من الذي بنى المدينة!

من الذي بنى المدينة!
أخبار البلد -   اخبار البلد 

 

لم ينشغل المصريون كثيراً بالسؤال، وافترضوا بخفّة دمهم الهائلة، أن من بنى مصر "كان بالأصل حلواني"، ثم أضافوا مفسّرين "علشان كده مصر يا أولاد.. حلوة الحلوات"!

وعموماً لا تنشغل المدن بمن بناها، لكنّها مثل النساء؛ كلّما امتلكت الشجاعة أكثر.. أفصحت عن "تاريخها العاطفي"!

والمقصود هنا بالبَنّاء ليس بالضرورة "الأب البيولوجي" للمدينة، فهو لا يحتاج إلى ذريعة يسوقها كي يُسجّلها باسمه. كما أنه لا يحتاج إلى شهادة بما فعل.. فذلك أقلّ مهامّه شأناً.. أن يفعل ما يفعله طائرٌ صغير، يُعدّ عشّه للسكن!

لكن من يبني المدينة، أي مدينة، كبُنية اجتماعية ومنظومة إنسانية وثقافية هو ذلك الذي نهضت المدينة على كتفيه معرفياً وحضارياً وثقافياً.

من يبني المدينة هو من يعطيها خلاصات معرفته وخبرته وتجاربه، ينعجن فيها، ويصير جزءا من هويتها، وتصير هي كلّ هويّته.

لم يكن الرئيس الأميركي أوباما سوى مهاجر إفريقي فقير، وقبل سنتين تنافس على رئاسة السلفادور مرشحان هما بالأصل مسيحيان فلسطينيان.. وفاز أحدهما!

(وما دمنا في موسم الرياضة الآن، فها هو اسم مدريد الإسبانية يرتبط باسم البرتغالي رونالدو.. أكثر مما هو لصيق باسم ملك اسبانيا! والذي نشر اسم برشلونة في الأرض هو فتى أرجنتيني اسمه ميسي).

وفي أوروبا مسؤولون كبار جدا وقادة جيش ورؤساء حكومات جاؤوا مهاجرين من أقاصي افريقيا وآسيا الفقيرتين.

المدن الحديثة والعواصم الكبيرة كلها بناها مهاجرون، جاؤوا من مدينيات جاهزة وناجزة إلى مكان في طور الظهور والتشكّل.

وهذا لا يعيب المدن، ولا ينتقص من تاريخيتها.

فالمدن تعيش أطول من بُناتها، ومن مدمريها، ها هو (نيرون مات. ولم تمت روما) كما قال درويش.

وحين تنجز المدينة، أي مدينة، تاريخها، وعقدها الاجتماعي، لا يتوقف تاريخها كثيراً عند الهويات. حيث يصير، أو يفترض أن يصير، للمدينة طابعها الكوسموبوليتي، أو مُواطَنَتها الجامعة، تلك القادرة على استيعاب وهضم كل الثقافات والهويّات الفرعية، وإعادة إنتاجها على نحوٍ متصالح ومُرحِّب، من دون أن تلفظ شيئاً منها أو تتنكَّر لإحداها.. فهي أوسع وأرحب وأكثر شمولية من مكوّناتها.

وهي ثقافة مدينية متسامحة، لا تختبئ من قرّاء الانثروبولوجيا، كما يختبئ التاجر من جابي الضرائب، شرطها الوحيد هو الحب وفضيلتها هي الامتنان.

لا تطرد أحداً من "جنّتها"، ولا تتعالى على أحد، وتعترف بـ"بائع الفستق" و"القَمّاش" و"الزارع" و"تاجر الحبوب" تماماً كما تعترف بـ"الصرّاف" الذي وضع رأسماله رهن نموّها وصيرورتها، و"العسكري" الذي سهر يحرسها، والمفكّر الذي صاغ مشروعها المعرفي.

أبناء المدينة، أيّ مدينة، هم آباؤها أيضا، يتشكّل وعيها الجمعي، من حصيلة ما أنجزوه على صعيد فردي، والمدينة وريثةٌ دائمةٌ وجاهزة لمن يغادر من أفرادها.. لكن لا فرد يرث المدينة. أو يحملها على ظهره في الليل حين يغادر.. أو يموت!

المحصّلة أن "الانثروبولوجيا" في النهاية هي الهويّة الأكثر ضرورية للناس في حياتهم، والأهمّ والأكثر التصاقاً باليوميّ والمُعاش من "الأركيولوجيا".. وكلاهما للمفارقة تصير ضحية "الأيديولوجيا" حين ينشبُ صراع غير أصيل وغير متسامح بين الهويّات الصغيرة...

جاء في الإنجيل (إن لم يبنِ الربُّ البيت فباطلاً يتعب البناؤون. إن لم يحرس الربُّ البيت فباطلاً يتعب الحرّاس).


شريط الأخبار "النقل البري" تفقد صلاحية المركبات العمومية استعداداً لفصل الشتاء نقيب المجوهرات علان : يوضح سبب تراجع فاتورة الذهب المستورد اخطاء نحوية في تغريدة مهند مبيضين ..والجمهور "مين اضعف هو ولا المناهج" ميقاتي: ليس لنا خيار سوى الدبلوماسية الملخص اليومي لحركة تداول الأسهم في بورصة عمان لجلسة اليوم الاحد .. تفاصيل الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل نبيل قاووق القيادي البارز بحزب الله الاحتلال يؤكد اغتيال القيادي بحزب الله نبيل قاووق الغذاء والدواء توافق على تسجيل 63 صنفًا دوائيًا لتعزيز الأمن الدوائي مهم من الضمان حول توزيع مبالغ مالية التعليم العالي تعلن عن بدء تقديم طلبات القبول الموحد لأبناء الأردنيات المتزوجات من غير الأردنيين قصة نجاح الطالب عنان عدنان رجب دادر من ذوي الاحتياجات الخاصة مصادر إسرائيلية: كنا نعلم مكان نصر الله منذ 3 أشهر ضيف "غير مخيف" يصل سماء الأردن الليلة "نصرالله لم يكن في مكان الاجتماع".. كيف اغتال العدو الأمين العام للحزب؟ بالصورة - نعش القائد الكبير: السيد نصرالله شهيدا على طريق القدس الظهور الأخير لأمين عام حزب الله اللبناني حسن نصر الله قبل اغتياله (فيديو) وفيات الاردن اليوم الأحد 29-9-2024 أجواء خريفية معتدلة فوق المرتفعات الأحد وانخفاض الثلاثاء فيديو || المقاومة الإسلامية في العراق تستهدف هدفًا حيويًا في "إيلات" هجوم عنيف بطائرات مسيرة انتحارية على قاعدة أمريكية في سوريا