(متغير كورونا في السياسة الدولية)

(متغير كورونا في السياسة الدولية)
أخبار البلد -  

في الوقت الذي يعكف فيه الأطباء وعلماء الأحياء على إيجاد علاج مناسب لكارثة «كوفيد 19» التي اجتاحت العالم، تحت مسمى فيروس كورونا، يعكف علماء السياسة والاقتصاد من جانبهم على محاولة قراءة مستقبل العالم في مرحلة ما بعد التعافي

الأمر الأكيد، الذي لا يحتاج لخبرة عميقة، ولا لبحوث مطولة، أن أثر هذه الجائحة سيكون سلبياً سياسياً واقتصادياً على عموم الكوكب، لكن هل ستؤدي هذه التداعيات، فيما لو استمر الإغلاق والكساد لبضعة أشهر أخرى، إلى تفكك الولايات المتحدة، وانهيار الاتحاد الأوروبي، وإعادة توزيع أوراق العالم السياسية والاقتصادية؟ أم أن هذه الآراء الشائعة هي مجرد تهويل، وأن جميع النتائج ستكون بشكل ما، تحت السيطرة؟

حتى الآن نُشرت بعض المقالات المهمة التي حاولت قراءة ذلك المستقبل، ويتوقع أن تشهد فترة ما بعد العزلة الإجبارية العالمية الحالية انفجارا في البحوث والدراسات ذات الصلة

لكن قبل أن نحاول قراءة المستقبل، وهو عمل مهم، ولابد منه حتى لا نقع في شراك المفاجأة، فإنه يجب قراءة الحاضر، والطريقة التي بدأ كورونا في صياغة العلاقات بين الدول على أساسها، مشكلاً متغيراً جديداً وغير معتاد. على سبيل المثال لم يستقبل خبر انتشار الفيروس في الداخل الإسرائيلي كحدث إيجابي، بالنسبة لدول الجوار العربي، إلا طبعاً من قبل بعض العامة الذين كانوا ينظرون للأمر بسطحية، لكن الغالبية، ومهما كانت كراهيتهم للاحتلال وللمستوطنين اللذين انتزعا بيوتاً وأراضي ومزارع من أهلها، كانوا يرون أن هذا ليس الوقت، ولا الأمر المناسب لإظهار الشماتة. كذلك كان الحال بالنسبة لإيران وجيرانها، فرغم العلاقة المتوترة مع أغلب أولئك الجيران، إلا أن خروج الأمر عن السيطرة في ذلك البلد، وتقدير أعداد الضحايا ببضعة آلاف، كان يدق ناقوس خطر، ويحرض على التكاتف، بغض النظر عن الاختلافات السياسية

بالنسبة للأمريكيين كانت هناك عدة أسئلة فلسفية حول مساعدة إيران، ومد يد العون لها. النظرة التي كانت تسعى لفصل الإنساني عن السياسي لم تكن تجد ترحيباً، رغم أن بعض من في الإدارة كانوا يدعمونها لأسباب منها، محاولة تحسين صورة الولايات المتحدة. الجدال حول هذه النقطة المرتبطة برفع العقوبات عن إيران، ظل مستمرًا لبضعة أسابيع. بالنسبة للأجنحة المتشددة داخل دوائر صنع القرار الأمريكية، كانت تلك لحظة مناسبة لإجبار إيران على الرضوخ، وإشعارها بأنها لا تستطيع مواصلة لعبة التحدي المشتعلة منذ ما يقارب العام، التي تسببت في وقوع كثير من الخسائر والضحايا. إيران بدورها لم تكن تساعد كثيراً المتعاطفين معها، فهي من ناحية كانت تحاول توظيف الجائحة كدعاية ضد العقوبات، وضد الولايات المتحدة التي منعتها من امتلاك ما يكفي من معينات لتطويق انتشار الفيروس، ومن ناحية أخرى فإن أذرعها العسكرية الإقليمية، لم تكن في معظمها في مرحلة هدنة، بل لم تمنعها الكارثة الإنسانية، التي كانت تشغل العالم، من مواصلة أعمالها التخريبية وهجماتها، ولا أوقفت تصريحات التهديد التي كانت تطلقها قياداتها السياسية والعسكرية

