سائق سيارة الخبز

سائق سيارة الخبز
أخبار البلد -  



بيدي المغلولة عن كل شيء. أكتب لك. يا حبيبي. من الخندق ذاته حين كنا ستة رجال. نحن اليوم أربعة وجثتان؛ سأضع لك هذه الرسالة في جيب واحدةٍ منهما حين تأتي سيارة الخبز مساء لتنقل الجثث.
لا شيء تغيَّر هنا. فالموت لا يعد في أعراف الحرب تغييراً يستوجب الإبلاغ عنه. لذلك لا شيء تغيَّر.
فقط كنا ستة رجال في هذا الخندق وصرنا أربعة.
وها أنا أكتب لك متكئاً على ظهر واحدٍ من رفيقي الاثنين اللذين ماتا في العاشرة والنصف من مساء الليلة الماضية. لم يتغير شيء.. كأنهما ناما مبكراً عن موعد النوم، وبخلاف أن حصَّتنا نقصت رغيفين من الخبز فلم تتخذ القيادة أي إجراء هذا الصباح!
أما عن سؤالك كيف تسير الأمور، فقد ضجَّ الخندق بالضحك حين قرأتُ سؤالك لرفاقي بصوتٍ عالٍ.
وقد ضجَّت الكتيبة بالضحك حين تناقل الرفاق السؤال صباحاً وهم يحفرون خنادق جديدةً، بكفاءةٍ أعلى!
لا شيء يشغلنا هنا في الحقيقة. قد يصدمك ذلك. لكنَّه لا شيء يشغلنا. الحرب ليست مخيفة وجهاً لوجه. كنت أشعرُ بالرعب حين أراها على التلفزيون، لكنها في واقع الأمر، وحين تجلسُ إليها في خندقٍ صغيرٍ بعرض مترين، تصيرُ مثل أي حيوان يمكن استئناسه، ولا يعود ثمة فرق بين يدك ويد الجثة التي تسندُ ظهركَ إليها.
لا شيء يشغلني أنا الآن مثلاً سوى انتظار سيارة الخبز في المساء، لأرسل لك هذه الرسالة، في جيب رفيقي الذي سأستعير بدلته وأرسله بملابسه الداخلية!
لا أحد هنا يفكر مثلكم -وأنتم تتحلَّقون حول التلفزيون- بالانتصار!
نحن أقصى ما يشغلنا نفاد علبة السجائر، تلك هي الهزيمة التي ستودي بهذا الخندق لو حدثت. ولهذا فإن البطل الحقيقي في هذه الحرب هو سائق سيارة الخبز الذي يزوّدنا بالسجائر. ورغم أنه يسلبنا قروشنا الثمينة مقابل دخان رخيص يبيعنا إياه بضعفي سعره لكنَّه يحظى باحترام لا يحظى به قائد الكتيبة. أما الانتصار فهو أمر نسبي، مثل أن تحصل على علبة سجائر كاملة بالاحتيال، أو أن يفي سائق الخبز بوعده ويحضر لنا بضع بيضات مسلوقات بسعرٍ معقول!
هنا نحنُ لا نشاهدُ التلفزيون، لذلك لا نعرف عن الانتصار ما تعرفونه، ولم نسمع عن ذلك الخطاب المدوِّي الذي قيل فيه أنَّنا تقدمنا خمسين كيلومتراً داخل خطوط العدو. وربما في الحقيقة ذلك ما جعل سائق الخبز يتأخر ربع ساعةٍ إضافيةٍ في المساء!
وهذا يعني أن الوطن أيضاً أصبح خلفنا أبعد بربع ساعةٍ إضافية.
لا أعرف كيف أصف لك الحرب، لكنها تجلسُ في زاوية الخندق مثل قنفذٍ خائف، تنكمشُ على نفسها وتنام بجانبنا حين ننام، وتلتمعُ عيناها إن فكَّرنا بأطفالنا. تأكل في الليل بقايا أرغفتنا وأحياناً تحمل لنا إن جعنا من أرغفة عدوّنا. تخرجُ في النهار لنزهةٍ قصيرةٍ ثم تعود مقطوعة النَّفَس.
لا شيء في الحقيقة يشغلنا سوى انتظار سائق الخبز، وهو ما يجعلُ الأمر معقداً بشكل يصعب أن أشرحه لك؛ فكلّ تقدمٍ باتجاه خطوط العدو يجعلُ الوطن يبتعدُ للخلف ويجعلُ سيارة "التعيين" تتأخر و..الخ!

 
شريط الأخبار الجيش الإسرائيلي يعلن إصابة جنديين بانفجار عبوة ناسفة جنوبي غزة الأردن يدين مصادقة الحكومة الإسرائيلية على إقامة 19 مستوطنة غير شرعية في الضفة نقابة الصحفيين تدعو المؤسسات الإعلامية لإنهاء التسويات المالية المطلوبة قبل نهاية العام الأمن العام: وفاة جديدة لشاب في عمّان جرّاء الاختناق بسبب مدفأة... والتحفظ على على 5 آلاف مدفأة وزارة الاقتصاد الرقمي: براءة الذمة المالية أصبحت إلكترونية في عدة بلديات هل تعود الاجواء الماطرة على الأردن ؟ - تفاصيل شركس: "المركزي الأردني" استطاع ان يزيد احتياطياته لـ أكثر من 24.6 مليار دولار حريق حافلة شركة العقبة للنقل والخدمات اللوجستية.. اذا عرف السبب بطل العجب ! الشموسة تثير الجدل وتحذير أمني عاجل بعد حوادث مميته زخة شهب "التوأميات" تضيء سماء الوطن العربي الضمان الاجتماعي: الدراسة الاكتوارية تؤكد متانة الوضع المالي واستقراره الأمن العام: ندعو كل من يمتلك مدفأة من المتعارف عليها باسم الشموسة وبكافة أنواعها بإيقاف استخدامها بمشاركة مدراء مستشفيات وخبراء ..جامعة العلوم التطبيقية بالتعاون مع مستشفى ابن الهيثم يقيمان ندوة هامة عن السياحة العلاجية 4 ملاحظات خطيرة تتعلق بديوان المحاسبة امام دولة الرئيس علي السنيد يكتب: كبار الشخصيات العامة يفشلون المبادرات الرسمية مصادر: أميركا حجبت معلومات مخابراتية عن إسرائيل خلال عهد بايدن الملكة: أمنياتنا لكم بعام جديد يحمل السلام وتمتد فيه أغصان الأمل بين الأجيال الأردنية الفرنسية للتأمين تعقد إجتماعها العمومي العادي وتصادق على بياناتها 1.237 مليار دينار صادرات تجارة عمان خلال 11 شهرا تقرير نقابة ملاحة الأردن الحادي عشر.. نمو واضح ومؤشرات إيجابية عززت مكانة ميناء العقبة