدستورية المتمثلة بكونه قناة واصلة بين الملك والحكومة.
وبعد ذلك لا بد من اعادة تحوير دور الملكة في الحياة العامة بعيدا عن ممارسة التأثير على عملية الحكم كونها لا تملك صفة دستورية، فهي ليست سلطة تنفيذية، او تشريعية او قضائية، وليس لها من صلاحيات ممنوحة بحكم الدستور، وانسجامها مع دورها الطبيعي يجنب المملكة المزيد من الانحسار في المشاعر الوطنية. ويرافق ذلك اعادة التراتبية للنظام السياسي المحصور بين الملك والسلطات الثلاث وفق الصيغة الدستورية المعروفة والتي تجعل حصول الحكومة على الاغلبية البرلمانية شرطا اساسيا في ممارسة صلاحياتها، وهذا لا يمنع من ايلاء مهمة تشكيل الحكومات الى الاغلبية البرلمانية في هذه المرحلة كي يصار الى اخلاء الملك نهائيا من اية مسؤولية او تبعات تلحق بفشل الحكومات المعنية ، والتي عادة ما تتحصل على ثقة برلمانية بفعل ضغوط المستوى الامني، وتبعا لنوعية النواب نفسها العائدة لشكل قانون الانتخاب الذي يصار الى اختراعه في كل مرة لتفصيل مجالس نيابية مروضة، ومنزوعة الدسم السياسي.
ومن معالم الطريق في تصويب مسار المملكة شن حملة قانونية كبيرة لاجتثاث الفساد الذي قضم شرعية النظام السياسي، واودى بولاء الاردنيين الذين نهبوا جهارا نهارا، واضاعوا مؤسساتهم الوطنية، وحملوهم مديونية خارجية تثقل كاهل الاجيال الاردنية المتعاقبة، ولاحقهم الفساد حتى رغيف الخبز، واللصوص والفسدة الكبار لا يخفون ويستطيع أي اردني ان يعددهم، وليس من مناص من تقديمهم الى المحاكمات ، ولو كانوا امراء، او اشرافا، او اشقاء للمملكة، او رؤساء حكومات، او متنفذين كبار ، وكل من تطاله شبهة فساد من مصلحة النظام التخلص منه كي لا تغرق سفينة الوطن التي تئن تحت طائلة الفساد، وقد ملئ قلوب الاردنيين بالغضب الذي قد يتحول الى حراك جارف في الشارع لا يبقي ولا يذر.
وفي هذا الخصوص يجب انهاء ملف استعادة اراضي الخزينة، والطلب من كافة الذوات الذين طوعت لهم انفسهم الاثمة بتسجيل الاراضي باسمائهم بارجاعها، والغاء عقود التسجيل واستعادتها بشكل كامل وجذري الى ملكية الدولة الاردنية.
وللشروع بعملية سياسية جديدة وللخلاص من شوائب المرحلة البرلمانية السابقة التي حولت اصوات الاردنيين الى مزاد للبيع والشراء تحت نظر اجهزة الدولة ومؤسساتها، ناهيك عن عمليات التزوير الرسمي التي ادت الى قتل الارادة الشعبية، وفقدان الثقة بنزاهة الانتخابات التي اودت بسمعة الدولة ونظامها السياسي مما نجم عنه انفجار حراك الشارع على خلفية انتفاء جهة التمثيل الحقيقي. فلا بد من التهيئة لانتخابات نيابية مبكرة تجرى على اساس قانون انتخابي متوافق عليه من كافة القوى الحزبية، والنقابية، والشعبية، ومؤسسات المجتمع المدني، وبجدول زمني محدد ، ومن ثم الذهاب لعملية انتخابية مبكرة تكون مالكة لكافة ضمانات النزاهة والشفافية والتي تؤدي الى الوصول للفرز الحقيقي للارادة الشعبية، وممارسة عملية سياسية نظيفة تقوم على اساس تنافس الاغلبية، والاقلية البرلمانية.
وبغير السير الحثيث نحو وقف التدهور جديا في العلاقة التي تربط النظام الملكي بشعبه فقد نصحو قريبا على انفجار جماعي في كافة بؤر التوتر في المملكة مع توفر انعدام كامل للثقة في المؤسسات، ومواصلة النظام طريقته القديمة في التعاطي مع الدولة الاردنية على اساس انها مجال خصب لتوزيع المكاسب والحصص السياسية في اطار الطبقة السياسية، والشلل والاصدقاء والدائرة المحسوبة عليه بعيدا عن الارادة الشعبية والتي ستكون اول من يتخلى عن النظام في حال مواجهته القادمة مع الشعب، وعندها لن ينفع الندم.
علي السنيد