القضية الأخرى التي شغلت الأمريكيين كانت متعلقة بشبح الكساد الكبير، وهي التجربة التي لا يريدون لها أن تتكرر. الرئيس ترامب من خلال مسؤوليته السياسية، وأيضاً من خلال كونه في الأساس رجل أعمال، لم يكن يريد خسارة تجارته ولا التضحية برفاقه الآخرين من محركي الاقتصاد الأمريكي، وهو ما فسر رؤيته التي صارح بها شعبه والتي قال بموجبها إن الإغلاق يجب أن لا يشمل جميع أنحاء البلاد، وأنه يجب أن ينتهي بأسرع وقت ممكن، حتى إن كان الخطر الصحي ما يزال جاثماً. بحسب منطق ترامب ومن يؤيده، فإن المرض قد يؤدي في أسوأ السيناريوهات لموت مئة إلى مئتي ألف أمريكي، ولكن إفلاس الشركات والبنوك ومؤسسات التأمين سوف يؤدي إلى تشريد الملايين، وبطريقة أو بأخرى، لموتهم أيضاً. هذا الجو العالمي كان مشجعًا لتوالد نظريات المؤامرة، من المؤامرة الصينية على العالم، إلى المؤامرة الأمريكية، إلى الحديث عن كون هذا الفيروس ليس فيروساً أصلاً، بل غازا ساما، وغيرها مما يصعب الجزم في هذه المرحلة بصحته، لاسيما وأن هذه النظريات تشترك في استنادها إلى بينات لا يمكن إنكارها، كانطلاق هذا الوباء من الصين، أو كون هذا الفيروس مصنّعا معملياً، أو وجود ما يعرف في أدبيات التسلح بالحرب البيولوجية أو الجرثومية

تظهر الصين، كتجربة ناجحة على صعيد تحقيق التضامن الدولي بمبادرتها لمساعدة الأوروبيين والأفارقة، بل الأمريكيين أيضاً

كل ما سبق يعد من الحقائق التي لا خلاف عليها، لكن هل يمكن أن تكون دولة ما من الجنون بحيث تقوم بإطلاق فيروس قاتل كهذا، وهل يمكن أن يكون العقل الذكي الذي أنتجه غير مبالٍ بالآثار التي يمكن أن تصيب بلاده نفسها، أو الكثير من الأبرياء حول العالم؟ أم أن الأمر خرج عن السيطرة في لحظة ما؟ لحظة كورونا كانت مناسبة للكاتبة الاستقصائية الشهيرة نعومي كلاين، صاحبة كتاب «عقيدة الصدمة» للتذكير بما سبق أن شرحته في كتابها، الذي انتشر على نطاق واسع، والذي اعتبرت فيه أن الاقتصاد النيوليبرالي الذي يسيطر على العالم، إنما يتغذى على الأزمات، فإن لم تكن هناك أزمات فهو يخلقها. بحسب كلاين فإنه، كلما كانت الأزمة كبيرة، كانت لحظة الصدمة أطول، وهو ما يحتاجه الاقتصاديون، والساسة المتوحشون، للقيام بإجراءات قاسية، ما كان يمكنهم القيام بها في الأوقات الطبيعية، ولا كان الناس سيسمحون بتمريرها بدون مقاومة. كلام كلاين مقنع في الظروف الطبيعية، ومثالها الشهير، الاستفادة من إعصار كاترينا وغيره من الكوارث الطبيعية، لإعادة صياغة الاقتصاد، يبدو مناسباً لقراءة ما حدث خلال حقب سابقة، من قبيل ما قامت به الولايات المتحدة بعد احتلال العراق، عبر المنظمات التمويلية، من خلال ما يسمى بمشاريع «إعادة الإعمار»، وصولاً لابتكارها بزنس الخدمات العسكرية والأمنية (بلاك ووتر نموذجاً)، لكن لعل الأمر هو هذه المرة مختلف قليلًا، فليس الأمر متعلقا بصدمة محدودة الزمان أو المكان، بل هو كارثة حقيقية يصعب التحكم بها أو توجيهها. بالقدر ذاته يصعب الاستسلام للنظرية الرائجة الأخرى من وجود نية مسبقة لدى الدول الكبرى للتخلص من المرضى وكبار السن

