كوفيد19 دخل التاريخ من أوسع أبوابه كقوة خارقه تعمل بصمت وتضرب بقوه، وتزلزل أعتى أنظمة الصحة في العالم، واستطاع فرض إيقاع حياه يوميه غير معتادة على بني البشر. عادات معتادة تلاشت، وأنماط غريبه وهجينه سادت، عدالة متناهيه في الاجتياح، وتحذير وإنذار قبل الهجوم. على الجميع التغيير ما قبل كورونا ليس كما بعده على عكس 11 سبتمبر حيث كانت سياسة الولايات المتحدة الأمريكية انتقائية في الانتقام وما زال وطننا العربي يدفع الثمن.
على الصعيد الدولي لم ينجو بلد من تداعيات الجائحة مع الاختلاف في حجم الأضرار الصحية والاقتصادية والاجتماعية، وما زال الوباء ينتشر والمعاناة تزداد واغلب الدول تبحث عن التعايش ومعالجة التداعيات أولا بأول لا تشغل نفسها بإحصاء الخسائر وجني الأرباح. الهم يتركز على عبور المرحلة مهما بلغت الكلف، ومما يزيد الأمر تعقيداً وحتى أعداد هذا البيان أن إعلان النصر على الوباء بإنتاج لقاح أو إيجاد علاج ما زال بعيد المنال بحساب الزمن الكوروني. فعامل الوقت لا يهم وأداة القياس أصبحت حجم الإصابات وعدد الوفيات ومقدار حالات الشفاء. والخوف من موجات متلاحقة هو الهاجس الغالب مما يترتب عليه زيادة في الاحتياطات والاشتراطات الصحية الوقائية قبل اتخاذ أي أجراء لعودة الحياة لطبيعتها والحذر كل الحذر من أي انتكاسه، ومن المؤكد أن أي أجراء صحي وقائي يحظى بقبول الجميع.
في ارددننا الأعز والأغلى المغالاة الحكومية في الإجراءات الصحية المتخذة لها ما يبررها، حيث استطعنا بتظافر الجهود الرسمية والأهلية من استيعاب الصدمة الأولى بكل جداره واقتدار واحترافيه مع الاعتراف الواضح والصريح بالخسائر المادية الكبيرة التي تكبدها الجميع بلا استثناء. وتبقى هذه الخسائر صغيره مقابل الحفاظ على حياة المواطنين ،وعامل الحسم في قبول هذه المعادلة موجود في كينونة الأردني المشبعة أيماناً والمتوارثة شعبياً والمتمثلة بتغليب الحياة على المادة.
لا يخفى على احد أن من اهم الإجراءات الحكومية التي ساهمت في السيطرة الأردنية على تغلغل الفايروس في المجتمع الأردني بكافة فئاته، ومنعه من دخول المملكة بموجات متلاحقة .هي ضبط المنافذ الحدودية البريه والبحرية والجوية وإغلاقها بالكامل منذ منتصف أذار المنصرم .وما الحديث عن معاودة فتح بعض هذه المنافذ وخصوصا ً الجوية على اعتبار أن الأردن بيئة امنه اذا لم يقترن بضوابط مشدده ما هو إلا عوده للمربع الأول وينذر بخطورة كبيره وينسف جميع الجهود السابقة .حيث أن موجه جديده من الوباء لا قدر الله قد لا يقوى عليها جهازنا الصحي الصامد والمتعب منذ عدة اشهر والذي استطاع وقف زحف الفايروس بكل حكمه وحنكه .
لا يختلف اثنان على نجاعة الإجراءات الاستباقية والاحترازية التي اتخذتها الدولة بجميع أجهزتها، والخطط الصارمة التي وضعت لتطبيقها، والتي تستند على ثلاث محاور رئيسيه كما أعلنها وزير الدولة لشؤون الأعلام. وهي الاستجابة السريعة، والتكيف والحماية، والتعافي وتعزيز المنعة، وما توجه الحكومة بالإعلان عن السماح بالسياحة الطبية وهي بالتأكيد امنه من حيث مسار القادم للعلاج وسهولة ضبط إيقاع حركته على عكس السياحة الترفيهية والدينية والتاريخية والتراثية وغيرها. إلا دليل على التوجه الرشيد في سياسة الفتح والأغلاق لضرورات المرحلة لخلق مناخ ملائم يخفف من الأعباء الاقتصادية على القطاعات التجارية وخصوصاً القطاعان السياحي والطبي.
وفي خضم نشوة تباهي المنظومة الرسمية والشعبية بالسيطرة على الفايروس محلياً الى حد بعيد، وهذا بالفعل حقيقة يتمنى كل مواطن أردني أن يبقى الحذر ملازماً لاي قرار حكومي مستقبلي. فما كسبناه من جرعة الثقة بالنفس غير مستعدين لخسارتها.
حمى الله الأردن واحة امن واستقرار