اخبار البلد ـ لا ادري إذا ما كانت العبارة المألوفة التي يستخدمها بعض مقدمي البرامج التلفزيونية «فاصل..ونواصل» تنطبق علينا في هذه الأيام، لكنني - من باب حسن النية - افترض بان مرحلة ما قبل الاستحقاقات الدستورية التي اقترب موعدها ستمنحنا فرصة ثمينة للتأمل والمراجعة «هل المحاسبة واردة هنا؟»، وربما تشحننا بطاقة جديدة للحركة نحو الأمام.
الحكومة - بعد الخلوة - مشغولة بالتفكير في ترتيب أولوياتها: خطة جديدة للتعافي من كورونا، محاولات خجولة لدمج بعض الهيئات، حزم اقتصادية تساعد بعض القطاعات على تجاوز أزمتها..
أكثر من فاصل إذا لكي نواصل، لكن المهم هو إقناع المشاهدين بعدم استعمال «الريموت» لتغيير القناة: ثمة أخبار سارّة ومدهشة، مفاجآت تستحق الانتظار، معلومات مفيدة صالحة للاستعمال، ورجاء دافئ من المذيع: ابقوا معنا...!
ماذا يريد الناس في المرحلة القادمة؟ هذا سؤال يفترض أن تبادر الحكومة إلى طرحه بسرعة لتضع على أساسه جدول توجهاتها وإجراءاتها القادمة ؟ الحكومة ربما تعرف الإجابة سلفا، لكن ما لا تعرفه أن آمال الناس وطموحاتهم ذهبت بعيدا، فالعام القادم هو عام ما بعد كورونا، هنا يجب أن ننتبه لأهمية «الفاصل» لكي نضمن أن نواصل: فيما يتعلق بالبرامج المسألة لا تتوقف عند الإعداد الجيد والمضامين المفيدة والضيوف المشاركين إذ لا بد من توافر عناصر أخرى للنجاح: إضاءة مناسبة، مهندس صوت مبدع، مخرج خبير ومقدم لبق وخفيف الظل، ومثل ذلك ينطبق على البرامج الكبرى«المشاريع: إن شئت» : هل نتوقع - إذا - أن تحظى هذه الثانية بنسبة عالية من المشاركين والمشاهدين والمعجبين؟ على الرغم أن أكثر من نصف الأردنيين - وأنا من بينهم - لا يعرفون كيف سيكون حالهم في الأيام القادمة،أقول: ربما، فانتماء الناس لبلدهم ما زال بخير..وهم على استعداد أن يقدموا ويضحوا من اجله بكل شيء.. المهم أن لا يصطدموا بخيبة جديدة.
فاصل قد يبدو طويلا، لكنه قياسا بحجم القضايا والأعباء التي تراكمت قصير جدا، ما العمل إذا؟ هل المطلوب انتخابات نزيهة وعادلة تعيد الاعتبار لقيمة أصوات الناس وخياراتهم، إصلاح سياسي يأخذنا إلى طريق السلامة ؟ هل يحتاج الناس إلى مضادات سياسية أولا لتقوية مناعتهم ضد الكسل والإحباط، إلى مفاجآت تخرجهم من صمتهم ومن «وأنا مالي..؟ « التي تغلغلت داخلهم، إلى «فيتامينات» لتنشيط ذاكرتهم نحو الأمام؟
فاصل، لكن ألا يستحق منا أن نعمل 24 ساعة لكي لا تتكرر الأخطاء، لكي يطمئن الناس على مستقبلهم، لكي تتجدد الدماء في شرايين مؤسساتنا، لكي لا نبقى أسرى للشعارات والمخاوف والإشاعات، لكي نخرج من زحمة المشاريع وأوهام التصنيفات ومواسم «الخماسين» الغريبة؟
لدينا ما يكفي من الوقت لنواصل، المهم أن نستعيد «قوانا» التي هربت من السياسة، أن نستوعب طاقاتنا التي عزفت عن المشاركة، أن نشيع الأمل لدى شبابنا الذين تعطلت مجاديفهم في لجة الفراغ، أن نحسم أسئلة الناس المعلقة بإجابات مقنعة وصحيحة، أن نحرص على بقاء «عيون» الأغلبية الصامتة مفتوحة على « التغيير « نحو الأفضل فيه، أن نحرر واقعنا من الاحساك والأشواك التي تعيقه وتثبط عزائمنا تجاه إصلاحه.
إذا، فاصل، ونواصل: ابقوا معنا...