(هوامش ف. س. نايبول)

(هوامش ف. س. نايبول)
أخبار البلد -  

في عمل نقدي بانورامي، صدر بالإنكليزية مؤخراً عن منشورات جامعة كولومبيا الأمريكية بعنوان «رحلات ف. س. نايبول: من الهامش إلى المركز»، ينطلق الأكاديمي السنغافوري سانجاي كريشنان من افتراض غير مألوف؛ لا يخلو، مع ذلك، من وجاهة مبررة عمادها الشخصية الهوجاء، المتفردة في اعتبارات عديدة، للروائي الترينيدادي نايبول (1932 2018): «حقيقة أنّ نايبول ليس على قيد الحياة اليوم تجعل مهمة الكتابة عنه مختلفة، إذا لم تكن أسهل بالضرورة»! السبب الأوّل وراء هذا أنّ الرجل كان دائم الانخراط في مشاحنات شرسة، مع النقاد الخصوم بصفة خاصة، مما جعل تناوله ككاتب مستحيل الانفصال عن مساجلته كشخصية إشكالية من زوايا سياسية وثقافية وأخلاقية

وليس هنا مقام مناقشة أفكار كريشنان، الذي الذي يميل إلى وضع كتابات نايبول في سياق بداياته ككاتب وُلد في الهامش الاستعماري وتكوّن بتأثير منه، وليس في سياق السجالات الإيديولوجية لنهاية القرن العشرين؛ كما يركز على الكيفية التي أتاحت تشكيل أساس مشروعه الفني المعقد تاريخياً، بتأثير ضاغط ومباشر من هوسه بماضيه ومصادره الفكرية والثقافية الضئيلة. كذلك يشدد كريشنان على تفاصيل نوعية في سيرة نايبول الشخصية، كانت بمثابة محددات هيمنت على كامل مواقفه المعادية للثقافة الوطنية، والإسلام، وحركات التحرر من الاستعمار؛ وكانت، أيضاً، أشبه بألغام زرعها بنفسه على دروب ترحاله بين الشعوب والثقافات والأفكار

لم يكن مستغرباً أنّ بعض ناقدي نايبول اختاروا له مهناً أخرى، كما فعل إقبال أحمد الذي علّق على كتاب نايبول الثاني «ما بعد الإيمان»، 1998، قائلاً: «هذه ليست كتابة. خير له أن يبيع النقانق»!

لكنّ كتاب كريشنان مناسبة سانحة لاستعادة اثنين من أبرز ناقدي نايبول، بصدد تحيّزه العصابيّ ضدّ ثقافات العالم غير الغربي بصفة خاصة؛ هما الناقد والمفكر الفلسطيني إدوارد سعيد، والشاعر الكاريبي ديريك ولكوت. وكان الأخير، حامل نوبل الأدب للعام 1992، أي قبل حصول نايبول عليها في سنة 2001، قد أطلق عبارة ثاقبة لا تتقادم مع الزمن، لأنها تظلّ ذات دلالة راهنة: «لو كان موقف نايبول من الزنوج، بكلّ ما ينطوي عليه من مفردات السخرية القذرة، منصبّاً على اليهود مثلاً، فكم من الناس كانوا سيمتدحون صراحته»؟ هذا عن الزنوج فقط، فكيف إذا كانت سخرية نايبول تشمل أبناء جلدته أيضاً، وأبناء المستعمرات السابقة، والآسيويين إجمالاً، وتسعة أعشار المسلمين أينما كانوا وأيّاً كان لون بشرتهم؟

عبارة ولكوت تذكّر، أيضاً، بالهوّة الشاسعة التي تفصل الموقف النقدي من أعمال نايبول، بين عالمَين: مديح واسع النطاق تغدقه عليه الأوساط الغربية (البريطانية والأمريكية بصفة خاصة)، فتضعه في مصافّ كبار كتّاب عصرنا؛ وهجاء شديد يتردد في القارّات الثلاث (آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية)، ويبلغ حدّ اتهام نايبول بانفصام الهوية وكراهية الذات والنفاق والتزلّف. وهكذا رأى سعيد أنّ كراهية نايبول للإسلام «دفعته إلى الكفّ حتى عن التفكير، بمعنى ما، فأصبح عوضاً عن ذلك حالة انتحار ذهني تجبره على تكرار الصيغة ذاتها مرّة بعد أخرى، وهذا ما أسمّيه مصيبة فكرية من الدرجة الأولى». وعن عمل نايبول الشهير «في أوساط المؤمنين: رحلة إسلامية»، 1981، أوضح سعيد أنّ هذا الرحالة يأتي إلى بلدان الشرق محمّلاً بانحيازين مسبقَيْن: الأوّل ضدّ ثقافة أهل البلد، والثاني ضدّ تحرّر البلد ذاته من الاستعمار الغربي!

