إذا صحت تقديرات وزير التخطيـط بأن المساعدات الخارجية التي يتوقع أن يتلقاها الأردن خلال هـذه السنة ستبلغ 9ر2 مليار دولار أي ما يعادل مليارين من الدنانير، فإن هـذه السنة ستمر على خير، فماذا عن السنة القادمة؟.
وزارة التخطيط لا تحب أن تميز بين المنح والقروض السـهلة وتعتبرها جميعاُ مسـاعدات، وفي هذه الحالـة فإننا نقدر أن 5ر1 مليار دينار من (المساعدات) ستكون بشـكل منح وإن الباقي سيكون بصورة قروض (ميسـرة) تدخل في حساب الدين العام.
عجز الموازنة المقرر هو 16ر1 مليار دينـار، فإذا أضفنا إليه مبلغ 580 مليون دينار سترد في الملحق الأول كنفقـات إضافية تم الالتزام بها أو صرفت فعلاً دون أن تكـون مغطاة في الموازنة الأصلية، فإن العجز سـيرتفع إلى 74ر1 مليار دينار، تأتي المنح الاسـتثنائية لتغطية الجزء الأكبـر منها، فلا يبقى سوى عجز محـدود بالأرقام المطلقة والنسبية.
السؤال الذي يجب أن يشـغل البال يخص المستقبل، فهل يكفي حل مشكلة هذه السنة بطرق استثنائية ليس هناك ضمانة بتكـرارها في العام القادم، أم أن على الحكومة أن تفكر لأبعد من أربعة أشهر باقية من هذه السـنة؟.
ما يحدث في سنة 2011 يعطي نتائج جيـدة، ويمكـّن الأردن من اجتياز سنة صعبة بأقل الخسائر، ولكنه لا يشـكل حلاً ولا يطرح أسـلوباً عملياً لحل المشكلة الجذرية في المقبل من السنوات.
السياسة المالية المعتمدة هي الإنفاق حسـب الحاجة والضغـوط ومن ثم البحث عن موارد ماليـة، وقد جاء الوقت لكي نعكس هذا الأسلوب، فنقرر سـلفاً ما هي الموارد المتوفرة ثم نسـمح لأنفسـنا بالإنفاق ضمن هذه الموارد، أما استمرار العيش على مستوى أعلى مما تسمح به الإمكانيات، فهو إجـراء مريح في الأجل القصير ولكنه خطير في المسـتقبل غير البعيد.
الحكومات الأردنية ذات أعمار قصيرة لدرجـة لا تجعل أية حكومة تقلق حول السـنة القادمة، فالمهم اجتياز هذه السـنة وترحيل ما أمكن من أعبائها إلى المستقبل، ولذلك فإن أية حكومة جديـدة تجد نفسـها أمام تحديات ثقيلـة بشكل مديونيـة والتزامات مستحقة وغير مسـددة.
جاء الوقت لإعداد أجنـدة مالية عابرة للحكومات وسيناريو يغطي ثلاث إلى خمس سـنوات متحركة لنعرف أين نقف وإلى أين نتجـه.