في نهاية المطاف غابتنا تغطي قرية مهدمة ، كتب أ.ب يهوشع في كتابه بعنوان أمام الغابات . الحرائق الشديدة التي امتدت، الأسبوع الماضي، إلى غابات جبال القدس، كشفت البنية التحتية للمشهد الطبيعي الذي يختفي وراء الأشجار؛ فقد ظهرت المدرجات الجبلية بكامل رونقها، وكشفت المزيد من توثيق التاريخ الذي حاولت دولة إسرائيل منذ إقامتها طمسه ومحوه وإخفاءه. هذه هي ذكريات الفلسطينيين في هذه الأرض
في جولاتي بالضفة الغربية والأراضي المحتلة، وكلما مررت قرب مناطق واسعة للأراضي الزراعية الفلسطينية، كنت أتأثر دائماً من رؤية سلسلة طويلة من المدرجات الجبلية أو ما يسمونه بالعربية بـ مسطبات أو مدرجات . وكنت أتأثر من عظمتها ومن دقة عملها، التي تشهد على العلاقة بين الفلاح الفلسطيني وأرضه. وكنت أتساءل بيني وبين نفسي سر اختفاء هذه الظاهرة في جبال الجليل. عندما كبرت، تعلمت القليل في المدرسة عن تاريخ دولة إسرائيل. لم أتعلم بأن إسرائيل هي التي محت الزراعة الفلسطينية في الجليل، وأن الكيرن كييمت دفنتها نهائياً، بل تعلمت أن اليهود أحضروا معهم الأشجار وزرعوها في أرض إسرائيل
عرفت الحركة الصهيونية أن احتلال الأرض وطرد سكانها لا يكفي في المعركة الدائرة على هذه البلاد ، بل يجب أيضاً امتلاك قصة وروح ورواية، شيء يتساوق مع شعب بدون أرض لأرض بدون شعب . لذلك، بعد احتلال الأرض والتهجير، كان من المطلوب هدم أي ذكريات للناس الذين عاشوا هنا ولم يعودوا هنا. شمل هذا الأشجار التي نمت بدون تدخل يد الإنسان، وأيضاً التي زرعها الفلاحون الذين يعرفون هذه الأرض مثلما يعرفون أولادهم، ومثل المسطبات التي أقاموها على الجبال
هكذا تخيل البيض والأجانب -الذين لم يكونوا فلاحين يوماً ما، ولم يفلحوا الأرض لكسب الرزق- مشروع التحريج الوطني على أنقاض هذه القرى العربية، التي قرر بن غوريون تدميرها مثل معلول وسحماتا. تضمن مشروع التحريج هذا جلب أشجار الصنوبر والسرو التي كانت غريبة على هذه الأرض وتنتمي لمناطق باردة، حتى يشعر السكان الجدد هنا بأنهم في بيوتهم، وكي لا يشعروا أنهم في بيوت الآخرين
إن زراعة أشجار السرو والصنوبر القابلة للاشتعال والتي لا تناسب المناخ في بلادنا، ليست فقط عملية محو قومي لأبناء البلاد الأصليين الفلسطينيي، بل هي أيضاً سيادة وغطرسة، وهذه صفات ميزت الحركات الاستعمارية في أرجاء العالم. وكل ذلك لأنهم لم يعرفوا جوهر الدول أو طبيعة الدول التي احتلوها
العفو، لكن لا تكفي العلاقة التاريخية التوراتية. على مدى تاريخ الكولونيالية في العالم لم ينجح المستوطنون الجدد، سواء الذين ذهبوا أو الذين وجدوا لفترة طويلة، في فرض هويتهم المستوردة على المكان الجديد، وأن يمحوا هوية السكان الأصليين في المكان محواً تاماً، وهو أمر ظهر بعد حرائق الغابات في القدس، عندما التهمتها النار، فانجلت عن حقيقة واحدة وصغيرة، التي عملوا بشكل كبير على إخفائها
بقلم: حنين مجادلة
هآرتس 19/8/2021
في جولاتي بالضفة الغربية والأراضي المحتلة، وكلما مررت قرب مناطق واسعة للأراضي الزراعية الفلسطينية، كنت أتأثر دائماً من رؤية سلسلة طويلة من المدرجات الجبلية أو ما يسمونه بالعربية بـ مسطبات أو مدرجات . وكنت أتأثر من عظمتها ومن دقة عملها، التي تشهد على العلاقة بين الفلاح الفلسطيني وأرضه. وكنت أتساءل بيني وبين نفسي سر اختفاء هذه الظاهرة في جبال الجليل. عندما كبرت، تعلمت القليل في المدرسة عن تاريخ دولة إسرائيل. لم أتعلم بأن إسرائيل هي التي محت الزراعة الفلسطينية في الجليل، وأن الكيرن كييمت دفنتها نهائياً، بل تعلمت أن اليهود أحضروا معهم الأشجار وزرعوها في أرض إسرائيل
عرفت الحركة الصهيونية أن احتلال الأرض وطرد سكانها لا يكفي في المعركة الدائرة على هذه البلاد ، بل يجب أيضاً امتلاك قصة وروح ورواية، شيء يتساوق مع شعب بدون أرض لأرض بدون شعب . لذلك، بعد احتلال الأرض والتهجير، كان من المطلوب هدم أي ذكريات للناس الذين عاشوا هنا ولم يعودوا هنا. شمل هذا الأشجار التي نمت بدون تدخل يد الإنسان، وأيضاً التي زرعها الفلاحون الذين يعرفون هذه الأرض مثلما يعرفون أولادهم، ومثل المسطبات التي أقاموها على الجبال
هكذا تخيل البيض والأجانب -الذين لم يكونوا فلاحين يوماً ما، ولم يفلحوا الأرض لكسب الرزق- مشروع التحريج الوطني على أنقاض هذه القرى العربية، التي قرر بن غوريون تدميرها مثل معلول وسحماتا. تضمن مشروع التحريج هذا جلب أشجار الصنوبر والسرو التي كانت غريبة على هذه الأرض وتنتمي لمناطق باردة، حتى يشعر السكان الجدد هنا بأنهم في بيوتهم، وكي لا يشعروا أنهم في بيوت الآخرين
إن زراعة أشجار السرو والصنوبر القابلة للاشتعال والتي لا تناسب المناخ في بلادنا، ليست فقط عملية محو قومي لأبناء البلاد الأصليين الفلسطينيي، بل هي أيضاً سيادة وغطرسة، وهذه صفات ميزت الحركات الاستعمارية في أرجاء العالم. وكل ذلك لأنهم لم يعرفوا جوهر الدول أو طبيعة الدول التي احتلوها
العفو، لكن لا تكفي العلاقة التاريخية التوراتية. على مدى تاريخ الكولونيالية في العالم لم ينجح المستوطنون الجدد، سواء الذين ذهبوا أو الذين وجدوا لفترة طويلة، في فرض هويتهم المستوردة على المكان الجديد، وأن يمحوا هوية السكان الأصليين في المكان محواً تاماً، وهو أمر ظهر بعد حرائق الغابات في القدس، عندما التهمتها النار، فانجلت عن حقيقة واحدة وصغيرة، التي عملوا بشكل كبير على إخفائها
بقلم: حنين مجادلة
هآرتس 19/8/2021