اخبار البلد - قالت دراسة إسرائيليّة، أعدّها مركز بيغن ـ السادات في تل أبيب، إنّه من المُبكّر في الوقت الراهن التنبؤ إلى أين تتجه المملكة الأردنيّة الهاشميّة، فمن غير المستبعد أنْ يتمكن الملك عبدالله الثاني من استيعاب الاحتجاجات كما حدث في المملكات الأخرى مثل المغرب والسعوديّة، وإرضاء الشباب الذين يطالبون بالإصلاح، ولكن بالمقابل، قال معّد الدراسة، رئيس المركز البروفيسور إيال زيسر، إنّ القرب الجغرافيّ للمملكة الهاشميّة من بؤر الاحتجاج، أيْ سوريّة ومصر، يجعل اندلاع الربيع العربيّ في الأردن أمرا من الصعب منعه.
وزادت الدراسة، التي نشرتها صحيفة "القدس العربي" اللندنية في عددها الصادر الإثنين، أنّه حتى اليوم تمكن الملك الأردنيّ من تحويل الأنظار إلى الحكومة وكبار الموظفين، وبموازاة ذلك، فإنّ المحتجين امتنعوا حتى الآن من التظاهر ضدّ الحكم الملكيّ، كما أنّه في الفئات التي تعتبرها الدراسة هامشيّة هناك مطالب بتحويل المملكة إلى مملكة دستوريّة، بحيث تضع حدودًا لصلاحيات الملك، كما هو الحال في بعض دول أوروبا الغربيّة، ولكن البروفيسور زيسر يرى أنّه من المستحيل تطبيق النموذج المذكور في منطقة الشرق الأوسط، لأنّه سيؤدي في نهاية المطاف إلى إلغاء المملكة.
وشدد على أنّ تهديد استقرار المملكة الهاشميّة هو أيضًا تهديد للهدوء الذي يُميّز الحدود الشرقيّة للدولة العبريّة، لافتًا إلى أنّ هذا السيناريو بات مرعبًا للغاية، ولكن من ناحية أخرى، من الصعب بقاء المملكة تتابع الأمور في المنطقة، ذلك أنّها ليست محصنة من الثورات والانتفاضات العربيّة التي عمّت وتعم الدول المجاورة، على حد قوله.
وساقت الدراسة أنّ الثورات العربيّة تحوّلت إلى حروب طاحنة بين الحاكم ورعاياه، مثل اليمن وسوريّة وليبيا. وحتى في الدول التي نجحت فيها الثورة، مثل مصر وتونس، فإنّ الأمور ليست على ما يرام، ذلك أنّ الزخم لم يعد يعمل لصالح المحتجين، ولا يُستبعد بالمرّة القول إنّ الموجة الثوريّة في العالم العربيّ وصلت إلى طريق مسدود، وعلى الرغم من ذلك، لا يمكن بأيّ حال من الأحوال التساهل مع موجة الاحتجاجات التي عصفت بمنطقة الشرق الأوسط، إذ أنّ هذه الموجة أحدثت هزّة أرضيّة حقيقيّة ودمرّت النظام الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الذي حكم المنطقة عشرات السنين.
وحتى إذا لم تتمكن الثورات العربيّة من تحقيق الديمقراطيّة المنشودة، بل حدث العكس، فإنّه يمكن القول الفصل، بحسب الدراسة، إنّ ما كان لن يعود.
وعلى وقع هذه الأمور، تقول الدراسة، يجب الالتفات إلى الجارة من الشرق؛ الأردن التي لم يصلها بعد المد الثوريّ، لعدّة أسباب منها أنّ النظام الملكيّ في الأردن يُعرف بيده الناعمة وبسياسته المعتدلة تجاه المواطنين، وبالتالي فإنّه خلال الفترة الماضية لم يُرب أجيالاً من أولئك الذين يكرهونه، كما هو الحال في مصر وسوريّة، كما أنّه يجب التأكيد على أنّ المملكة، خلافًا للجمهوريّة الاشتراكيّة، مقبولة في المنطقة، وللتدليل على ذلك، فإنّ الأردنيين قبلوا الملك عبد الله الثاني بعد وفاة والده الملك حسين، في حين أنّ المصريين، أقاموا الدنيا ولم يُقعدوها عندما علموا أنّ هناك نيّة لتوريث جمال مبارك بعد والده. واللافت، وفق الدراسة، أنّ المملكات التي كانت في الخمسينيات والستينيات من القرن الفائت تعتبر زائلة خلال فترة قصيرة، هي التي تحافظ حتى اليوم على الاستقرار، بينما النظام الثوري في مصر قد انتهى، وفي سوريّة ما يزال الوضع غير معروف.
