لا توجد بوتقة واحدة، يمكن أن تنصهر فيها مختلف المكونات الأردنية غير الإخوان المسلمين...لا الدولة بمؤسساتها العامة ، ولا الأحزاب السياسية والمؤسسات المدنية الأخرى، توفر فرص الدمج والانصهار، بل أن كثيرا منها، وفي كثير من الأحيان، تعزز الانقسام والاستقطاب وتكرسه وتشجع عليه...حتى مشروع إعادة الخدمة العسكرية الذي قصد به، توفير مساحة على هامش المؤسسات، وليس في قلبها، لتعميق الوحدة وتعزيز النسيج، لم يُقدر له أن يرى النور.
أحد رؤساء الحكومات السابقين، سعى في تقديم إجابة عبقرية لهذه الإشكالية، إشكالية تمثيل الإخوان للأردنيين من أصول فلسطينية، لا إشكالية الفرز والاستقطاب بين المكونات....راح بعيداً في مسعاه لتخليق “نخبة جديدة” تسقط على هذه الشريحة السكانية بالبراشوت، لتحل محل الإخوان ونوابهم، وبالذات في مناطق الكثافة السكانية...لقد تفتقت هذه الذهنية الهجينة عن إجراء أول “زواج عرفي”، وهو عرفي قولاً وفعلاً، بين جهات رسمية ورأس المال وهذه الجهات بتسهيلاتها المتصلة بنقل الأصوات وشرائها، ورأس المال بقدرته السحرية على استغلال عوز المواطنين وجوعهم.، فكانت 2007، أسوأ انتخابات في تاريخ المملكة.
ولكي لا نسيء الظن برأس المال الوطني، وحتى لا نُحسّب على جوقة “الشتّامين” للقطاع الخاص ورأسماله، فإننا هنا نقصد حصراً ذلك الصنف من رأس المال، الذي يعطي أصحابه صفة “محدثي النعمة”...الذين لا مرجعية لهم ولا تاريخ، ولم يسطر في سيرتهم الذاتية، أي نشاط سياسي أو نقابي أو اجتماعي، أو حتى كشفي ؟!.
فشل هذا المسعى، برغم التمهيد الهائل الذي سبقه ورافقه، والذي تضمن من ضمن ما تضمن، وضع اليد على “البنية التحتية، الاقتصادية والاجتماعية” لجماعة الإخوان المسلمين، وذهبت أدراج الرياح مزاعم الفساد فيها، لتبدأ الشكوك (الرسمية والأهلية) تحوّم حول نزاهة وجدارة “المرحلة الانتقالية” في إدارة جمعية المركز الإسلامي....وبدل أن تتبلور نخبة بديلة لنواب الإخوان وزعمائهم، أخذت الشكوك تحوم حول “شرعية” النخب التي أفرزها برلمانٍ تشكل في إثر انتخابات مزوّرة.
والحقيقة أن هذه الشريحة الواسعة من السكان، تجد نفسها موزّعة (ضائعة) بين أنماط مختلفة من “النخب”...رأسمال عرف كيف يدير مصالحه بصفقات من فوق الطاولة وتحتها مع بيروقراطية الدولة، وهو بحكم طبيعته الخاصة، زاهد في التطلع لدور سياسي تمثيلي....ونخب “منبتّة” عن بيئتها، جرت فبركتها على هامش الحكومات، ووفقا لمواصفات ومقاييس “تكنوقراطية” ليس لها صلة أبداً بـ”الصفة التمثيلية” لهؤلاء.....وفئة ثالثة شعبية وتمثيلية، تنضوي تحت رايات الحركة الإسلامية، حزباً وجماعة....أما القوى و”النخب” التي نشأت تاريخياً من رحم فصائل المقاومة باتجاهاتها المختلفة، فإن أدوارها تتراجع حد الانكماش.
ومع تزايد إفقار الشرائح الدنيا من هذه الفئة من السكان كان طبيعياً أن يدخل لاعب جديد على الخط، يمكن أن يكون المنافس الأقوى لنفوذ الإخوان في هذه الأوساط، وأعني به الحركة السلفية التي أخذت تحظى بنفوذ متزايد، ولعل مراجعة خريطة الانتشار السلفي في محافظتي عمان والزرقاء، تعطي فكرة عمّا نريد قوله.
في ضوء ذلك كله، لا يملك نشطاء هذه الأوساط الكثير من الخيارات...وفي غياب الأطر الديمقراطية الناظمة لحراكهم، فإنهم غالباً ما يلجأون إلى الإستنكاف أو “الإخوان”...وفي ضوء هذا الوضع أيضاً، لا يملك المرء سوى التصدي لمحاولات “شيطنة الإخوان المسلمين”، لا لأنهم بوتقة الانصهار المتبقية لكل المكونات الأردنية فحسب، بل ولأنهم أيضاً آخر وأهم قنوات التعبير والتمثيل السياسي لشريحة واسعة من السكان.
