اخبار البلد _ حذر رئيس الوزراء الأسبق علي أبو الراغب من تحديات يواجهها الأردن لا تنفع معها المجاملات.
وقال في محاضرة بالجمعية الأردنية للعلوم والثقافة "أتعبونا (الهتيفة).... والمنافقون لم ينقلوا لصانع القرار ما يجري بأمانة فهناك تذمر وتخوف من المستقبل وشعور بالإحباط والغضب وهذه تحديات حلها يحتاج الى عمل مستمر وإرادة ونحن مشاكلنا بالنسبة للآخرين أقل ولدينا قيادة تاريخية وتعقل وإرادة في مواجهة التحديات ومطلوب إصلاحات دستورية وسياسية واقتصادية واجتثاث الفساد ومحاسبة الفاسدين".
وتحدث أبو الراغب في الندوة التي عقدت مساء الأربعاء الماضي وأدارها السفير السابق فالح الطويل عن ملفات ساخنة مطروحة على مائدة الحوار الرسمي والشعبي في الأردن من تعديلات الدستور والخصخصة والوطن البديل والاحتجاجات الشعبية وكشف عن تفاصيل وخفايا دارت في فترة حكومته الأطول عمرا في عهد الملك عبد الله الثاني ما كان ليتحدث عنها لولا انتقادات تعرض لها خلال الحوار المفتوح.
التطورات العربية وتعديلات الدستور
أشار أبو الراغب في مستهل الحوار إلى محاضرة عقدها قبل سنتين في الجمعية ذاتها وعرض فيها لتقرير قرأه في مجلة الاقتصاد "ذي اوكونوميست" يتحدث عن تنامي فساد في البلاد العربية من تزوير وتوريث مناصب وسوء أوضاع وتخلف, وتوقع كاتب التقرير ثورات في العالم العربي ونشر التقرير بتاريخ 23 /7 /2009 تحت عنوان تقرير خاص عن البلاد العربية.
وعلق أبو الراغب "كلنا كسياسيين استبعدنا ذلك لكنه تحقق جزء منه والمسميات في بلادنا اختلفت بين تسونامي وربيع او خريف عربي ولكن في الأردن كانت الاحتجاجات سلمية والأردن بقيادة الملك أثبت أنه قادر على تلبية تطلعات الناس واحتياجات الوطن"
واستعرض أبو الراغب رأيه في جملة المتغيرات التي استجدت على الساحة الأردنية وأولها التعديلات التي طرأت على الدستور الاردني فقال ان اللجنة قامت بعمل ايجابي وجيد رغم الضغط النفساني وضغط الشارع ولكن كان ممكن تطوير التوصيات مؤكدا ان اللجنة التي راعت عدم المساس بصلاحيات الملك.
واشار ان التعديلات تضمنت نقاطا جيدة مثل (مدة إطالة الدورة العادية, تمديد انتخاب رئيس المجلس, هيئة مستقلة للانتخابات, إلحاق موازنات المؤسسات المستقلة بالموازنة العامة, تقرير ديوان المحاسبة, قانون الانتخاب). وقال كلها أمور جيدة وعدم التعرض لانتخاب مجلس الأعيان جيد الذي قال أنه صمام أمان للتشريعات".
كما أشار انه "كان من الممكن دراسة المادة 51 من الدستور حول المسؤولية المشتركة في قرارات الحكومة فمثلا موضوع الكازينو أثار إشكالات من دون القدرة على تحديد المسؤولية المنفصلة والمشتركة في صلاحيات مجلس الوزراء والتوصيات لم توضح أين المنفصلة والمشتركة, إضافة أن المادة 45 تتضمن الحديث عن مسؤولية الحكومة بإدارة شؤون الدولة وعدم تدخل جهات أخرى في عملها وكان يجب أن يوضع توضيحات في الدستور حول هذا".
المحكمة الدستورية
وأيد أبو الراغب فكرة المحكمة الدستورية من حيث المبدأ لكنه فضل أن التعديلات اقتصرت على نص تشكيل المحكمة بقانون من دون الإشارة إلى تفاصيل".
وحول قانون الانتخابات أيد التوجه لتأسيس هيئة للرقابة لا تكون تابعة لجهة ولكنه انتقد التوصية بأنه إذا حل مجلس النواب يجب إجراء انتخابات خلال 4 شهور فمنذ تأسيس المملكة وحتى الآن لم تجر انتخابات والمجلس قائم.
وقال ان فترة 4 شهور غير كافية فالانتخابات عملية ليست بسيطة.