ومع ذلك، فإنّ من عوّل على أنّ الاحتجاجات لن تصل إلى الأردن كان على خطأ، حيث تبيّن أنّ الأمور عاصفة.
كما رأت الدراسة أنّه ،كما هو الحال في سوريّة ومصر، فإن في الأردن أيضا رزمة من الأسباب لاندلاع الاحتجاجات، منها الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعاني منه المواطنون، واتساع الفجوات بين مركز الدولة وبين الضواحي، بالإضافة إلى الفساد الذي طاول أركان المملكة السياسيين، والسبب الرابع يكمن في رغبة الشباب في المملكة بتغيير شكل الحكم القائم في الأردن، ذلك أنّ الشباب الأردنيّ لا يمكنه بعد تقبل النظام الحالي، حيث إنّ الملك يتمتع بصلاحيات غير محدودة.
ويأتي هذا الأمر في الوقت الذي تمكن فيه الشباب المصريّ من هزيمة مبارك، في حين ما يزال الوضع في سوريّة مجهولاً، وبالتالي يقول البروفيسور زيسر إنّه يجب الافتراض بأنّ الطريق المسدود الذي وصلت إليه الثورات العربيّة ردع الكثيرين في الأردن من تصعيد الاحتجاجات ضدّ النظام الحاكم بسبب الخشية من إدخال المملكة في حالة من الفوضى العارمة، لافتًا إلى أنّه لم يكن من باب الصدفة أنّ دبلوماسيين أميركيين صرحوا بأنّ الإدارة الأميركيّة غير معنيّة بإسقاط الأسد، خوفًا من أنّ الملك الأردني سيكون أوّل من يدفع ثمن إسقاط الأسد بسوريّة، ففي نهاية المطاف، كما ترى الدراسة، فإنّ القرب الجغرافي بين سوريّة والأردن قد يؤدي، في حال سقوط نظام البعث في دمشق، إلى تفاقم وتصعيد موجة الاحتجاجات في المملكة الهاشميّة.
ولاحظت الدراسة أنّ الفلسطينيين في الأردن يحافظون على الهدوء، ذلك أنّ قسمًا لا بأس به منهم ينتمون إلى العائلات الثريّة في الأردن، ووضعهم الاقتصادي مرضٍ، خلافًا لوضع القبائل وسكان الضواحي، الذين يقودون حملة الاحتجاجات، ولكنّ هناك توترات مفهومة في المملكة بين الفلسطينيين والأردنيين، بين سكان المركز وسكان الضواحي، كما أنّ الفروقات الاقتصاديّة في اتساع مستمر، هذه الأمور مجتمعة قد تنفجر يومًا.
وتابعت الدراسة أنّ حركة الإخوان المسلمين تحترم العائلة المالكة، وتحافظ على علاقات معينة معها، ولكنّ هذا الوضع لن يستمر إلى ما لا نهاية، فالحركة تستعد للمشاركة المكثّفة في حال وصول المد الثوريّ .... إلى الأردن.
وخلصت الدراسة إلى القول إنّه منذ بداية السنة كانت المظاهرات في المملكة الهاشميّة قليلة وشاركت فيها أعداد قليلة من المواطنين، ولكن المظاهرات التي اندلعت في منتصف شهر تموز (يوليو) الماضي في العاصمة عمّان، وفي عددٍ من المحافظات كانت واسعة النطاق، وأكدت على القدرة الكامنة لدى الشعب الأردنيّ في إنجاح الاحتجاجات. ومن الواضح جدًا أنّه في حال اندلاع موجة الاحتجاج في الأردن، فإنّ هذه الموجة ستطاول كافة أركان الدولة، على حد قول البروفيسور زيسر.
دراسة إسرائيلية: الأردن ليس محصنا من الانتفاضات
أخبار البلد -