إن معالجة هذا “الاستثناء/الاستعصاء” هو جوهر البرنامج الإصلاحي الأردني، بما هو محاولة للإحابة على أسئلة المواطنة، الهوية والاندماج.
أحد رؤساء الحكومات السابقين، سعى في تقديم إجابة عبقرية لهذه الإشكالية، إشكالية تمثيل الإخوان للأردنيين من أصول فلسطينية، لا إشكالية الفرز والاستقطاب بين المكونات....راح بعيداً في مسعاه لتخليق “نخبة جديدة” تسقط على هذه الشريحة السكانية بالبراشوت، لتحل محل الإخوان ونوابهم، وبالذات في مناطق الكثافة السكانية...لقد تفتقت هذه الذهنية الهجينة عن إجراء أول “زواج عرفي”، وهو عرفي قولاً وفعلاً، بين جهات رسمية ورأس المال وهذه الجهات بتسهيلاتها المتصلة بنقل الأصوات وشرائها، ورأس المال بقدرته السحرية على استغلال عوز المواطنين وجوعهم.، فكانت 2007، أسوأ انتخابات في تاريخ المملكة.
ولكي لا نسيء الظن برأس المال الوطني، وحتى لا نُحسّب على جوقة “الشتّامين” للقطاع الخاص ورأسماله، فإننا هنا نقصد حصراً ذلك الصنف من رأس المال، الذي يعطي أصحابه صفة “محدثي النعمة”...الذين لا مرجعية لهم ولا تاريخ، ولم يسطر في سيرتهم الذاتية، أي نشاط سياسي أو نقابي أو اجتماعي، أو حتى كشفي ؟!.
فشل هذا المسعى، برغم التمهيد الهائل الذي سبقه ورافقه، والذي تضمن من ضمن ما تضمن، وضع اليد على “البنية التحتية، الاقتصادية والاجتماعية” لجماعة الإخوان المسلمين، وذهبت أدراج الرياح مزاعم الفساد فيها، لتبدأ الشكوك (الرسمية والأهلية) تحوّم حول نزاهة وجدارة “المرحلة الانتقالية” في إدارة جمعية المركز الإسلامي....وبدل أن تتبلور نخبة بديلة لنواب الإخوان وزعمائهم، أخذت الشكوك تحوم حول “شرعية” النخب التي أفرزها برلمانٍ تشكل في إثر انتخابات مزوّرة.
والحقيقة أن هذه الشريحة الواسعة من السكان، تجد نفسها موزّعة (ضائعة) بين أنماط مختلفة من “النخب”...رأسمال عرف كيف يدير مصالحه بصفقات من فوق الطاولة وتحتها مع بيروقراطية الدولة، وهو بحكم طبيعته الخاصة، زاهد في التطلع لدور سياسي تمثيلي....ونخب “منبتّة” عن بيئتها، جرت فبركتها على هامش الحكومات، ووفقا لمواصفات ومقاييس “تكنوقراطية” ليس لها صلة أبداً بـ”الصفة التمثيلية” لهؤلاء.....وفئة ثالثة شعبية وتمثيلية، تنضوي تحت رايات الحركة الإسلامية، حزباً وجماعة....أما القوى و”النخب” التي نشأت تاريخياً من رحم فصائل المقاومة باتجاهاتها المختلفة، فإن أدوارها تتراجع حد الانكماش.
ومع تزايد إفقار الشرائح الدنيا من هذه الفئة من السكان كان طبيعياً أن يدخل لاعب جديد على الخط، يمكن أن يكون المنافس الأقوى لنفوذ الإخوان في هذه الأوساط، وأعني به الحركة السلفية التي أخذت تحظى بنفوذ متزايد، ولعل مراجعة خريطة الانتشار السلفي في محافظتي عمان والزرقاء، تعطي فكرة عمّا نريد قوله.
في ضوء ذلك كله، لا يملك نشطاء هذه الأوساط الكثير من الخيارات...وفي غياب الأطر الديمقراطية الناظمة لحراكهم، فإنهم غالباً ما يلجأون إلى الإستنكاف أو “الإخوان”...وفي ضوء هذا الوضع أيضاً، لا يملك المرء سوى التصدي لمحاولات “شيطنة الإخوان المسلمين”، لا لأنهم بوتقة الانصهار المتبقية لكل المكونات الأردنية فحسب، بل ولأنهم أيضاً آخر وأهم قنوات التعبير والتمثيل السياسي لشريحة واسعة من السكان.
إن معالجة هذا “الاستثناء/الاستعصاء” هو جوهر البرنامج الإصلاحي الأردني، بما هو محاولة للإحابة على أسئلة المواطنة، الهوية والاندماج.