أنهى مجلس النواب قانون نقابة المعلمين وشرع في البنود الأولى من قانون البلديات. وما تمّ حتّى الآن هو نصر كبير للإصلاح. وقد أسفر المجلس عن وجه إصلاحي واضح سوف يتممه في بقية القوانين المطروحه على جدول أعمال هذه الدورة الاستثنائية المزدحمة. ولعل المجلس لم يشهد مثل هذه الكثافة في اجتماعات اللجان وجلسات المجلس في أي وقت سابق.
قانون نقابة المعلمين الذي أقره المجلس معلم رئيس على التحول الكبير وولوج زمان جديد؛ فحتى بضعة أشهر خلت لم يكن واردا ولا حتّى في الأحلام وجود نقابة للمعلمين، وكانت المحاولة الأخيرة لتحجيم مشروع نقابة المعلمين هي إلغاء إلزامية الانتساب للنقابة، ولم تنجح هذه المحاولة لكن الإعلام لم يعط هذا الإنجاز حقه بقدر ما فعلت لجنة المعلمين التي أصدرت بيانا يشيد بقوّة بإنجاز المجلس، بل إن كثيرا من التشويه، بقصد أو بغير قصد، تصدر عناوين في الصحف والمواقع الأخبارية، أظهرت المجلس كأنه نصير للعرفية والقيود، وذلك بتحويل النصّ الذي يقول بامتناع "النقابة" عن النشاط الحزبي إلى معنى مختلف تماما هو منع "المعلمين" من الانتساب للأحزاب والقيام بنشاط حزبي! وهذا ليس واردا أبدا. وقد نشرت "الغد" يوم أول من أمس ردّ رئيس اللجنة القانونية الذي يوضح هذه الحقيقة.
وأول من أمس شرع المجلس بقانون البلديات. وكانت الحكومة قد قدمت في الواقع مشروعا لا يختلف في جوهره عن القانون السابق، لكن اللجنة الإدارية في المجلس، بمشاركة عدد كبير وغير مسبوق من النواب غير الأعضاء في اللجنة، قلبت القانون الى صيغة جديدة تمثل نقلة ديمقراطية نوعية، وصرفت جهدا ووقتا استثنائيين لتحقيق هذا التغيير الذي يطرح مفهوما جديدا ينسجم مع التوجه نحو اللامركزية والمزيد من المشاركة الديمقراطية. وفي النهاية، فإن الحكومة ابتداء بوزير البلديات تماشت مع اللجنة. والمشروع يستحدث فكرة المجالس المحلية المنتخبة في إطار البلديات، إضافة إلى إتاحة حق الانفصال للبلديات المندمجة، وقضايا أخرى مهمّة وعلى رأسها تأكيد الاستقلال المالي والإداري للبلديات. وقد كان النصّ الأصلي للقانون يقتصر على الاستقلال المالي فقط.
وقد يفكر البعض أن الترهل والمبالغة في التعيينات على قاعدة المحسوبية الانتخابية تجعل من الأفضل عدم منح البلديات الاستقلال الإداري، لكن مقابل الاستقلال يمكن تقوية الرقابة التي لا تسمح بمثل هذا الانفلات، إضافة إلى النصّ على وجود مدير إدارة للبلدية يقوم بالمسؤوليات التنفيذية تحت رقابة الوزارة وديوان المحاسبة. البنود الأولى للقانون احتوت عناصر التغيير الرئيسية، والمشروع على العموم يؤسس للمرحلة اللاحقة من مشروع اللامركزية والحكم المحلي.
هناك قوانين مهمّة كثيرة أمام الدورة الاستثنائية، من أبرزها قانون المالكين والمستأجرين. لكن في ما يتعلق برزمة الإصلاح السياسي، فإن المشروع الثالث على جدول أعمال المجلس هو إصلاح النظام الداخلي الذي سيمكن المجلس من العمل بطريقة مختلفة أكثر تقدما بما لا يقاس. وقد أظهرت أعمال الدورة الاستثنائية نفسها كم نحتاج إلى هذا التغيير الذي نستقبل به مشروع الإصلاح الدستوري الذي سيعزز دور ومكانة مجلس النواب في النظام السياسي الأردني.
المجلس يسفر عن وجه إصلاحي
أخبار البلد -