والحال أنّ نايبول نال جائزة نوبل بوصفه روائياً في الأساس، وليس كاتب رحلات أو خبيراً في الإسلام الآسيوي مثلاً؛ والأكاديمية السويدية أشارت إلى هذا في الحيثيات: «نايبول وريث كونراد بوصفه راوي أقدار الإمبراطوريات بالمعنى الأخلاقي: ما تفعله بالكائن البشري. وسلطته الأدبية كسارد تتأسس على ذاكرته التي تستعيد ما نسيه الآخرون، أي تاريخ المقهور». لكنّ الرجل كان، ليس في عام الفوز بالجائزة بل قبله بأكثر من عقد كامل، قد أعلن طلاقاً بائناً مع الرواية، بل انخرط في ذمّ الروايات والسخرية من الروائيين! وكان قد نظّر طويلاً لمقولته، التي ستصبح شهيرة لأسباب ذات صلة بالإثارة الصحفية ليس أكثر، التي نعى فيها الرواية كجنس أدبي؛ معتبراً أنها ماتت منذ انبلاج فجر القرن العشرين، أو أنها لم تكن على قيد الحياة فعلياً إلا في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. وضمن ذلك التبشير قرأنا له سلسلة آراء، متهافتة واستعراضية وخفيفة، في هجاء كبار روائيي القرن المنصرم، أمثال إ. م. فورستر وجيمس جويس

ولقد أقرّ بأنه لجأ إلى الشكل غير القصصي في محاولة لعلاج ما اعتبره مرض الرواية وقِصَر نظرها في العصر الحاضر: «الرواية كشكل لم تعد تنطوي على الإقناع»، كتب يقول؛ مضيفاً أنه وجد نفسه «عاجزاً عن حيازة صفة الروائي بالمعنى القديم. لقد أدركت أنّ استجابتي للعالم يمكن التعبير عنها في الكتابة غير القصصية وفي الصحافة، بشكلّ لا يقلّ خيالاً. وإنني أحمل عملي الصحفي على محمل الجدّ التامّ، لأنني أعتقد أنه استجابة مناسبة لعالمي. إنه شيء لا يمكن هديه إلى القصة». وبالفعل، ففي السنوات اللاحقة شهد نتاج نايبول الكثير من أدب الرحلات والريبورتاج الصحفي، والقليل فقط من الأعمال الروائية

ولم يكن مستغرباً أنّ بعض ناقدي نايبول اختاروا له مهناً أخرى، كما فعل إقبال أحمد، المثقف الهندي الراحل وأحد أبرز أصوات اليسار في الثمانينيات؛ الذي علّق على كتاب نايبول الثاني، «ما بعد الإيمان»، 1998، قائلاً: «هذه ليست كتابة. خير له أن يبيع النقانق»!

 
شريط الأخبار المقاومة الإسلامية في العراق تهاجم هدفاً في غور الأردن "الاقتصادي والاجتماعي": موازنة 2025 تتصدر التحديات الاقتصادية لحكومة حسّان "الوطني للمناهج": لا نتعرض لأي ضغوط خارجية أو إملاءات لإدراج أو حذف أي موضوع في مناهجنا الإفراج عن الأسيرين الأردنيين النعيمات والعودات حملة لإنفاذ سيادة القانون في البترا المعايطة يوعز بالتحقيق في الفيديو المتداول لتجاوزات أثناء إلقاء القبض على أحد الاشخاص نائب الملك يشدد على ضرورة الارتقاء بنوعية التعليم العالي ارتفاع سعر البنزين أوكتان (90) بنسبة 4% عالميا "اعتماد التعليم": لن يكون هناك برامج راكدة بالجامعات خلال 2-3 سنوات صالح العرموطي رئيسا لكتلة نواب "العمل الإسلامي" الأمن العام يوضح تفاصيل التعامل مع التجمع الاحتجاجي في البترا مكاتب استقدام الخادمات.. الوزير خالد البكار والخيارات المفتوحة في الامتحان الأول الأردن يعـزي إيـران بضحايا حادث انفجار منجم للفحم في إقليم خراسان من هو (فادي) الذي حملت صواريخ حزب الله اسمه؟ الحبس ل 4 أشخاص في الكرك خططوا لقتل مسؤولين مكافحة المخدرات تلقي القبض على 19 تاجراً ومروجاً للمخدرات اللواء الركن الحنيطي: القوات المسلحة مستعدة لتنفيذ أي مهمة دفاعية لحماية حدود المملكة الأوراق المالية توافق على طلب تسجيل رفع رأس المال لـ شركة "المتحدة للتأمين" إصدار 326 ألف شهادة عدم محكومية إلكترونيا منذ بداية العام الحالي إلغاء الإجتماع غير العادي لشركة الأردن الدولية للتأمين