الفساد والوضع الاقتصادي
وتحدث أبو الراغب عن الوضع الاقتصادي في المملكة فقال أن "المعطيات تشير أن التضخم المتوقع 5% لهذا العام وأشار تقرير للبنك الدولي أن نسبة ارتفاع أسعار المواد الغذائية 33% لعام 2011 وهذا تحد للفقراء والطبقة الوسطى, وأما البطالة فوصلت نسبة 14%ونسبة الفقر كانت 13% عام 2008 والآن 25 %".
وتابع أبو الراغب أن "الفساد حسب تقارير دولية قبل 2004 كان في حده الأدنى في الأردن وبعد هذا العام كان مقلقا وخاصة في أعوام 2008/2009" موضحا أن "ايجابيات سنوات الطفرة وهي 2004/2008 لم يتم التعامل بأسلوب علمي معها وتآكل العائد بسبب سوء إدارة المال العام والترهل".
وعاد أبو الراغب بالذاكرة إلى سنة 2000 عندما كان عبد الرؤوف الروابدة رئيسا للوزراء واستحضر قوله بأن "الاقتصاد في غرفة الإنعاش" وبين أبو الراغب "كنت رئيسا للجنة المالية في البرلمان آنذاك والآن أقول أن الاقتصاد الأردني في عام 2011 في غرفة الإنعاش ومصحة المعالجة النفسانية حيث نعيش انقباضا واكتئابا اقتصاديا, وجميع فئات الشعب تشكو من عدم الارتياح للأوضاع المعيشية".
ودعا أبو الراغب الحكومة إلى الالتزام بتوجيهات الملك فيما يتعلق بالمشاركة الفاعلة بين القطاع العام والخاص لدفع عملية التنمية, فالحكومة بدفع استحقاقات عليها وتنفيذ مشاريع تنموية مما يؤثر على الدورة الاقتصادية.
وأشار انه" في فترة التسعينيات عشنا مع صندوق النقد سنوات صعبة وكان برنامج لإصلاح الاقتصادي تحت وصاية الصندوق النقد الدولي يعني رفع الدعم, وإذا لم يتم اتخاذ إجراءات لتدارك الموقف فإن ذلك سيكون مكلفا في المستقبل"
وقال أن "حوار الحكومة مع القطاع الخاص خرج بتوصيات لكن الحكومة غير جادة حسب قناعات اللجان وهناك قطاعات تواجه مشاكل ولا تجد آذانا صاغية ووزراء يتصرفون بعرفية مع القطاع الخاص".
السياسة الاستثمارية والضريبية
وانتقد أبو الراغب بعض السياسات الرسمية القريبة العهد تجاه الاستثمار فقال أن "إحدى الحكومات تعطي حوافز لمشاريع مثل مشروع العبدلي على حساب كل أردني والمشروع لا يوجد فيه قيمة مضافة وشركات أجنبية تبيع مواد مستوردة معفاة من الضرائب والجمارك على حساب المنتج الوطني كما أن مشروع سرايا العقبة أتاح للمستثمر أخذ الدونم بسعر زهيد لغايات انجاز مشروع متميز ولكن للأسف الآن مدخل العقبة تحول إلى هياكل عظمية دون مشاريع".
وحول السياسة الضريبية قال " قانون ضريبة الدخل يحابي الشركات الكبرى ومن يحقق الربح الأكثر ويحابي الاستثمار الأجنبي, وتستءل لماذا لا تكون ضريبة تصاعدية ?! فهذا القانون لا يدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة".
التخاصية
وتطرق أبو الراغب إلى موضوع التخاصية وتساءل "لماذا لا تتقدم الحكومة بشرح ما تم حول التخاصية للمواطنين وأن هناك تخاصية صحيحة بنتائج سليمة وأخرى صحيحة بنتائج غير سليمة وأخرى غير صحيحة مع العلم انه قبل عام 2004 كانت الخصخصة شرط لصندوق النقد الدولي".
وعبر عن اعتقاده أن هناك مؤسسات حكومية ما كان يجب خصخصتها ولكنه استدرك بالقول" هناك أخطاء حدثت في الإدارة وسببت الخسائر والحكومة ليست شفافة بما يتعلق بملف الخصخصة, فنحن تخرجنا عام 2004 من صندوق النقد الدولي والخصخصة كانت مطلوبة وبعد ذلك لم يكن لها داع في بعض المجالات" وقال أن الإدارات الفاسدة والفاشلة أفسدت القرارات الصحيحة.
وتابع يقول"ما ضاع من وقت في الحديث عن خالد شاهين والكازينو لو استغل لتم حل نصف مشاكل البلد. وعن فكرة منح حوافز لفعاليات اقتصادية ناجحة وبما انه لا تتوفر لدى الحكومة نقود لدعم الاستثمار ليعطوا حوافز وتسهيلات للمشاريع المتوسطة والصغيرة وخاصة في المحافظات الفقيرة بدلا من تعقيد شروط الاستثمار فالمستشفيات مثلا يطلب منها عوائد تنظيم باهظة فأين الحوافز?".
