بانتظار مشروع إعادة هيكلة وزارة الصحة، الذي وعد وزيرها بأن يكون قريبا، تواصل الجدل حول هذا الملف من الداخل. فبينما أدلى متابعون بدلوهم في تلك التفاصيل، ردّ اركان القطاع بإلقاء الضوء على الكثير من النقاط الرمادية، التي يصنفونها كثغرات تشتت الجهود، وتقلل من حجم النفع الصحي العام في حالات عديدة، وتسهم في إلحاق الضرر بمراجعين على شكل أخطاء طبية غير مبررة.
اللافت في الحالة الجدلية التي تعددت أطرافها، تأكيد وزير الصحة على كمّ من المعطيات أبرزها عدم وجود مشكلة مادية أو مشكلة كوادر بشرية في وزارة الصحة. واصفا الإشكالية بأنها إدارية، وتتعلق بعملية توزيع تلك الكوادر.
وبحسب ما خلصت إليه تأكيدات المسؤول الأول عن الملف، ستقوم عملية إعادة الهيكلة المنتظرة، والتي سيتم الإعلان عنها قريبا، على مبدأ تفعيل الكوادر الطبية وتعظيم الاستفادة منها وفقا للحاجة وبحيث يعاد توزيعها من جديد.
هذه التصريحات التي أطلقها الوزير تتقاطع في بعض عناصرها مع مضامين الاستقالة التي قدمها مدير مستشفيات البشير الدكتور عبدالمانع السليمات، ومع تصريحات لمسؤولين دخلوا ساحة التنقلات الأخيرة التي حركتها الاستقالة. كما تتقاطع مع قناعات مراجعين أعادوا التذكير بمعاناتهم مع مستشفيات الوزارة وبخاصة البشير.
لكنها تلتقي ضمنا عند الإشكالية الإدارية، وتحديدا فوضى المرجعيات في ذلك المستشفى، وما ينتج عنها من تدن في مستوى التنسيق بين المستشفيات، وانعكاس ذلك على توظيف الإمكانيات وتحريكها في الاتجاه المناسب عند الحاجة.
والسبب في ذلك عدم وجود نظام يحكم العمل وينظم العلاقة ويحدد المرجعيات، ويفعل موقع الإدارة العامة بدلا من ارتباط كل مستشفى بالوزارة مباشرة.
الحالة الجدلية المستمرة حتى الآن، لا تتوقف عند حدود تلك الثغرة المفترضة، بل تتعداها إلى مجالات أخرى، أبرزها النقص الواضح في الكوادر الطبية، وتحديدا في بعض الاختصاصات.
ومنها ما أسر به بعض المتابعين بشأن وجود جراح واحد للقلب، وجراح واحد لكل من الأعصاب، والأورام، وأخصائي أمراض الدم، وأخصائي قلب الأطفال، في وزارة الصحة ككل.
وما كشفت عنه مصادر مستشفى البشير من أن قسم الخداج يعاني من نقص فاضح في عدد الممرضات. فهناك ممرضة لكل 17 طفل خداج، مع أن النسبة العالمية تصل في حدها الأعلى ألى ممرضة لكل ثلاثة أطفال.
أما في المجال المادي، فيستذكر المشاركون في تلك الجدلية ما يحدث كل عام من إشكالية توقف مستودعات الأدوية عن تزويد الوزارة باحتياجاتها بسبب عدم تسديد مستحقاتها. وشكوى المستشفيات الجامعية، والخاصة، من عدم تسديد فواتير المعالجة للمنتفعين من التأمين الصحي.
وبين هذه وتلك، ثمة من يذكّر بأن الوزارة توسعت في مجال المعالجة، سواء للاجئين الذين وصل عددهم إلى ملايين الأشخاص، أو بضم فئات جديدة للانتفاع بالتأمين الصحي، دون أن ترفد المستشفيات والمراكز بما يوازي تلك الزيادة من متطلبات تتعلق بالكوادر البشرية أو الأسرة أو مستلزمات البنية التحتية.
كل ذلك يعزز القناعة بأن إعادة الهيكلة تتطلب معالجات جذرية، تمتد إلى كل المجالات، ولا تتوقف عند إعادة تدوير الكوادر البشرية.