من متعلقات الحاضر أيضاً السؤال عن مستقبل الاتحاد الأوروبي، الذي تعرض خلال السنوات السابقة لحملة انتقادات وتشكيك واسعة. لن يكون الأمر متعلقاً هذه المرة فقط بالتيارات اليمينية، أو القومية المتشددة التي ترى في مفاهيم الأمن الجماعي والاندماج خطراً على هويتها، ولكن ذلك سيمتد ليضيف مناصرين جددا لهذه التيارات في الشرق الأوروبي، ولكن أيضا في بلدان كإيطاليا وإسبانيا، اللتين بدتا وكأن حلفاءهما الأوروبيين قد تخلوا عنهما وهما في أمس الحاجة، بما يذكر بما حدث في ذروة اشتداد أزمة اللاجئين

اليوم، وفي الوقت التي يظهر فيه الاتحاد الأوروبي كمؤسسة مرتبكة، والولايات المتحدة كدولة عاجزة وقابلة للتضحية بالضعفاء من مواطنيها، تظهر الصين، رغم ما تتعرض له من حملات تشويه، كتجربة ناجحة ليس فقط على صعيد تجاوز الأزمة، ولكن أيضاً على صعيد تحقيق التضامن الدولي بمبادرتها لمساعدة الأوروبيين والأفارقة، بل الأمريكيين أيضاً. أما السؤال عن تأثير متغير كورونا على مستقبل العلاقات الصينية الأمريكية، خاصة الحرب التجارية القائمة حالياً، فلعله يحتاج مقالاً مستقلاً

 
شريط الأخبار فيديو || المقاومة الإسلامية في العراق تهاجم هدفاً في غور الأردن "الاقتصادي والاجتماعي": موازنة 2025 تتصدر التحديات الاقتصادية لحكومة حسّان "الوطني للمناهج": لا نتعرض لأي ضغوط خارجية أو إملاءات لإدراج أو حذف أي موضوع في مناهجنا الإفراج عن الأسيرين الأردنيين النعيمات والعودات حملة لإنفاذ سيادة القانون في البترا المعايطة يوعز بالتحقيق في الفيديو المتداول لتجاوزات أثناء إلقاء القبض على أحد الاشخاص نائب الملك يشدد على ضرورة الارتقاء بنوعية التعليم العالي ارتفاع سعر البنزين أوكتان (90) بنسبة 4% عالميا "اعتماد التعليم": لن يكون هناك برامج راكدة بالجامعات خلال 2-3 سنوات صالح العرموطي رئيسا لكتلة نواب "العمل الإسلامي" الأمن العام يوضح تفاصيل التعامل مع التجمع الاحتجاجي في البترا مكاتب استقدام الخادمات.. الوزير خالد البكار والخيارات المفتوحة في الامتحان الأول الأردن يعـزي إيـران بضحايا حادث انفجار منجم للفحم في إقليم خراسان من هو (فادي) الذي حملت صواريخ حزب الله اسمه؟ الحبس ل 4 أشخاص في الكرك خططوا لقتل مسؤولين مكافحة المخدرات تلقي القبض على 19 تاجراً ومروجاً للمخدرات اللواء الركن الحنيطي: القوات المسلحة مستعدة لتنفيذ أي مهمة دفاعية لحماية حدود المملكة الأوراق المالية توافق على طلب تسجيل رفع رأس المال لـ شركة "المتحدة للتأمين" إصدار 326 ألف شهادة عدم محكومية إلكترونيا منذ بداية العام الحالي إلغاء الإجتماع غير العادي لشركة الأردن الدولية للتأمين