وحول منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة قال "أن قرار تأسيسها كان صحيحا ولكن في الوقت التي ركزت الإدارة في على العقبة على الاستثمار تم إغفال بناء قاعدة اقتصادية اجتماعية فيها".
انتقاد وصراحة سياسية
بعد هذا الحوار ترك أبو الراغب المجال لمناقشات ليكشف في ردوده من خفايا فترة وزارته الأطول في عهد الملك عبد الثاني التي وصلت الى 40 شهرا ويشرح موقفه من قضايا كثيرة, فكان أول المتحدثين الوزير الأسبق د.عبد الحافظ الشخانبة الذي انتقد ممارسة الحكومات الولاية العامة لوجود دوائر تدخلت في عمل الحكومة وعدم إحساس المواطن بتحسن ملموس في حياته تلك الفترة.
وسأل النائب الأسبق رياض صرايرة أبو الراغب الذي تزامل معه في البرلمان عن سبب حله للبرلمان.
وقال نائب رئيس الجمعية د. وليد الترك أن"ما يعني المواطن الاردني في الإصلاحات العدالة والمساواة وسيادة القانون وهو أساس للاضطرابات.
أبو الراغب رد على الانتقادات مشيرا أنه كان "حريصا على الولاية العامة لكن الأحداث التي جرت من انتفاضة وسقوط بغداد أثرت في المسار والقرار وأنا قمت بحل مجلس النواب في حزيران عام 2001 بعد دورة عادية رابعة دستورية ودورة استثنائية وكان هناك اجتياح إسرائيلي للضفة الغربية ولم أكن مستعدا لأجري انتخابات في ظل هذه الظروف التي كانت صعبة وكان الأردن يشهد مظاهرات ليل نهار, ولكن مع ذلك التزمت حكومتي بإجراء انتخابات نيابية عام 2003 كانت نزيهة".
القوانين المؤقتة وحل البرلمان
وحول القوانين المؤقتة التي أصدرتها حكومته في غياب البرلمان وعددها زاد عن 200 قانون مؤقت قال " أعطت المادة 94 من الدستور الأردني الحق لمجلس الوزراء بموافقة الملك أن يضع قوانين مؤقتة عندما يكون مجلس الأمة غير منعقد أو منحلاً, وبسبب الظروف الصعبة التي واجهناها لم نكن نعلم على وجه اليقين متى ستجرى الإنتخابات وبالتالي فلم يكن لدينا قرار مسبق بإصدار كل تلك القوانين. كنا نتفهم النقد الذي يوجه إلينا بخصوص التوسع في إصدار تلك القوانين ولكننا كنا أمام تحديات داخلية وخارجية تستوجب منا اتخاذ كل قرار أو أجراء ضروري لتحديث البنى القانونية والإدارية والاقتصادية استجابة للمستجدات العالمية في كل الميادين ولإعادة تأهيل المجتمع والدولة في مواجهة متطلبات الألفية الجديدة. على العموم فقد أصدرت حكوماتي الثلاثة 214 قانوناً مؤقتاً منها 80 قانوناً جديداً, بمعنى أنه كان لدينا فراغ تشريعي في تلك الفترة إزاء مستجدات تطلبت وضع تشريعات جديدة تحكمها أما البقية 134 فقوانين معدلة منها ما عدلت مادة واحدة بل وفقرة من مادة في بعض الأحيان
وقد قلت مؤخراً إنني مستعد لتمويل دراسة محايدة لهذه القوانين للتدقيق في دستوريتها وما إذا كانت ترتب أية ضرائب إضافية على المواطنين والتدقيق فيها ومراعاتها للمصالح العليا التي فرضتها تلك المرحلة على الحكومة من حيث الأسباب الموجبة والأطراف صاحبة العلاقة".
الوطن البديل
النائب الأسبق سليمان عبيدات طرح سؤالا حول شبح الوطن البديل وسيناريوهات المستقبل, فقال ابو الراغب "هناك جهود إسرائيلية متطرفة لطرح موضوع الوطن البديل لكن الأردن دولة ذات سيادة لها أدواتها ونواجه هذا التحدي بالوحدة الوطنية وللأسف عندنا جهات تعمل بنوايا حسنة أو غير حسنة لاستغلال هذا الموضوع وإثارة قصة (فلسطيني- أردني) وهذا مزعج وإثارته يهدف الضرر بهذا الوطن".0
أبو الراغب : أتعبونا (الهتيفة).. والمنافقون لم ينقلوا لصانع القرار ما يجري بأمانة
أخبار البلد -