عملية خداع وتضليل إعلامي إسرائيلي تسبق عملية قرار الضم، فقد زعمت صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية والمقربة من نتنياهو بان زعماء عرب ابلغوا الرئيس عباس بأن مخطط الضم سيتم تطبيقه بالضفة الغربية، على مراحل وبشكل تدريجي. وقالت صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية التي تمثل رأس الحربة في الدعاية وقد زعمت بأن رؤساء عرب أكدوا لرئيس « السلطة أبو مازن»، أن إسرائيل تنوي تنفيذ مخطط الضم، على مراحل، وبشكل تدريجي ومقلص.
على هذه الخلفية، تعرض إسرائيل خططها المختلفة تباعاً عبر تسريبات في الإعلام العبري والغربي، لاستدراج ردود الفعل، على أن تلجأ إلى الأنسب والأقل ثمناً، تمهيداً لاستكمال الضم لاحقاً إن جاءت أقل مما تسعى إليه الخطة، وهو ثلث أراضي الضفة، من دون أي ثمن مقابل للجانب الفلسطيني. هذا التوجه يفسر الحديث الأول عن ضم الأراضي دفعة واحدة في الأول من الشهر المقبل، ثم الحديث عن التأجيل أسابيع، وبعدها عن ضم متدرج للكتل الكبرى تعقبها بقية المستوطنات، ليعاد الحديث من جديد عن ضم كامل كما هو التخطيط الابتدائي. فبعد حديث الضم التدريجي أول من أمس، عادت مصادر «رفيعة» ومعنية بملف الضم، كما وصفتها صحيفة «معاريف»، وأكدت أنه «لا صحة ولا معقولية» لما يرد من تقارير عن ضم متدرج، بل إن «إسرائيل لا تعمل على بسط سيادتها على جزء من المستوطنات دون غيرها، أو المضي قدماً في تنفيذ الخطة على مراحل»، نافية التقارير العبرية عن ضم مرحلي لمستوطنات الكتل الكبيرة الثلاث: «معالي أدوميم» و«غوش عتسيون» و«أريئيل».هذا التناقض العلني والمسرب يؤكد التجاذب في رؤية التداعيات وتقديرها، إضافة إلى «جس نبض» الآخرين والعمل لاحقاً على تليين مواقفهم، الأمر الذي ينسحب على الجانب الأميركي، إذ لا يقل ممثلوه انشغالاً في خطة الضم عن الإسرائيليين أنفسهم
في هذا السياق، قالت وزيرة المستوطنات، تسيبي حوتوفلي، وهي عضو لجنة رسم الخرائط مع الجانب الأميركي، إن «جميع الخرائط المنشورة (عن خطة ضم مرحلية) غير ذات صلة بالواقع». ونقلت «إذاعة الجيش» عنها أن «التمييز بين الكتل الاستيطانية الرئيسية والمستوطنات الأخرى هو ما لا يمكن السماح بتمريره أبداً». كذلك، أكد وزير الاستخبارات، إيلي كوهين، أن فرض «السيادة» على الضفة «يصب في مصلحة إسرائيل»، مستبعداً إقامة دولة فلسطينية وجيش آخر بين نهر الأردن والبحر. وقال كوهين في حديث إذاعي، إن «الفرصة مؤاتية لتطبيق خطة الضم من الآن حتى الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة»، متهماً حزب «أزرق أبيض» بأنه «يتجاهل الواقع لاعتقاده بضرورة تحصيل موافقة دولية على خطة الضم قبل تنفيذها»، في حين أن دولاً كثيرة في العالم رفضت فرض السيادة على الجولان وكذلك نقل السفارة الأميركية إلى القدس. أيضاً تطرقت حوتوفلي إلى التجاذبات في المواقف وأقرت بها، قائلة: «لا توجد خريطة متفق عليها (للضم)، لكن لدينا عدد من الخطوط العريضة». وأضافت: «هناك مدرستان فكريتان في الجانب الأميركي أيضاً»، في إشارة واضحة إلى السفير الأميركي لدى تل أبيب، ديفيد فريدمان، الذي يؤيد توسيع الضم إلى أقصى حد ممكن، مقابل مستشار ترامب، جاريد كوشنير، الذي يؤيد تقليص الضم ما أمكن في هذه المرحلة، مع التشديد على موافقة غانتس وفريقه على أي خطة، بمعنى حدوث شبه إجماع إسرائيلي عليها، لتفادي أي تداعيات سلبية على حملة ترامب الانتخابية. ووفق ذلك مطلوب من أمين عام الجامعة العربية الدعوة لاجتماع عربي طارئ على مستوى وزراء الخارجية العرب وعلى جدول أعماله عملية الضم والتداعيات التي سيعكسها على أمن المنطقة وتدمير رؤية الدولتين وتصدير موقف عربي رسمي يبدد عملية التضليل والخداع الذي يمارسه الإعلام الإسرائيلي ويؤكد الثبات على المواقف العربية الداعمة للحقوق الوطنية الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وان يتضمن الموقف العربي الإجراءات التي ستتخذها الدول العربية بحق إسرائيل في حال أقدمت على عملية الضم مع اتخاذ التدابير والتحركات على المستوى الاقليمي والدولي لضرورة الزام حكومة الاحتلال للانصياع لقرارات الشرعية الدولية وتطبيق قرارات مجلس الامن 2334 و242 و338 .